أين المشكلة في التوجيهي؟

mainThumb

18-07-2009 12:00 AM

التوجيهي من الموضوعات التي تهم كل مواطن أردني بشكل عام, والحديث فيه بموضوعية وعلمية بعيدا عن العواطف قد يثير حفيظة البعض ويجعلهم يغلبون العاطفة على العقل. التوجيهي كان ولا زال البعبع الذي تعرض له أو واجهه كل أو لنقل معظم الأردنيين بذكرهم وأنثاهم وحيهم وميتهم من بادية وريف وحضر. فعند اقتراب امتحانات الثانوية العامة تتبدل أحوال البيوت الأردنية, وتتحول إلى بيوت طوارئ, وتبدأ وسائل الإعلام بتناقل أخبار الامتحانات بطريقة تثير الكثير من المشكلات, وتؤسس لكثير من القضايا الخطيرة, فالامتحانات صعبة وليست من الكتاب أو أن الوقت غير كاف أو إشاعة أخبار عن محاولات انتحار طالب هنا وطالبة هناك , مشكلات وأعذار قد يبدأ الطالب لاحقا بالاتكاء عليها وممارستها واعتبارها السبب في رسوبه وإخفاقه, أو دافعا للانتحار أو أي شان آخر لا قدر الله. التوجيهي اليوم وعند مقارنته بالتوجيهي سابقا أي قبل ثلاثين أو أربعين عاما تقزم كثيرا وأصبح أسهل وأيسر بكل المواصفات والمقاييس.
قبل ثلاثين عاما كان الكثير من طلبة الثانوية العامة يتقدمون لامتحان التوجيهي دون وجود أي من التسهيلات التي تتوافر لطالب الثانوية العامة الآن, لا بل من غير أن يتوفر لطالب الأمس ما يزيد بكثير عن حاجة طالب اليوم. الكهرباء لم تكن منتشرة أو غير متوفرة للكثيرين, كما هو الحال الآن وبالتالي فان الكثير من طلبة التوجيهي آنذاك كانوا يعتمدون على الدراسة النهارية فقط, إلى جانب الأعمال الكثيرة التي كانت تطلب من طالب التوجيهي من رعي للغنم أو الأبقار أو المشاركة في الحصاد أو الأعمال المختلفة الأخرى. الطالب الآن متفرغ تماما للدراسة وتوفر له كل سبل النجاح من أساتذة خصوصيين وكتب ودوسيهات تفصيلية تبسيطية وتسهيلات غشية كما اسمع أحيانا, ومع هذا فالطالب يعاني من كابوس التوجيهي وأهله معه ويهدد بالانتحار!!
أين المشكلة إذن؟ ولماذا كل هذه الجلبة والتخوف والتهويل؟ لماذا لم نسمع عن أي طاب قد انتحر سابقا بسبب التوجيهي فيما الكثير الآن ربما يفكر بالانتحار لا قدر الله قبيل ظهور نتائج الثانوية العامة؟ أألمشكلة في التوجيهي ذاته أم في الطالب إذن؟
التوجيهي كان يقدمه الطالب مرة واحدة أي يختبر في المادة مرة واحدة أما الآن فالاختبارات تتوفر بالتقسيط المريح أو بالتنقيط فلماذا الانتحار وارتفاع عدد الكوابيس؟
اعتقد أن من المهم أن نعترف كأولياء أمور وكمربين أن المشكلة ليست في الاختبار ذاته أي ليست في التوجيهي, كاختبار ومحك مهم يخضع له الطالب. إن المشكلة الحقيقة في الطالب ذاته أي في الكيفية التي نعده فيها ليواجه هذا الاختبار والقضايا الحياتية الأخرى, وفي التوقعات والأعباء الثقيلة التي نحمله إياها فنجعله ضعيفا غير قادر على مواجهة مثل هذه المشكلات, فيلجأ إلى مثل هذه الحلول الضعيفة وغير المقبولة. المقارنة البسيطة التي حاولت أن أوفرها بين طلبة التوجيهي سابقا والآن, والتوجيهي نفسه كاختبار تظهر بوضوح أن المسالة تتعلق بالطالب وليست بالاختبار.
إذن المشكلة الحقيقة في الطالب وفي كيفية إعداده لمواجهة التوجيهي ومواجهة المشكلات الحياتية المختلفة, فالإفراط في الدلال أو التحقير وتوقع الكثير الكثير يؤدي إلى نتائج غير مقبولة ونهايات غير سعيدة. إن المهم أن يتعلم الطالب ويربى تربية تعوده الاعتمادية والاستقلالية تجعله يزن الأشياء بموازين دقيقة وصحيحة وتجعله يتخذ القرارات المناسبة السليمة. الطالب هو الحلقة الأضعف في الموضوع وهو يحتاج الدعم والمساندة حتى يتحمل مسؤولياته.
قد يكون هناك بعض الأشياء التي على وزارة التربية والتعليم أن تراجعها وتعدلها في امتحان الثانوية العامة ولكنه بصورته الحالية وبرغم ما قد يقال عنه, يجب أن لا يكون سببا لحالة الذعر والقلق الذي يعيشها الطالب وأسرته معا.
أتمنى ونحن نتوقع نتائج الثانوية العامة قريبا كل النجاح والتفوق لكل طلابنا وأتمنى على أولياء الأمور أن يتعاملوا مع الثانوية العامة ونتائجه بعقلانية ومنطقية أفضل حتى يجنبوا أبنائهم وأنفسهم الكثير من المشكلات التي قد يقع فيها الطلبة. كما أتمنى على وسائل الإعلام المختلفة أن تحسن التعامل مع هذا الموضوع أيضا, وان تعمل لغرس ثقافة جديدة في التعامل مع امتحان الثانوية العامة, وفي تهيئة الطلبة للتعامل والتكيف الايجابي مع الامتحان ونتائجه.
abdallahazzam@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد