وزارة التنمية السياسية .. حبرُ على ورق

mainThumb

02-11-2008 12:00 AM

لم تتمكن وزارة التنمية السياسية من ترجمة رؤيتها واستراتيجيتها على ارض الواقع، بيد أن نموها توقف منذ بدأت؛ إذ أن التشريعات الناظمة التي وضعتها الوزارة، بهدف التطوير تراجعت للخلف، وبقيت حبر على ورق ولم نحصل الا على وعود دخلت في سبات عميق لتستيقظ بين الحين والآخر على كلام يشبه الاساطير مستوحاة من احلام تخدر العقول، لتكون النتيجة تجميد الواقع المبتور سياسياً.
فبرلمان الشباب الذي شرع العمل على تنفيذه في أيلول 2004 بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني الذي بلغت ميزانيته 77.638 جنيهاً استرلينياً، أغلق ملفه ووضع على الرف دون البت في النهاية التي آل اليها البرلمان المنتظر منذ اربع سنوات ولم ير النور إلى يومنا هذا.
أما الواقع السياسي للمرأة، والذي ما زال مهمشاً منذ عودة الحياة الديمقراطية في عام 1989؛ حيث ترشحت 12 إمرأة من أصل 647 مرشحاً ومرشحة ولم تتمكن أي واحدة منهن الفوز بمقعد نيابي، وفي عام 1993 لم تترشح سوى ثلاث سيدات من أصل 534 سيدة منهن اثنتان تنافستا على الكوتا الشركسية ونجحت واحدة.
في حين لم تترشح لدورة 1997 سوى 17 مرشحة ولم تفز أي واحدة منهن، مما دفع الحكومة إلى تخصيص ستة مقاعد للكوتا النسائية في البرلمان من أصل 110 مقاعد، وكذلك في عام 2007 – وحصلت المرأة على أعداد قليلة من الاصوات- بالإضافة إلى أن المرأة الأردنية لم تحصل على أكثر من اربعة حقائب وزارية في مجلس الوزراء، كما أن رئاسة الوزراء ما زالت من المحظورات على المرأة الاردنية التي لم يتقبلها المجتمع الا في سوق العمل بعد تضخم الوضع الاقتصادي لا أكثر.
ورغم الدعم المالي الحكومي للأحزاب السياسية الأردنية الذي يحدث لأول مرة في تاريخ الاردن توزيع مبلغ 50 الف دينار على 14 حزباً قائماً، إلا أن الاحزاب الاردنية تعد أحزاباً غير فاعلة ومتآكلة عملاً ومشاركة وأهمية؛ إذ لم تستطع أن تمثل الشارع الأردني الذي ما زال يستنكر المشاركة الحزبية لعدم الثقة والخوف من الهواجس الأمنية؛ ليتراجع عدد الأحزاب من 34 حزباً إلى ما هو عليه الآن، حيث لم يتمكن 20 حزباً من التلائم مع الشرط المستجد – أن يكون عدد أعضاء الحزب 500 مؤسس من خمس محافظات مختلفة – لنصل إلى نهاية حتمية مفادها عدم وجود توعية حزبية قائمة.
كما شكل قانون الاجتماعات العامة عقبة في مسيرة الاصلاح السياسي، الذي يحظر تنظيم أي اجتماع أو مسيرة أو اعتصام دون الحصول على موافقة الحاكم الاداري إذ يعد مخالفاً لما ورد في المادة السادسة عشر من الدستور الاردني الذي ينص " 1- للأردنيين حق الاجتماع ضمن حدود القانون. 2- للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف احكام الدستور.3- ينظم القانون طريقة تأليف الجمعيات والاحزاب السياسية ومراقبة مواردها".
وفيما يتعلق بالمفاهيم السياسية التي "تعمل الوزارة على نشر التوعية بها (الديمقراطية، الانتماء الوطني، الدستور) عبر وسائل الاعلام المرئي والمسموع وزيارات المدارس" لم يتحقق أي منها.
كما أن المفاهيم المذكورة سابقاً من ديمقراطية وانتماء وطني يمكن تنميتها عن طريق الاطفال في سن مبكر؛ من خلال المناهج الدراسية التي يجب تعديلها، خصوصاً مادة التربية الوطنية التي حادت عن الهدف واصبحت مادة مبتذلة للطالب، وتفتقر للدستور الاردني ومواده، الذي يعد مرجعاً تشريعياً منظماً. إذ قامت وزارة التنمية السياسية منذ مطلع هذا العام بطباعة (1000) نسخة من الدستور الاردني، رغم أن عدد سكان الاردن تجاوز الـ 5.723 مليون نسمة!!.

إذا كان الوضع الاجتماعي والاقتصادي المهيمن على المجتمع المحلي هو السبب في التقصير الوزاري الذي عجز عن تعزيز أسس التنمية السياسية ووضعها في إطار الشراكة الحقيقية بين مؤسسات الدولة والمجتمع المحلي، فلا بد من إعادة النظر في تنفيذ خطط واستراتيجية الوزارة بما يتناغم مع مؤسسات الدولة والمجتمع الذي لا يمكن فصله عن أي مضمون من مضامين الدولة التي تخضع لنظامها وقانونها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد