بين الخبرة وقلتها

mainThumb

28-03-2020 03:16 AM

كان جدي يمتهن الزراعة أكثر من الرعي، مع أن بيئته كانت تمتهن الرعي أكثر من الزراعة، ولأن الأرض هي مجال عمله كان لا يتنقل وراء المرعى، ولذلك كانت الماعز هي الرديف للزراعة عنده، وكان لا يأتي براع خبير للعناية بها، بل يتركها لابنائه أو لأحفاده للعناية بها، فيقوم الصبيان برعي الماعز كيفما اتفق بلا خبرة ولا تخطيط ولا يملكون عاطفة الراعي وحكمته في اختيار المرعى، وتجنيب القطيع المهالك، بل غالبا ما ترعى الماعز الصبيان، وتوجههم كيف شاءت، وإذا أراد الصبيان التعامل معها يكون تعاملهم معها نزقا سريعا مستفزا، فيهجمون عليها من خلفها، فيفرقونها ويشتتون شملها، وقد تتأذى لأنها تخاف ولا يلائمها حركة الصبيان غير المدروسة والمفاجئة...
والفرق بينهم وبين الراعي الوقور صاحب الخبرة، أن الراعي العاقل المتمرس بريء من نزق الصبيان، وحركتهم العشوائية، هو الحاني الذي يجعل الماعز تتبع حركته غريزيا، لأنها تعودت على أنه يقودها الى المرعى الخصب ويجنبها المهالك.. في حال أن رعي الصبيان جعلت الماعز تتجاهل أوامر الصبيان النزقة، وتعتمد على نفسها في اختيار المرعى، ما جعلها تقود الصبيان أين ما تريد مع أنهم هم الرعاة!!
كان جدي يتنهد ويقول أمام هذا المشهد بعد أن سئم من رعي الصبيان، الذي شغله عن زراعته: رحم الله الذي قال: يا بني إياك أن تخلط الجد باللعب، ولا تلعب إذا كان الجد هو الاولى، ولا تلعب وتتظاهر بأنك جاد، فإنك بذلك تكون أنت المخدوع الوحيد، والدنيا حولك تضحك منك..!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد