هل نحن عشائريون

mainThumb

18-07-2009 12:00 AM

يلقي الكثير منا بعض الفوضى أو الفساد على العشائرية، ويقولون إن المحاباة وعدم تفعيل القانون ووضع الرجل غير المناسب في المواقع الحكومية وفي المؤسسات، وحتى انتشار حوادث السير على العشائرية!!

على اعتبار أنها هي من توجه هؤلاء لأن يفعلوا ما يفعلونه من فوضى وكأن العشائرية عنوان للفوضى، وهي التي تضعنا في مؤخرة المجتمعات التي يعيش فيها الفرد على هواه ولا تربطه بغيره رابطة.

كل ذلك سيكون صحيحا لو العشائرية تعني ما يعنونه هؤلاء، لكن العشائرية ليست كما يضن البعض أو كما يمارس البعض، وإذا تصرف فرد من عشيرة ما تصرفا غير لائق، يسيء الى الآخرين ويتعدى على حقوقهم، فإن هذا يدل على خلل ما في فهم ذلك الفرد للعشائرية، وهذا الخلل لا يقبله عاقل في عشيرته.

العشائرية ليست رابطة دم فحسب، بل قد لا يكون لرابطة الدم اعتبار إذا تمددت الأسر وكبرت حتى يخرجون من الدم، لكنها رابطة أخلاقية تربط أبناءها برباط واحد قوامه احترام الآخر، والظهور أمام الآخرين بأحسن صورة، وجني السمعة الحسنة الطيبة لتضاف الى مآثر هذه العشيرة أو تلك، وكانت العشائر فيما مضى تخلع أي فرد من أفرادها لا ينسبك في بوتقتها ويتمثل أخلاقها، وإن حدث وجاء لها بالسمعة السيئة تحاول اصلاحه فإذا أبى الا التعدي على الناس تخلعه قبيلته، ويحق لأي أحد أن يقتص منه إذا اعتدى عليه ويهدردمه والقبيلة لا تطالبه بشيء وهو حكم بالإعدام على عضو فاسد في العشيرة! والمجتمع العشائري ملزم بالحكم فلا يستقبله أحد.

العشائرية رباط أقوى من القانون لأن القانون يعاقب المسيء لكن العشائرية تقي من الإساءة من خلال الرابطة الملزمة لكل أفراد العشيرة بالخلق القويم، إن كانت العشيرة تسير على نهج صحيح ولها "كبير" وتهتم بكل فرد من أفرادها من كل النواحي اقتصادية ونفسية واجتماعية وتعالج هموم الفرد ليبني مجتمعا سليما من الأمراض التي نراها اليوم.

لكن هل بدأنا نفقد العشائرية الصحيحة التي تصنع فردا يتسم بصفات الكرم والشهامة والنجدة والنخوة والحلم والصبر، وهاجسه دائما الذكر الطيب بين الناس والتواضع والبعد عن التسلط والتعدي والعنجهية والتعالي على الناس جهلا، وعدم التوجيه الصحيح من عشيرته، بل هل فقدنا التوجيه الصحيح حتى من الأسرة الصغيرة، وأصبحت العشيرة فقط تمنح اسمها دون امتيازات! والشخص يصنع لنفسه أمجادا في خيالاته ويشعر أنه خير من الناس لا لشيء فقط لأنه ( س. ص. ز) ولا شيء آخر مما كان يفتخر به أبناء العشائر من مكارم الأخلاق والفروسية التي تحمل كل معالي الأخلاق وبقدر حيازته هذه الأخلاق تكون قيمته ومكانته في عشيرته وعند العشائر الأخرى، وهي أخلاق نابعة من الدين.

لا يوجد أي عشيرة في الدنيا توصي أبناءها قبل أن يخرجوا للمجتمع بأن يسدروا في غيّهم، ويظهروا اسم عشيرتهم بالعنجهية والتكبر والخيلاء، ولا توجد عشيرة تقر أي خلق منحرف عن مكارم الأخلاق ولا يجتمع أفرادها على منكر! لكن السؤال المطروح هل إذا تصرف شخص تصرفا ما نعزوه لعشيرته، وإن كان وليد لحظته ولا يقره أحد..

يجب المحافظة على العشائرية بشكلها الصحيح وتخليصها من الشوائب التي دخلت عليها، وإعادة ربط أفراد كل عشيرة بعشيرتهم ربطا أخلاقيا وثيقا يبني ولا يهدم، وتشكيل مجالس للعشائر تكون قراراته ملزمة لكل فرد ويكون كل فرد سفير عشيرته يحافظ على اسمها وأخلاقها، فقد تكون هذه هي الضمانة للمحافظة على أخلاقنا وثقافتنا وشخصيتنا التي عرفت بالنجدة والشهامة والترفع عن الصغائر، أمام الغزو الفكري والثقافي الغربي الذي همش دييننا وأخلاقنا، وسخر من روابطنا في مقابل انفلاته وعدم التزامه بأي رباط أخلاقي، فها نحن نكاد نفقد الآسرة الصغيرة فهل بقي شيء من العشائرية غير أصوات خافتة لا تكاد تسمع!.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد