دمشــق .. التي أعشقهــــا .. !!
كانت الزيارة الاولى لي إلى مدينة دمشق في مطلع السبعينيات ، عندما كنت طفلا لم اتجاوز العاشرة من عمري بعد ، برفقة والدي " يرحمه الله " واخواني ، التي كانت لنا بمثابة المرة الاولى التي نخرج بها خارج الحدود الاردنية .. في تلك الفترة الحرجة من " صراع البقاء " لامتنا العربية ، ورغم كل الاحداث والتوترات التي كانت سائدة في المنطقة في تلك الفترة ، الا أن العطش الوحدوي للامة العربية لم يكن بدرجاته الدنيا التي نحن عليها الان ، بل فاق حد التصور واستطاعت الدولتان " المملكة الاردنية الهاشمية والجمهورية العربية السورية " بقيادتهما الحكيمة من زيادة درجة التقارب الوحدوي بين الشعبين الجارين الاردني والسوري الى درجة اشبه بإزالة الحدود الدولية بين الشقيقتين .. و إثر هذا التقارب الاخوي بين الدولتين ، لم يعد استخدام جواز السفر حكراً كوثيقة إثبات لعبور الحدود للشقيقة سوريا ، بل أخذت الهوية الشخصية " الاحوال المدنية " حقها الأممي لعبور الحواجز الوضعية فيما بين الامة العربية الواحدة ، مما يعطي انطباعاً أنك كمواطن أردني زائرٌ لسوريا تتمتع بذات الحقوق التي يتمتع بها المواطن السوري في بلده ، والعكس كذلك للمواطن السوري في بلده الثاني الاردن ، و دمج الحدود بين الدولتين بحدٍ واحد مشترك وبكوادر مشتركة من الدولتين يتعايشون تحت سقف واحد بأفراحهم وألامهم المشتركة .. وكان هذا القرار أكبر دليل على وعيّ القيادتين الحكيمتين " المغفور لهما بإذن الله " الملك الحسين بن طلال والرئيس حافظ الاسد " والشعبين الاردني والسوري ، بأن هذه الفواصل الحدودية حاكها الاستعمار لإبقاء الامة العربية بحالة ضعف وصراع حدودي مستمر بين دول الجوار العربية .. وزيادة في تفككها خوفاً من ان تكون يداً واحدة في مواجهة المحتل الصهيوني الطامع في احتلال كل شبر من الاراضي العربية ..!!
ولا زلت اذكر لذات الفترة الزمنية النشاط السياحي الاردني السوري والسوري الاردني لكافة اطياف الشعبين ، في تبادل الزيارات " اردني سوري وبالعكس " والتمتع بالطبيعة الخلابة التي حباها الله سبحانه وتعالى لهذان البلدان ، فكان الاخوة السوريون يذوبون في عشق الحمة الاردنية ومياهها ، وقضاء وقتهم بين جمال تضاريسها والحسرة على ما اغتصب من ارض عربية تراها أعينهم من ذاك المكان بشغف العاشقين لاحبتهم ، ولا يستطيعون تقبيلها أو لمسها .. تلك الارض التي تئن من تلك الالة العسكرية الصهيونية المتغطرسة الجاثمة على صدرها ، تنزف دماً وتستغيث بمن يعيد لها حريتها ومجدها الذي كان ، ولكن هل من مجيب ..!! أما نحن الاردنيون نعشق كل شيء في سوريا ابتداء من دمشق القديمة بابنيتها الحانية على زقاقها المتعرجة ، باسواقها " كسوق الحميدية " وما تشتهيه من بوظة العم بكداش وحمامات السوق القديمة .. الى مياهها العذبة وخضرتها الخلابة في بلودان ومضايا وعين الفيجة وغوطتها ذات اشجار الحور الوارفة .. وجبل قاسيون الشاهق والمطل على مدينة كإبهام يطل على باطن الكف ..!!
و دمشق هذه .. التي اعشقها .. هي تلك المدينة التي عشقها القلب قبل ان تراها العين ، وحركت الجوارح وأخرجتها من سكونها .. ونبض القلب باسمها منذ ان كان جدي يرحمه الله يسرد عليّ ذكرياته عن " مضافات أهل الشام " التي حاكتها علاقات الود والمحبة عبر تجاراتهم البينية .. التي لم تتمع حينها بوسائل النقل الحديثة كما هو اليوم ، ولم تتجاوز حدود التنقل عن ظهور " الخيل والدواب " ومعاناتها ، مما جعل التقارب بينهم وبين من كانوا يتاجرون معهم يصل الى درجة الألفة والأخوة في علاقاتهم .. وتنمية أواصر القربى فيما بينهم عبر علاقات وصلت الى حد المصاهرات الاجتماعية بين الشعبين ..!!
ولن أغفل عن أحاديث والدي رحمه الله أيضاً ، عن أهل الشام وطيب كرمهم ، وكيف جعل له في كل مكان من سوريا صديقاً بمثابة شقيق " لم تلده جدتي " ، ولن أنسى تلك الحادثة التي حدثت معه على الاراضي السورية في منتصف السبعينيات .. حيث صادف رجلاً مدهوساً على قارعة الطريق المؤدي من مدينة درعا الى دمشق ، ونخوته الاردنية أوقفته ليسعف ذاك المصاب الى احد المشافي في دمشق .. ليتفاجأ حينها من رجل أمن يقتاده الى قسم الشرطة والتحفظ على والدي رحمه في التوقيف ، وبعد أن طال الانتظار اخذ والدي يصرخ على أحد افراد الشرطة ، فسمع مسؤول المركز الصراخ ليأتي ويسأل والدي " ما بالك يا اردني تصرخ " فأجابه والدي " اردني وأفتخر ، وللأسف ان قصص والدي عن كرم أهل الشام وقصص المضافات كانت قصص من الخيال وليس من الواقع الذي ألمسه .. وما كان من ذاك المسؤول الا التصرف بحكمة وشهامة عربية ويخلي سبيلة ويقول لوالدي كما الاردن بلدك سوريا ايضاً بلدك ، اذهب و قص لابناءك واحفادك عن مضافات اهل الشام وكرم اهل الشام ..!!
كل هذه المعاني والقصص الجميلة التي تناهت الى مسمعي عبر جدي ووالدي ، ولّدت في داخلي شوقاً وحنيناً دؤوباً لدمشق وحواريها العتيقة ، وسنحت لي الفرصة لدراسة المرحلة الاولى للثانوية في احدى مدارس دمشق القديمة " النداء العربي " مما استدعى الامر لاقامتي في احدى حواري معشوقتي دمشق مع عائلة دمشقية آنست وحدتي , ولمست عن قرب تلك القصص التي قصها عليّ جدي ووالدي يرحمهما الله عن طبائع الشهامة العربية المتأصلة في هذا الشعب .. حتى باتت دمشق تنساب في خلجات جسدي كجرعة دواء لمصاب بداء الضغط .. وكم تكون حاجته لتلك الجرعة التي تريح الجسد من عناء همٍّ أو غمٍّ ألمّ?Z به عبر المعاناة اليومية في هذه الحياة .. هذا كان جواباً لأسئلة والدتي" شفاها الله من هذا الداء " التي لم تيأس أبداً من طرحها عليّ كلما هممت لزيارة معشوقتي دمشق , لتسمع مني ذاك الجواب المعتاد على اسئلتها " كما ترتاحين يا امي بجرعة داء الضغط تلك , ارتاح انا بزيارة معشوقتي الدمشقية .. !!
آمل أن تتجسد وحدة الروح والمكان ، ووحدة امتنا التي لن نقطع الامل من تحقيقها يوماً نصحوا من غفوتنا لا نعرف حدوداً أو فواصل بين امتنا العربية ونتباها بازالتها كما نتباهى بعراقة دمشق القديمة تلك بكل ما فيها من وفاء لقيمنا العربية والاسلامية ...!!!
akoursalem@yahoo.com
هزة أرضية في القاهرة .. تفاصيل
مهم للأردنيين الباحثين عن وظائف حكومية .. أسماء وتفاصيل
بورصة عمّان تغلق تداولاتها على ارتفاع
افتتاح المعرض الإنتاجي لطلبة BTEC في العقبة
بعد ضجة استقباله بالأردن .. راغب علامة يرد: المحبة مش هستيريا
اتخاذ أقصى العقوبات بحق من يمس المقدرات المائية بالأردن
الاحتلال ينذر بالإخلاء الفوري بعد إطلاق صواريخ من شمال غزة
الرواشدة يقرر تأسيس مكتبة للطفل في قضاء الجفر
مجلس الأمن يستمع إلى إحاطة بشأن خطورة الأوضاع بغزة
المتواضع صديق الفقراء .. وفاة رئيس الأوروغواي السابق موخيكا
صفقة أسلحة الأضخم تاريخياً بين أمريكا والسعودية
إنجاز كبير .. بلدية أردنية بلا مديونية
بيان من النقابة بخصوص الحالة الصحية للفنان ربيع الشهاب
مهم من التربية للطلبة في الصفين الثالث والثامن
تحويلات مرورية بتقاطع حيوي في عمّان اعتباراً من الجمعة
تحذيرات من موجة حر غير معتادة .. آخر مستجدات الطقس
متى تنتهي الموجة الحارة وتبدأ الأجواء اللطيفة
هام بخصوص تأجيل السلف والقروض لمنتسبي الجيش
الأردنيون على موعد مع انخفاض ملموس في درجات الحرارة
اكتشاف نيزك قمري نادر في وادي رم .. صور
اعتماد رخص القيادة الأردنية والإماراتية قيد البحث
الهيئة الخيرية الهاشمية ترفض أكاذيب موقع إلكتروني بلندن .. تفاصيل
تراجع كبير بمبيعات السيارات الكهربائية محلياً .. لماذا
حب ميرا وأحمد يُشعل سوريا .. خطف أم هروب