عويدي : بطل معركة الكرامة كيف توفي ؟

mainThumb

20-08-2014 11:44 PM

معارك برلمانية / حصري السوسنة حلقة  68 - بقلم المؤرخ المفكر د. احمد عويدي العبادي- عندما نتحدث عن معركة الكرامة عام 1968 فإنما نستذكر التاريخ الغابر والحاضر في الصراع بين الاردنيين والإسرائيليين عبر التاريخ. فقد توحد ملوك الاردن لمحاربة ملوك بني اسرائيل عام 130 ق.م او حولها، وقبل ذلك بسبعة قرون، نشبت حرب ضروس بين الملك المؤابي الاردني عجلون والاسرائيليين، وانتصر عليهم فسمي المكان الذي انتصر به باسمه وهو منطقة عجلون، وأذاقهم الملك الأدومي الاردني حدد الاول السم الزعاف او حولها عام 1350 ق.م وكذلك فعل بولاق بن صفار ملك مؤاب، في تلك الفترة، وحرر الملك المؤابي الاردني ميشع، اقول حرر الاردن من احتلال بني اسرائيل، وتصدى لهم جالوت لولا ان الله نصرهم عليه.

      لم تكن معركة الكرامة 1968استثناء وليست الاولى ولن تكون الاخيرة بين الأردنيين والاسرائيليين وان كانت من اهم معارك التاريخ. والتي استطاعت الفئة الاردنية القليلة ان تغلب الفئة الصهيونية الكبيرة.

  وكان لمعركة الكرامة بطل عمل من وراء الكواليس وادار المعركة بالمعلومة الدقيقة والخطط المحكمة، واعطى ادق التفاصيل عن مخطط العدو في الاجتياح والمحاور والتوقيت والقوة والهدف وما الى ذلك

انه المغفور له اللواء الركن غازي عربيات دون ان ننقص من جهود وقيمة وانجازات الابطال الاردنيين الاخرين لان ذلك جهد جماعي متكاتف بعيد عن الانانية وتبني الامجاد. وانا هنا اكتب عن رجل عرفته عن قرب وكثب وكنت من أقرب الضباط اليه عندما صار مديرا للأمن العام بل انه كان يوليني ثقته المطلقة وانا اوليه الاخلاص المطلق معه، وكلانا نعمل من اجل الاردن واهله.

اللواء الركن المغفور له غازي عربيات واحد من القامات والهامات الاردنية الشامخة بامتياز ويضاف الى قائمة وصفي التل وحابس المجالي وعبد الحميد شرف وماجد العدوان وكليب الشريدة، بدون تردد عند من يقول الحق. كان اول لقاء جمعني به في بيت المرحوم المناضل احمد النجداوي في جبل الحسين لمشاركتي العزاء بوفاة زوجة الحاج احمد النجداوي رحمهم الله جميعا، فوجدت عنده اللواء المرحوم غازي عربيات هناك وتعرف علي وقال انه تابع مسلسل وضحا وابن عجلان وأثنى عليه وقال كلمة رسخت في ذهني انه يجب دعم الشباب مثل النقيب احمد العويدي وكنت شابا يافعا برتبة نقيب

كان غازي حينها مساعدا للاستخبارات، وما هي الا فترة حتى قيل لنا انه تم تعيينه مديرا للأمن العام، وحضر للمديرية وبرفقته الملازم الاول هاشم النسور مرافقه الخاص

كان اول ما قام به الباشا الجديد هو الاجتماع بمدراء الشرطة والادارات في قاعة المديرية العليا في حينه , وركز خلالها على خدمة الاردن وتطوير الجهاز وعصرنته ليكون في مصاف الاجهزة الحضارية العصرية المتقدمة , وانه لن ينتقم من احد وليس لديه نية ان يقال هذا محسوب على ذاك وذاك وانما جميعنا محسوبون على الاردن , وانه سيتعامل مع الشخص بمقدار ما يقدم للجهاز ويخدم الاردن وليس بفارق الرتب او علاقات الضباط مع هذه الجهة او تلك وانه سيحمي الضابط والفرد طالما انه يقوم بعمله بعيدا عن الانانية والجهوية والفئوية والعشائرية, وانه سيعمل على تغيير ما في نفوس الاشخاص ,  وليس تغيير الاشخاص

           كنت أصغر الضباط المدراء الحضور سنا ورتبة , وكنت برتبة نقيب، وفوجئت انه حفظ سائر اسماء الضباط عندما طلب من كل منهم في بداية الاجتماع ان يعرف على نفسه ووظيفته في الامن العام، وسألته بعد انتهاء الاجتماع ان كان يرغب ان اقوم بتغطية الاجتماع اعلاميا، فقال اعمل ما تراه وتصرف بالمناسب، وهنا أدركت ان الرجل فهمني جيدا ولست بحاجة الى مزيد من الشرح او التبرير وكتبت الخبر بطريقة راقية واعطيته لوكالة الانباء الاردنية وتم نشره بوسائل الاعلام وهي التلفزيون والصحف في حينه وقد سره الصياغة والاختصار والنقاط التي ركزنا عليها في الخبر , وشكرني في اليوم التالي على ذلك .

 وقد كان لي معه مواقف خبرته فيها عن كثب ووجدته من الهامات والقامات الشامخة التي توضع مع وصفي وحابس وعبد الحميد شرف بدون تردد.

ذات يوم كنت في ادارة الترخيص وكلمت مكتبي بالمديرية ولم تكن هناك اجهزة اتصال او خلويات فقيل لي ان الباشا قلب الدنيا يسال عني , فاتصلت به مباشرة فقال لي انه يريدني على جناح السرعة ولما حضرت اخبرني انه ضبط صفقة تهريب مكونة من اكثر من 400 مسدس وحوالي مليوني طلقة مسدس , وانها عابرة من سوريا الى السعودية وانه يريد نشر الخبر عاجلا  لبيان جهود جهاز الامن العام  , قلت له سأكتب الخبر واعود الى عطوفتكم لقراءته معكم  , فتوانيت الى اكثر من ساعة  ولم اعد اليه , فاستدعاني وقد استغرب مني التأخير فجئت اليه وسألني اين الخبر فقلت لم اكتبه فغضب وقال امرتك ولم تكتب , فقلت يا باشا لقد فكرت طويلا  ووجدت ان نشره سيخلق لنا حساسية مع السعودية وسوريا ويعتبروننا نشعل الفتن بينهم , وسيغضب الملك وتنعكس الامور عليك .

فقال: ما هو الحل هذه صفقة مهولة، والقبض عليها يعني ان زمن القبض والصرف قد ولى

قلت: ان تضع الملك بالتفاصيل وهو سيستخدمها في تحميل الدولتين جمائل انه لم يفضح الطابق وهذا يخدم الاردن ويخدمك والجهاز عند الملك أنك تتركها ورقة بيده وليس بيدك وتكون ارضيته ووضعت في يده ورقة للحديث والابتزاز مع السعودية وسوريا، وهو يعرف كيف يستخدمها

قال فعلا يا احمد انت صمام امان، رأيك أحسن من راي المساعدين الذين نصحوني بالتطبيل والتزمير للخبر.

        ومثال اخر من عشرات الامثلة التي تبرهن على ديموقراطية المرحوم غازي عربيات انني  تلقيت ذات مساء مكالمة من وكالة الانباء الاردنية  بوجود خبر من مديرية الامن حول القبض على صفقة مخدرات بكميات مهولة , وان مدير الوكالة امرهم بالاتصال مع النقيب احمد العويدي لإجازة الخبر وتحمل مسؤولية نشره ,  رغم ان الذي مرره وامر به  كبار ضباط المديرية , فقلت للمحرر المناوب: اوقف الخبر وانا آتيك الان فتحركت من بيتي بوادي السير الى جبل عمان قرب الدوار الثالث حيث كانت مكاتب  الوكالة , وعندما قرات الخبر وعرفت من مرره من كبار الضباط المختصين بالأمر كتبت بخط يدي : يوقف الخبر ويمنع نشره ثم وقعت , وعدت الى بيتي ,

       وكان كبار الضباط ينتظرون نشر الخبر على التلفزيون في الساعة الثامنة مساء التي كانت اهم ساعة بالتلفزيون الاردني آنذاك، وعندما لم ينشر قامت دنيا كبار الضباط ولم تقعد واتصلوا بوكالة الأنباء الاردنية عن سبب التوقيف فقرأوا لهم قراري، فطارت عقولهم كيف ان ضابطا برتبة نقيب من جيل اولادهم، يجرؤ على توقيف خبر كتبه كبار الضباط من اصحاب الياقات الحمراء، واخذوا الضوء الاخضر من الباشا على نشره. واتصلوا بي وهم يتحدثون بتوتر ناري وكنت هادي الاعصاب فقلت انا مدير العلاقات العامة ومسؤول عن الاعلام وهذا الخبر خطأ فاحش، فقالوا انت تكسر اوامر عطوفة الباشا. قلت نلتقي غدا عند الباشا فان أمرني مباشرة عندها لكل حادث حديث.

        وكنت اداوم عادة في السابعة والنصف قبل سائر المرتبات، وكان الباشا يداوم في الثامنة او قبلها ولكنني ذاك اليوم كنت في السابعة في مكتبي وكان الباشا في السابعة والنصف فقال لمرافقه الملازم هاشم النسور وهو داخل الى المكتب: نادي لي النقيب احمد العويدي، فحضر عندي هاشم وهو يقول ويش مساوي يا احمد الباشا طاير ضبان عقله، يريدك الان بالمكتب مولعة معه للسماء السابع، قلت له سأدخل عنده فان طلع صوته على عاليا، فأرجو ان تدخل وتهدئ من روعه انا اعرف من عبأه ضدي، هؤلاء الـ ...

      ولحسن حظي انني كنت الوحيد من الضباط المداوم في هذه الساعة المبكرة في ذلك اليوم، وما ان دخلت حتى قال لي: كيف توقف خبرا مهما يبين نشاط الجهاز، وأنا وثقت بك ويبدو أنك بدات تشتغل ضدي، وأنك لست على قدر الثقة، 

قلت مبتسما لان الابتسامة تريح الطرف المقابل: اولا صباح الخير يا باشا انني برهنت على مدى اخلاصي لك وللجهاز ومدى تربص هؤلاء ال .... بعطوفتكم

قال: كيف وضرب الطاولة، وهو غير مصدق، وكنت جهزت نفسي للجواب.

قلت هذه الكميات الكبيرة من المخدرات من اصناف مختلفة جاءت من تركيا ولبنان عابرة الى السعودية ومصر واسرائيل واوروبا، ترى لو تم نشر الخبر فان هذه الدول سيجن جنونها ضد عطوفتكم والجهاز ويحرجونكم مع الملك وهؤلاء الضباط سيتنصلون وستقول لي بعد فوات الاوان لماذا لم تنصحني. كما انه لا بد وتكون هذه الصفقة جزء من دفعات ستلحق عاجلا ام اجلا، من المخدرات وان نشر الخبر انما يعني التنبيه على بقية عصابات تهريب المخدرات ان يأخذوا حذرهم ويسلموا ببقية الصفقات بعيدا عن ايدينا. يا باشا ان الاسلحة والمخدرات والعمالة للخارج امور يجب الا تؤخذ ببراءة

وتستطيع عطوفتكم ابقاء هذه الورقة سلاحا بيدك للتحدث مع مدراء الامن في السعودية وتركيا وسوريا ومصر وتعطيهم تفاصيل مقابل ان يعطونك تفاصيل معلومات تخدم الاردن والامن الاردني، ولماذا نقدم معلومة مجانية للعصابات والحكومات؟ ولهذه الاسباب يا باشا اوقفت الخبر وكتبت عليه يوقف الخبر ويمنع نشره، ثم وقعت

           وهنا نهض من وراء مكتبه وصافحني قائلا يا احمد انت صمام امان، ثم ضرب الجرس وسال عن كبار الضباط الذين اشتكوا على ان وصلوا للدوام؟ فقال له الملازم هاشم بطريقة استهزاء: لثاتهم بسابع حلم يباشا، وتفكرهم نشيطين مثل احمد العويدي؟

        وهنا ضحك الباشا وضحكنا، فقال الباشا: وشوه هالخيل المقطعة ارسانها، يا هاشم اطلب لي جميع المدراء في المديرية لاجتماع في التاسعة هذا الصباح وتحضر انت واحمد. فقال هاشم امرك يا باشا

كنت وهاشم نحب الباشا كما نحب اباءنا، ويحبنا كما يحب ابناءه، لقد كنت وهاشم في منتهى الاخلاص له لانه مخلص للاردن ولأنه كان مشروعا وطنيا بالنسبة لنا.

وفي الاجتماع أكد الباشا ان ما فعله النقيب احمد العويدي بوقف الخبر كان صحيحا، وانه يمنع بعد اليوم نشر أي خبر للأعلام الا عن طريق النقيب احمد العويدي حتى ولو أمرت به انا يا مدير الامن العام شخصيا. فاحمد العويدي صمام امان وحافظ درسه، وموضع ثقة.

      وطلب الى كبار الضباط ان يقدموا له تقريرا سريا عن الصفقة، ولا يعرف أي منهم لماذا الا انا وهاشم حيث نصحته ان يقدمها للملك واستساغ نصيحتي. واثناء هذا الاجتماع وردت مكالمة من أحد المقامات (الجهات الهامة جدا) تطلب اخلاء سبيل المهربين وحفظ قضية المخدرات، فقال الباشا امامنا جميعا لن أخلى سبيلهم ولن احفظ القضية هذه مخدرات وليست سحارة تين يا...... وعندما الح عليه المقام قال له الباشا هذا الموضوع محسوم انتهت المكالمة، واغلق الهاتف بوجه الطرف المعني.

      هذه للتاريخ ارويها لتعرف الاجيال ان غازي عربيات رجل من القامات الاردنية الشامخة وانه كان يستحي لكنه لا يخاف وكان نزيها شريفا لا يوجد الفساد في قاموسه ولا اليه سبيلا، فهو من عائلة عريقة متجذرة وهي العربيات ومن بيوتات السلط والاردن المعتبرة، ولو ان الله كتب له العمر لسنتين في الامن العام لجعله أفضل جهاز امن عام في العالمين العربي والاسلامي ويضاهي الامن البريطاني بقوة واقتدار. ترى هل يوجد من هو مثل غازي ان يتصرف رافضا امرا هاما؟ اقول لا وألف لا يوجد الان شخص في مواقع المسؤولية لديه الشجاعة ان يقول كما قال غازي باشا رحمه الله

  ومن النوادر ما حدث لنا في السعودية حيث سافر على راس وفد الامن العام للمشاركة في مؤتمر مدراء الامن العرب، ومعه ثلاثة من كبار الضباط وكنت مع الباشا برتبة نقيب شابا يافعا متدفق الحيوية، وبعد الانتهاء من المؤتمر في الرياض اخذونا بالطائرة الى مكة المكرمة لأداء العمرة، وفي طريق عودتنا، وبينما كنا في طائرة العودة في مطار جدة فوجئنا بأوامر لإنزالنا من الطائرة الى صالة كبار الزوار فحسبنا ان هناك متفجرات على الطائرة او عطلا فنيا، ورأينا مجموعة من الاطفال والنساء والخدم والشباب يصعدون مكاننا وقيل لنا انهم من العائلة

        وهنا جن جنون الباشا ومن يسكته وما رايته غاضبا مثلما كان حاله في تلك اللحظات: وهو يقول بصوت مرتفع: لسنا عبيد لسنا شحاذين لسنا نكرات، هذا تصرف أحمق ينم عن التخلف بإهانة الضيف، ولماذا لا ينتظر المعازيب للطائرة التالية وكلام كثير أحرج مرافقيه الذين لابد وقدموا تقريرا بما راوا وسمعوا، ورفض ان يدخل قاعة كبار الزوار وصار يتمشى وعيونه كعيون الاسد تتوقد جمرا ملتهبا، وعندما اقترب منه اعضاء الوفد من كبار الضباط نهرهم كما ينهر الاسد الارانب، فجاءوا الي مرعوبين وقالوا؟ ما حدا يهدي اعصابه غيرك، فاقتربت منه وإذا به نار الله الموقدة فقلت له: يا باشا انني اخاف على صحتك لا تغضب فهم لا يبالون بصحتك نريدك ان تبقى للاردن والاردنيين. فقال هؤلاء .......... كيف يتعاملون معنا بهذه الطريقة الفوقية المتخلفة. قلت يا باشا العيب على المعزب ان اساء وليس على الضيف ان اسيء اليه، ثم راقت اعصابه وعندما اقترب الوفد ثانية قال لهم: اغربوا عن وجهي خلي احمد عندي ثم رحت اتحدث له عن التاريخ الذي يبرهن على انه لا ثقة بمن يتملك رقاب الناس، لأنهم يتعاملون معنا على اننا قطعان من العبيد. وتحدثت له عما ورد في سورة النمل على لسان الملكة بلقيس عليها رحمة الله.

والحديث عن غازي باشا عندي يطول جدا ولحسن الحظ انني دونت هذه التفاصيل في يومياتي كل في حينه، وربما ترى النور يوما ما عندما تعم الديموقراطية والحرية بالاردن.

 ووجدت في يومياتي عن غازي عربيات ايضا ما يلي

الثلاثاء 15/4/2014 وادي السير/ السلط

 اليوم الثلاثاء 15/4/2014، زرت السيد هاشم عبد الله حسين النسور في منزله بالسلط وبرفقتي السيد بلال ابو قريق الخريسات.  فكان التالي.

وجدت الاخ هاشم النسور (ابو عماد) مريضا (شافاه الله) ولكنه حاول ما أمكن التماسك لاستقبالي وكان سعيدا بذلك كثيرا مثلما كنت ايضا به سعيدا بعد طول افتراق، واطمأننت على صحته وقلت له لقد وجدت في يومياتي كم كنت يا ابا عماد رائعا وانت مرافق للمرحوم غازي عربيات وكنت تدعمني ولا أنسي لك ذلك وان ما وجدته من ذلك في يومياتي جعلني اشعر بالعقوق تجاهك وطلبت من الاخ بلال ابو قريق خريسات ان يرتب معك موعدا لهذا اللقاء، وانا اشكر الله أنك بخير، ثم اشكر الاخ بلال على ترتيبه الموعد

     وقلت للأخ هاشم: لم اتي لا تحدث بل لأسمع منك لأنني سأدون ذلك للتاريخ. فأرجوك ان تخبرني كيف ان غازي عليه رحمة الله كان مسجونا وما بعدها. قال الاخ هاشم كان غازي رحمه الله سجينا في المحطة ومعه معن ابو نوار في عام 1957 وكان هاشم حارسا عليهم وانه أي هاشم كان يسمح بإدخال كل شيء إليهم من الطعام والرسائل والصحف والاخبار والزيارة، وان تم نقلهما فيما بعد الى موقع محكمة امن الدولة الحالي وكانت سجنا عسكريا وتم نقله أي هاشم عبد الله حسين النسور ايضا ليكون حارسا على غرفتهم واستمر هاشم بتسهيل كل ما يحتاجونه من طعام وشراب وصحف ورسائل منهم واليهم.

       وانه عندما جاء غازي عربيات الى القيادة طلب هاشم ليعمل معه وان غازي حفظ الجميل كثيرا وبقي حافظا للجميل الى ان مات عليه رحمة الله. وان هاشم كان مرافقا له عندما كان غازي مديرا للاستخبارات ومساعدا لرئيس الاركان للاستخبارات وان غازي كان يقوم بترميج وهمي لعناصر من الاستخبارات العسكرية ويرسلهم للاستطلاع في اعماق جبهة العدو في فلسطين وانه استطاع ان يعرف تفاصيل الهجوم الاسرائيلي في معركة الكرامة عام 1968 ويحدد ساعة صفر الهجوم ومحاوره وطبيعته وزخمه ونوعية الاسلحة وبالتالي فان يعتبر بحق بطل معركة الكرامة الحقيقي عام 1968 مع التقدير لأدوار الجميع وجهودهم.

       ومن النوادر ان غازي ايضا ومن خلال الاستطلاع ومعلومات الداخل علم بعبور جوي لطائرات مروحية اسرائيلية الى شرقي النهر وزرعوا اجهزة تنصت على اعمدة الهاتف الاردنية في الغور الشمالي على قاطع الفرقة الشمالية , وان هاشم كان يرافقه عندما ذهبا معا وليس معهم سوى سائق غازي الموثوق وهو من عشيرة العدوان وان غازي دخل على قائد فرقة الشمال في يوم ماطر  والقائد نائم في السابعة صباحا وايقظه من نومه وطلب اليه مرافقته دون ان يدري قائد الفرقة اين هو ذاهب وطلب الباشا غازي  تحضير ورشة فنية من الفرقة واخذهم الى اماكن زرع الاجهزة على الاعمدة وقد حددها بالواحد , وامر بقص الاعمدة واخذها والاجهزة مثبتة عليها وعاد الى عمان وكلم رئيس الاركان الشريف زيد بن شاكر الذي كان باستقباله خارج الباب الداخلي وذهبا معا ومعهم الاعمدة المقصوصة لمقابلة الملك ليرى بأم عينه الامور على حقيقتها وان الملك سعد به وشكره

وكيف ان غازي كان في الاستخبارات في احداث ايلول واجتمعت قيادات الجيش مع الملك واحد قادة المنظمة في القيادة العامة للقوات الاردنية المسلحة، وهدد مندوب المنظمة وهو من قياداتها المهمة العليا   بهدم عمان وتحويلها الى رجم واحد، ورفض انسحاب المنظمات، وصاح رجل المنظمة في وجه الملك في حينها فما كان من غازي الا ونهض كالأسد المفترس وصفع مندوب المنظمة كفا واسكته، ولقنه درسا، وكان ما كان. 

           وتحدث هاشم عن مؤامرات الضباط عليه (هاشم) بعد وفاة المرحوم غازي وكيف عانى كثيرا ثم تدخل محمد الدباس (ابو رامي) واحاله على التقاعد ووظفه في الفوسفات.

           اما عن وفاة المغفور له  اللواء الركن غازي عربيات رحمه الله فاخبرني هاشم وهو يبكي على  الباشا رفيق عمره انه كان يرافقه  في مؤتمر مدراء الامن العرب في قطر وانه واثناء عودتهم كان سكرتير مدير الامن العام باستقباله في  مطار  ماركا وان غازي اعطى جوازه لهاشم ليختمه وغادر رحمه الله , على ان يلحق به هاشم ,  وان الباشا عليه رحمة الله غادر بسيارته دون ان ينتظر وعندما انتهى هاشم من اجراءات الحقائب والجوازات غادر ومعه السكرتير وعندما وصلوا الى المحطة وجدوا حادث سيارة واذا به حادث مع المرحوم غازي باشا وتم نقله الى المستشفى العسكري الرئيسي في ماركا وانه فارق الحياة بسبب انقطاع الحبل الشوكي ولم يحدث له أي تشويه وانما كانت احدى فردتي حذائه قد طارت كما تحولت السيارة الى عجينة وتم نقلها الى المشاغل في حينه .

       واكد الاخ الوفي الاصيل هاشم النسور انه حادث سير، وان وفاة المرحوم غازي عربيات لم يكن مدبرا ولم تكن مؤامرة وانما حادث سير طبيعي وانه كان سيتم تعيينه رئيسا للوزراء لو بقي على قيد الحياة.

        قلت لهاشم: كنت شخصيا تنبأت انه سيكون رئيسا لوزراء الاردن عاجلا ام اجلا، في الايام الاولى من استلامه للمنصب في حينه حسبما وجدته في يومياتي وانني ركزت عليه اعلاميا لتهيئة الناس لقبوله وتسليط الاضواء على فكره الوطني واخلاصه في عمله.

 ولكنه انتقل الى الرفيق الاعلى سائلين المولى له الرحمة والمغفرة وجنات الخلد ان شاء الله تعالى



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد