جياع في عالم يخلو من قيم الإنسانية

mainThumb

10-10-2008 12:00 AM

إن المطلع لحال بقع الفقر في العالم يشعر بأن العالم بات يخلو من المال الكافي لشراء قوت لهؤلاء الفقراء، وسينتاب كل شخص متمتع بالإنسانية مؤمن بالقيم النبيلة التي توارثتها الأجيال والتي تدعو لها كل الديانات حالة من الشعور بالرغبة الجامحة في المساهمة في سد جيوب الفقر في العالم والمساهمة في إنقاذ كثيرين ممن يتهددهم الموت بسبب نقص الغذاء، وفي حال كان تفاعل الشخص تجاه قضايا الفقر والمجاعات التي تتهدد بقع شتى في العالم كأنها حدث عارض سيكون هذا الإنسان وبلا تجني فاقداً لأهم مقومات وصفة بالإنسان نظراً لخلوة من الإنسانية تجاه أخيه الإنسان، وما يستهجنه أي متتبع عادي لحالة الوضع الإنساني في العالم يشعر بأن هنالك حاجة لتفعيل مؤسسات إنسانية في كافة أنحاء العالم لتسهم في تقويض أسباب الفقر والجوع والخوف عن الكثير من الناس، وربما سيُخيل للمرء مدى الأموال الطائلة التي تحتاجها مثل هذه المؤسسات الإنسانية لكي تقوم بعملها بكل فاعلية ، وفي حال كان إنسان بسيط لن يكون في مقدوره عمل أي شيء في سبيل المساهمة في سد جوع هؤلاء الفقراء، ولكن تبقى مشاعر الإنسان وأحاسيسه المنشدة لمثل هذه الحالة نوعاً من المشاركة الذاتية والداخلية ومجازاً نقول الروحانية، ولكن على الجهة الأخرى فهنالك الكثر في عالمنا على الصعيد الفردي وعلى الصعيد الدولي قادرين على رفع المعاناة عن هؤلاء الفقراء والجياع في العالم وإنسانيتهم وانتمائهم الفعلي والحقيقي لدائرة العالم الإنساني الذي يسوده التعاون والقيم النبيلة تحتم عليهم التدخل والمساهمة الفعلية في إنقاذ هؤلاء المحتاجين ورفع المعاناة عنهم، وفي حال كان هذا المالك والقادر غير راغب وغير أبه في تقديم المعونة لهؤلاء المحتاجين فبكل صراحة سيكون خارجاً عن دائرة الانتماء الإنساني الفعلية.

ربما تكون الفقرة السابقة تصف حالة الشعور الإنساني وحالة الشعور اللا إنساني، وتصنف الطبائع ولكن ما يهمنا هو بيان حقائق قد وقعت في الأسابيع الماضية حيث كانت قبل أشهر وما زالت تتعالى نداءات المنظمات الإنسانية العالمية والمحلية وبالأخص في أفريقيا نحو التحرك الدولي تجاه الجياع الذين يتهدههم خطر الموت، وقامت تلك المنظمات والمؤسسات الإنسانية ببيان ما تحتاجه عملية الإنقاذ من مبلغ مالي يقارب المليار دولار، حيث أن هذا المبلغ كفيل بإنقاذ ما يزيد عن خمسة مليون شخص سيموتون جوعاً في ظل تجاهل وضعهم، والغريب أن العالم لم يتحرك ولم تهتز كياناته لا في الشرق ولا في الغرب لمواجهة خطر يتهدد جزء من الإنسانية، وربما في منطق نظرنا القاصر على أوضاع العالم الاقتصادية خُيل لكثيرين منا ضخامة مبلغ المليار دولار، ولكن بحلول الأزمة المالية العالمية وما تخللها من تدخلات دولية لإنقاذ مؤسسات مالية وما خيل أنها قضية مصيرية بانت وتكشفت حقائق مالية أشعرتنا وأشعرت كل مطلع على صغر المبلغ الذي كان مطلوباً لإنقاذ الملايين مقابل ما دفعته الحكومات الغربية من مليارات لمواجهة الأزمة الاقتصادية وبشكل يفوق 700 ضعف المبلغ فقط من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن المبلغ الذي كان سيحل مشكلة ما يزيد عن خمسة مليون شخص في العالم وينقذهم من الموت جوعاً هو شيء لا يذكر أمام ما خسرته أسواق المال من مبالغ طائلة تجاوزت 300 ضعفاً لهذا المبلغ فقط في أسواق الخليج العربي، ومن المؤسف تكشف حقيقة الغنى الفاحش والسيولة المالية المتوفرة أو كانت متوفرة في ظل وجود أزمة إنسانية في العالم ولم تتحرك تلك الخزانات المالية لتقدم ملياراً واحداً لأجل الإنسانية.

إن الناظر لحالة التضارب بين القضيتين يجد أن العالم يجيد التنظير في المؤتمرات العالمية وعلى كل المنابر داعياً للإنسانية وفي ذات الوقت ينحل من مسؤولياته تجاه قضايا الإنسان ليطارد قضايا المال غير أبه بالموت والجوع والفقر والخوف.

كاتب لأجل الإنسانية

Malek_alb@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد