فوضى الأسعار .. مسؤولية من؟

mainThumb

01-10-2008 12:00 AM

قد يستغرب البعض من خلال متابعته لكتاباتي عبر صحفنا الالكترونية الغراء ويقول...... ما لهذا الرجل تارة يناصر الحكومة ويؤيدها وتارة أخرى يخاصمها ويعارضها في آن واحد ....... وهنا لا يسعني إلا أن أقول بأنني أناصر الحكومة لا بل أنا مع الحكومة ومن الحكومة كيف لا وهي صوتنا وذراع الحق فينا إن أحسنت صنعا ويكفيها أنها حائزة على ثقة مولاي القائد المفدى أعز الله ملكه... ولكن ومن منطلق" انصر أخاك ظالما أو مظلوما" فإنني اوجة انتقادي أو مديحي للحكومة أو أي شخص آخر .

فالأصل هو قول كلمة حق كي تنصر أخاك ظالما كان أو مظلوما. فللمرة الثالثة على التوالي تقوم الحكومة بخطوات خجولة بتخفيض أسعار المحروقات بعد أن وصلت الأسعار لأرقام قياسية كما يعلم الجميع......وعلى الفور لم يقصر تجارنا آنذاك بالرد سريعا وبعملية حسابية ديجيتالية في أذهانهم وبسرعة البرق رفعوا كل شيء حتى عجز المواطن عن شراء أي شيء.لقد تصرف التجار بمهنية واحتراف ليس لهما من أخلاقيات التجارة بشيء لا بل تنم عن جشع واحتكار ومراباة بربح لم تقره أي شريعة سماوية حتى في الشرائع البوذية.

لقد كان رفع الأسعار صاروخيا دون حسيب أو رقيب وبصمت حكومي رهيب وكل ذلك احترامنا لاقتصاد السوق ومراعاة لكلمة عطف من أصحاب صندوق النقد الدولي. لقد صمتت الحكومة على فوضى التجارة والأسعار وتركت الحكم للجلاد فأصبح التاجر هو الحاكم والجلاد في آن واحد حتى شكل كل تاجر كبير""دائرة إفتاء خاصة به"" يصدر من خلالها فتاوى تحلل أو تحرم رفع الأسعار وبالطبع فان التحليل برفع الاسعار هو السائد لا بل هو المطلق وانبرى ذلك على صغار التجار فقد شكل كل منهم دائرة الإفتاء الخاصة به فأصبح يقتدي بأسياده من حيتان السوق وكل ذلك على مسمع ومرأى الحكومة فهي تخشى أن يقال عنها أنها ابتعدت أو انتهكت مقومات ومبادئ وأدبيات اقتصاد السوق. واستمر الوضع بالتدهور حتى وجد الناس ضالتهم في البورصة ورأينا ماذا كانت النتيجة.... إحباط لم يشهد له المجتمع الأردني من قبل.

إنني لا ولم ولن اسب الحكومة ليس خوفا منها ولكن احتراما لرمزيتها و لوطني ومليكي وأهلي أبناء جلدتي أبناء أردن ابا الحسين أعزة الله.

إنني لا ألوم حكومتنا الحالية فقط بقدر ما ألوم كل الحكومات المتعاقبة والتي كانت تسكت عن الحق وتعرف الكثير من التجاوزات وعلى شتى الأصعدة ولكن هيهات أن تتدخل الحكومة.....فرحمة الله عليكي يا وزارة التموين ولكي منا ثواب الفاتحة على روحكي الطاهرة صبيحة كل يوم........وماذا بعد... ....ها و قد وقع " الفاس بالرأس" وما بقى للشعب إلا أن " يشحذ" ولكن بلطف الله ومكارم سيدنا بين الفينة والأخرى نجده يخفف عن كاهل الناس.

والغريب بالأمر أن تجارنا" الاكارم" يلاحقوننا حتى في مكارم سيدنا فمجرد اقرار زيادة في الرواتب أو مكرمة ملكية يلجا التجار إلى" دوائر الإفتاء في أذهانهم" ويقررون الزيادة في الأسعار كل على هواة ودونما خجل أو وجل.

هذا ما هو على ارض الواقع وما يبعث على الأمل المفقود ما قامت به الحكومة مشكورة على تخفيض أسعار المحروقات ورفع الضرائب عن الكثير من السلع ولكن كل ذلك ذهب مباشرة إلي جيوب التجار وحرم منه هذا الشعب الكريم ولنا في مراقبة الأسعار لنجد أن ما من مادة أو سلعة رفعت أسعارها إلا وارتفعت مع كل تخفيض جديد للمحروقات وما من سلعة رفعت الضرائب عنها الا راوحت مكانتها السعرية كيف لا وقد صدر حكم" المفتي" بها فلن تنخفض لان " التاجر "ليس في قاموسه مثل هذه الفلسفة التي تنسجم وروح التجارة المباركة.

خلاصة القول... إنني إذ اعتز برئيس حكومتنا لما عرف عنه من نزاهة وشفافية فانني انتقد الحكومة كل الحكومة وأحملها كل المسؤولية لعدم جديتها في قطع دابر آكلي قوت الشعب من تجار الجشع والاحتكار فلا يعقل أن نقدم آراء البنك الدولي وأفكار اقتصاد السوق" المسمومة "والتي لم نصل إلى أن نتفهم" ماهيتها" حيث اثبت التجار أن اقتصاد السوق يعني لهم أن يكون التاجر هو صاحب الكلمة في تحديد الأسعار وعلى الرغم من أن اقتصاد السوق قائم على العرض والطلب وهذا صحيح في كل اقتصاديات العالم المتحضرة ولكن في اردننا فان هذا المفهوم مغلوط لان التاجر أصلا محتكر وهمه الكسب حلالا كان أم حراما كيف لا والحكومة تساعده بطريقة غير مباشرة بسكوتها عن جرائم الاحتكار والاستغلال ولا اعرف إن كانت تدري أو لا تدري فاقتصار رخص استيراد اللحوم على"" سبيل المثال"" على شركة واحدة يجعل من ذلك فرصة لها لان تحتكر وترفع الأسعار كما تريد مستغلة سكوت الحكومة الخائفة على اقتصاد السوق المفقود أصلا.

إن من يدعي بأننا نمارس اقتصاد سوق هو واهم واهم... إننا نمارس اقتصاد الاحتكار الجشع والمراباة اللعينة.. إننا نمارس اقتصاد الحيتان اللذين لا يرحمون ........كيف لا وقد بتنا نأكل لحوما أو مواد غذائية فاسدة أو غير صالحة للاستهلاك البشري........ إن ما شاهدته ذات مرة في برنامج تلفزيوني أردني "دليل المستهلك " حول فساد اللحوم والمواد الغذائية يجعلنا نخجل من أنفسنا كقوم وأمة متحضرة نعيش في القرن الحادي والعشرون.... وهنا فإنني اتساءل... أكل هذا احتراما لاقتصاد السوق أم مراعاة لبعض حيتان التجار الفاسدين المفسدين؟؟؟؟.. ومن هنا.. فإنني أناشد دولة الرئيس..وضع النقاط على الحروف.. وكف يد كل من تسول له العبث في قوت الشعب ولنعلم جميعا إننا في ارض الرباط في أردن أبا الحسين لن نسكت عن مرابي جشع محتكر وليفعلوا تجارنا ما بدا لهم.. يجب عليهم أن يعلموا جميعا أن من يمد يده على مقدرات الشعب فان يد الله ستنتقم منه فالدعاء والتضرع إلى الله وسيلتنا والصبر طريقنا ولو سكتت كل أبواق حكومتنا ودمتم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد