الأهداف الحقيقية من الفتنة السورية

mainThumb

02-03-2013 06:22 PM

 لقد تصوّروا أنّهم بسهولة بإمكانهم إسقاط النّظام في سوريا و لكن في سوريا صحيح هو نظام عسكري و لكنّه وطني و لم يحارب الدين و العقيدة مثل نظام  بورقيبة و بن  علي في تونس، و حزب البعث السوري حزب عقائدي وليس كمثل حزب التجمع في تونس و حزب مبارك في مصر أحزاب الانتهازيين و الفاسدين و المافيوزيين، و قد كنت متأكدا منذ البداية أنّه ليس من السهل الإطاحة بالنظام السوري و قد تناقشنا مع عدة أصدقاء عاديون لا علاقة لهم بالسياسة و منهم عجوز أمي، و قد كان هذا قبل بداية الأحداث في سوريا و قد كان الكل مجمع على أنّه لو ينجر الشعب الليبي و السوري لما حصل في تونس و مصر فستكون الكارثة عليهم و على أوطانهم و هذا ما حدث فعلا.

 
و في كلّ الحالات الغرب و من ورائه الكيان الصهيوني إن تمكنوا من إسقاط النظام السوري فهي تعتبر الجائزة الكبرى التي يغنمها النظام الدولي و من ورائه إسرائيل فقد تمكنهم هاته الفتنة من نظام تآمروا عليه منذ عقود ليسقطوه أو يطوّعوه و لكنّهم لم ينجحوا و لم يفلحوا.
 
و إن لم يتمكنوا من إسقاط النّظام السوري و تمكّن النظام من سحق المعارضين المتشددين فالغرب والصهاينة هم الرابحون، فقد يخلّصهم الجيش السوري بالنيابة من  السلفيين و من حيث لا يشعر و من حيث لا يدري المغرر بهم يكونوا قد دمروا أنفسهم و عائلاتهم و استنزفوا الشعب و الجيش و الوطن السوري و يقدمون بذلك خدمة للمتربصين بأمتنا و أوطاننا، و بالطبع الرابح في الحكاية الغرب و إسرائيل و الأنظمة العميلة في المنطقة.
 
كما يجب الإشارة إلى أنّ هاته الفتنة و الاقتتال في سورية مكن الأنظمة الخليجيّة من تصدير مشكلاتها إلى سوريا كما فعلت في الثّمانينات عندما صدّرت المشكلة مع الإسلاميين إلى أفغانستان، فإن للأنظمة الخليجية فائدة في إلهاء السلفيين في الجبهة السورية بدلا من أن يثوروا على أنظمتهم في الإمارات و المملكات الخليجية الموالية ولاءا تاما و المذعنة إذعانا مقيتا و مخزيا للولايات المتحدة الأمريكية و من ورائها بطريقة غير مباشرة الكيان الصهيوني.
 
إذا من الخاسر في هاته الفتنة؟ بالطبع العرب و الشعب و الوطن السوري على وجه الخصوص و بعض الأنظمة الخليجية و إسرائيل و الغرب هم المستفيدون و الرابحون مباشرة أو بطرق غير مباشرة بالتخلص من المتشدّدين و إلهائهم بالحرب على الأراضي السورية التي تستنزف و تدمر الوطن و الشعب السوري.
 
و فرضا إن تمكنوا من إسقاط النظام في سوريا ستجد الشركات الغربية و التركية في الوطن السوري المدمّر متنفّسا لأزماتهم الاقتصادية و قد بدؤوا بالعراق و ليبيا و في كل الحالات العرب هم من يدفعون الفاتورة في النهاية بسبب القصور في الرؤية و الفشل في السياسة و القيادة.
 
و أخيرا نتوجه لله بالدعاء ليفك كرب الشعب و الوطن  السوري و يحفظهم من تآمر المتآمرين  و يحقن  دماء السوريين  و العرب و المسلمين و ندعوه أيضا ليعيد الرشد و التعقل للأغبياء و المغفلين الذين تم التلاعب و التغرير بهم من أجل دفعهم و توريطهم في تدمير الشعب و الوطن السوري خدمتا للمشروع الصهيو غربي فلا يمكن القول في من ينخرط في هاته الحرب و الفتنة إن كان من المقاتلين أو السياسيين إلا غبي و مغفل أو مرتزق مجرم.
 
 
* نائب سابق و كاتب و محلل سياسي تونسي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد