نشر الغسيل الحكومي وسؤال مواطن؟!

mainThumb

08-07-2009 12:00 AM

السلطة الرابعة أي الإعلام آخذ بالتقدم والتفوق والتمرد على كل السلطات, ويبدو أن كل عمليات الاحتواء الناعم منها والخشن لن تفلح في ثني الإعلام عن أداء رسالته بكل شفافية وموضوعية ومهنية.
الإعلام وتكنولوجيا الاتصال كما يبدو فتحت باب حمى المناكفات والاتهامات وتصفية الحسابات على مصراعيه بين أقطاب ورموز الدولة الأردنية الحديثة. لا أريد أن أخوض في مدى مصداقية ما ذهب إليه البعض منهم , أي أصحاب الدولة والمعالي عن تغول بعض المسئولين وتسلطهم وتقديم مصالحهم الشخصية على مصالح الوطن والمواطن ولكني أريد أن أتحدث في دلالات هذه الاتهامات ومعناها وأثارها على المواطن الأردني البسيط والعادي.

اعلم أن الاختلافات والخلافات أمر طبيعي وصحي في كثير من الأحيان, ويحدث بين معظم بني البشر وبين مختلف الاتجاهات, ولكن غير المألوف أن يجهر أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة بهذه الخلافات وينشروا غسيل بعضهم البعض على حبال الإعلام جهارا نهارا ليتلقاها المواطن الأردني البسيط والعادي والذي سيلاحظ بعد هذا الكم من الغسيل بأنه هو الضحية الوحيدة وانه الأرخص في كل هذه المعطيات.

نشر الغسيل وكيل الاتهامات وإلقاء اللوم على هذا المسئول أو ذاك أمر لم يعد يعني الكثير للمواطن الأردني كما اعتقد, كما انه لا ينزه أيا من أطراف الخلاف والصراع بل يضعهما في مركب واحد. التراشقات التي حدثت بين أصحاب الدولة والمعالي خلال السنين الثلاثة الماضية كثيرة ومتنوعة طبعا, ولكن آخر هذه المناكفات المثيرة جاءت لتطيح بالديمقراطية الأردنية الشابة والتي كنا نعتقد أنها آمنة وتتجذر ويشتد عودها يوما بعد يوم.

اعلم أن من مبادئ الديمقراطية أن يختلف الناس في آرائهم وتوجهاتهم, وان أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة هم بشر مثلنا يختلفون فيما بينهم, ولكني وكمواطن أردني لا استطيع أن أتصور أن يقوم رئيس وزراء بحل مجلس النواب- وهو حيلة المواطن الأردني الوحيدة وممثله لتفريغ همومه وشجونه- لتحقيق مصالح شخصية, ولا استطيع أن أتصور أيضا, أن رئيس حكومة ووزراء من العيار الثقيل يقفون عاجزين عن فعل شيء أمام مثل هذه التصرفات فيعدوا الوسيلة إلا من الصحافة لينشروا غسيل بعضهم البعض.

المواطن الأردني البسيط الذي يرى مثل هذا الغسيل ينشر على حبال الصحافة, ويشاهد ويعرف مثل هذه التفاصيل, سيفقد ثقته بنفسه وبحكوماته وبرموزه الوطنية, وهذا لعمري مقلق وخطير, وسيحس بالعري الكامل رغم أن الحكومة هي التي تنشر غسيلها وتتعرى. المواطن الأردني سيحس بالعجز وسيكون لسان حاله يقول: إذا كان فلان أي ( دولة أو معالي السيد أو كلهم مجتمعون ) لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا فماذا سيفعل العبد الفقير المواطن؟
المواطن هو الأهم والأغلى وهو رأس المال الحقيقي الذي ينبغي المراهنة عليه والاستثمار به, ولا ينبغي استغفاله والاستهانة به إلى مثل هذا الحد. المواطن هو أداة التغيير وهو صانعه ولا يجوز أن يصل به الإفلاس إلى هذا الحد غير المسبوق.
abdallahazzam@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد