من يضخّم الكلب؟

mainThumb

20-05-2008 12:00 AM

أعجبــت بمقال عميق للداعية الدكتور سلمان العودة في صحيــفة «عكاظ»، نشر يوم السبت، بعنوان: «كلب ينهــــش عقولنا»، أشار فيه إلى رسائل ومدونات على الانترنت، من ضمن الحملات، التي تدعو إلى نصرة المصطفى عليه وآله أفضل الصلاة والسلام. منها «رواية تاريخية» يجري إعادة تداولها عن «تتري» سب النبي عليه وآله أفضل الصلاة والسلام، فهجم عليه كلب مربوط وبعد أن كرر السب قطع الكلب رباطه وقتله.
ولحث الناس يستند بعض المتحمسين، من هواة النقل والمنقول، إلى هذه الرواية، ليضعوا لها عنواناً عجيباً يقول: «كلب ينتصر للرسول (صلى الله عليه وسلم)، فكيف لا ننتصر له»! اللهم لك الحمد والشكر على نعمك التي لا تحصى.

وبأدب داعية مفكر ينتقد الدكتور هذا، ويخلص إلى نتيجة تشير إلى أن «الكلب أصبح داعية يسلم بسببه أربعون ألفاً في مجلس واحد! وأخشى أن يتفاقم الأمر وندخل في دوامة تصنيف الحيوانات إلى أسماء ومجموعات وانتماءات طائفية وحزبية لنمعن في المهزلة ونصبح مسخرة لأمم الأرض، ولا حول ولا قوة إلا بالله! ويعتذر معلقون بأن هذه مقامات أصحاب الهمم العالية وهم بعيدون عنها.

وحين يحتج معلق على هذه الأساطير؛ تنهال عليه الكلمات كاللكمات: اتق الله، ربما تهوي بك هذه الكلمة في جهنم سبعين خريفاً! وكأننا أمام نص قرآني، أو حديث متواتر، وكأن هؤلاء الناس غابت عندهم الفوارق بين الغيب المحقق المقطوع به، وبين الأساطير والخرافات والأوهام والأكاذيب، وما أسهل أن ينبري إذاً عدو للإسلام يضع مثل هذه الحكايات وينشرها فيتلقفها الأغبياء والجهلة والأغرار. (انتهى).

ومع أن الدكتور سلمان استند إلى آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية وحدد أصول الإيمان بالكرامات بقوله: «فلا يقبل ادعاء مدعيها حتى يقع التحقق التام منها، وإلا لالتبس الحق بالباطل، واشتبه الأدعياء بالصادقين والأنبياء،» (انتهى). علماً أن «التحقق التام» ليس بالأمر الهين.

ومثل قصة الكلب قصص كثيرة، تتناقل، وصور حديثة، تشترك في ترويجها بعض الصحف، وسهّل الانترنت و «المنقول... من دون عقول» من انتشارها، حبة طماطم عليها لفظ الجلالة، وقرعة تشير إلى يوم القيامة، وجناح فراشة عليه آية، ومع برامج التصاميم في جهاز الكومبيوتر، يمكن أي مراهق أن يصمم ويضع ما يريد، فتنتشر الصور «الداعية للإيمان!»، مذيلة بعبارة «لا يوسوس لك الشيطان فتتوقف عندك الرسالة أرسلها لعشرة أو عشرين».

حسناً... من ضخّم الكلب الذي ينهش في عقولنا؟ أليس منهم بعض الدعاة الذين يعيشون على نقل المرويات ويتصدرون بواسطتها المجالس ويلحق بهم خلق كثير. نحن بحاجة إلى صحوة الدعاة، أما الانتصار للرسول عليه وآله أفضل الصلاة والسلام، فلماذا لا يبدأ بالتحلي بشيء من أخلاقه في التعامل مع الآخرين، الذي لا نرى منه شيئاً كبيراً في مجتمعنا... المسلم!

*نقلاً عن الطبعة السعودية لصحيفة "الحياة" اللندنية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد