صحيفة السوسنة الأردنية

عكرمة ثابت

انارت شموع الحرية " اسرى الحرية وشهدائها مع وقف التنفيذ " قاعات المقر العام للهلال الاحمر الفلسطيني في مدينة البيرة وصالات العرض فيه ، وذلك لاول مرة منذ سنوات طويلة غيب فيها الاحتلال الاسرائيلي حياة الانسان الفلسطيني والعربي في زنازينه وغرف العزل المقيتة في سجونه المنتشرة من الشمال الى الجنوب ، تماما كما غيب حرية الوف مؤلفة من الاسيرات والاسرى وحرمهم من شمس الحياة وفضاء الحرية الواسع .

وان اراد التاريخ ان يسجل في صفحاته المليئة بروائع التضحيات والبطولات ، فانه هذه المرة سيكتب بنور ونار عن ملحمة الصمود والتحدي لمسيرة كل من عانقت ساعداه سلاسل الحديد وادمت عينيه وكفيه عنجهية السجان وصلافة القضبان ... سيكتب بلا ادنى شك عن مسيرة مكللة بالانتصارات والعزة والكبرياء لطوابير شامخة وقوافل واعدة غابت وسط ثنايا الليل الدامس لتغزل لابناء شعبها واجياله الصاعدة خيوط شمسهم وحريتهم .

تمعنت طويلا انا - ومن حضر لزيارة معرض الحركة الاسرة - بكل ما علق على جدران قاعة الهلال الاحمر وانتشر في زواياها خلال معرض " شموع الحرية" الذي نظمة متحف ابوجهاد لشؤون الحركة الاسيرة في جامعة القدس – ابو ديس فاستذكرت بلمح البصر زيارة سابقة دعاني اليها مدير المتحف الاسير المحرر المناضل الحر فهد ابو الحاج – ابو باسل – والتي فيها طفت بصحبته في ارجاع المتحف الغائر في بطن جدار الفصل العنصري الملتف على خاصرة زهرة المدائن ( اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ) وعشت ساعات استحضرت الى مخيلتي ليالي السجن وعذاباته الاليمة ومشاهد الصمود والتحدي في مسيرة الاعتقال المرير .

قالت لي محامية الاسرى والمعتقلين "ابتسام عناتي" واثناء جولتها في صالة المعرض " لا اعتقد ان العقول والسواعد التي انجزت هذه الروائع ستنهزم او تنكسر امام السجن والسجان فما اراه اليوم لا يدل على هزيمة ابدا ، على العكس انه قمة الانتصارات ومنبع الارادات الشامخة " .... وفي الزاوية الاخرى من المعرض استوقفني اسير محرر ليقول لي " انظر الى مجسم المسجد الاقصى هذا ، لقد صممته بيدي في سجن عسقلان عام 1988 ، والحمد لله لم تذهب سنوات اعتقالي الاربعة عشر سدى " !!! وفي الإستقبال ومرافقة الزائرين تطوع منسق الهيئة العليا لشؤون الاسرى " امين شومان " ليشرح للمتواجدين ما لم يعرفوه عن معاناة الاسرى وابداعاتهم التي فاقت ملحمة " الكارثة والبطولة " ويطلعهم على قائمة شهداء الحركة الاسيرة في اقبية التحقيق والتوقيف والاعتقال ، واسماء واعداد قدامى الاسرى الذين انكرتهم وتنكرت لهم مواثيق العدالة والسلام .

في معرض " شموع الحرية" ينحني الوافدون ، اجلال واكبارا ، لمسيرة الخالدين وصمود الصابرين المناضلين خلف قضبان السجون ، ويقف الجميع منبهرين امام لوحاتهم ورسوماتهم وكتاباتهم المبدعة الخلاقة ، ليؤدوا التحية والتقدير لهم ولكل من يدعم قضاياهم ويكافح من اجل نصرتهم وحماية حقوقهم المشروعة ...

لقد اثبت القائمون على هذا المعرض ، ان تضحيات الحركة الاسيرة الفلسطينية والعربية لا زالت حاضرة في قلوب وعقول ابناء شعبهم ، وان الاسيرات والاسرى مهما إختلفت جنسياتهم وتنوعت انتماءاتهم ومهما طال ليل سجنهم واعتقالهم ، لا زالوا حاضرين بل متقدمين في مسيرة الحرية والاستقلال ، وهم اوسمة الفخر ونياشين النصر لشعب لا زال يناضل ويعاني من نير الاحتلال .

فإلى كافة الاسيرات والاسرى خلف جدران السجون الاسرائيلية ... الى القدامى منهم والمرضى والاطفال وكبار السن ... الى القادة والكوادر والنواب والوزراء والامناء العامين ... الى اسرى الدوريات والقدس والعرب واسرى ال48 والجولان السوري المحتل نقول :-

يا ظلام السجن خيم اننا نهوى الظلاما                             ليس بعد الليل الا فجر مجد يتسامى

واليهم ننشد ونغني :

اخي انت حر وراء السدود                  اخي انت حر بتلك القيود