سميح المعايطة : و( تخلي المتعوس عن خايب الرجا )

mainThumb

11-10-2008 12:00 AM

من ثماني سنوات ، جمعتني الصدف في مكتب وزير الإعلام الأسبق ، معالي الأستاذ صالح القلاب ، مع الصحفيين : سميح المعايطة ، وياسر أبو هلالة ، وعرفت حينها ، كم هما متنافران : ياسر باندفاعه وحدية طرحه . وسميح في هدوئه ورويته .

كما عرفت كم هما متقاطعان ، في شدة الإحساس بهموم الأمة وقضاياها ، وملتصقان لدرجة التماهي معها ، وفي الإيمان بسمو الرسالة التي ارتضياها.

ومن ذاك اللقاء العابر ـ الذي لا أدعي شرف المشاركة فيه – حمـّلاني عبء ومعاناة متابعة بوحهما ، وهمومهما ، ولجلجات قلميهما ، وخوفهما ، ووجعهما ، من خلال الكلمة ؛ مسموعة كانت أم مقروءة .

وكم كانت الصدمة قاسية في النفس ، وأنا أشاهد واسمع بأم عينيّ ، ذاك الصرح الكبير يتضاءل ، في مقابلته مع مراقب عام الشركات ، معالي الأستاذ صبر الرواشدة ، رأيته وقد انسلخ عن جلده ، وبدا شخصا آخر، غير ذاك الذي عهدناه ، شخصا تبرأ من وجع الفقراء وأنينهم ، وجحدت عيناه الصغيرتان ربعه الطامحين ــ وليسوا الطامعين ــ بمائة دينار، زيادة على مداخيلهم التي يعرفها أكثر مني . كم وددت منك يا أستاذي الذي لا زلت أحترمه ، أن لا تسأل (المتعوس ، ولا خايب الرجا ) من أين لك الألف أو الألفين ؟ كما تمنيت أن لا تلجّ ولا تلحّ على ( المصخــّم) كم أخذت أرباحا ؟ ، وكم وددت أن تتوجه بمثل هذا السؤال ، لمن تخرج الألف دينار من عادم ( أكزوزت ) سيارته رباعية الدفع ، في أقل من أسبوع ، ما بين عمان الغربية والعقبة ، ( طبعا على نفقة هذي المفوضية أو تلك الجامعة )!!!!! اذهب يا أستاذي إليهم ، أنت تعرفهم بأسمائهم ، وعناوينهم ، وبمياوماتهم ، ومجالس إداراتهم ، وانجازاتهم ، ووطنيهم المدّعاة .

أخي سميح : كم أحسست ( كما المشاهدون ) بنظراتك الحائرة الذاهلة الغريبة ، التي طالما بكت عيناها في يوم ما ، على بدوي يركب حماره ، ويسوق غنيماته التي لا يجد لها علفا ، مثلما لا يجد لأبنائه قوتا . كم بدت تلك العينان الصغيرتان الغائرتان في مرقديهما ، غريبتان ، قاسيتان ، تختبئان خلف نظارة بيضاء ( على ما يبدو زادت الأيام سمك زجاجتيها ، ووسعت الليالي إطارها ، وزادته بريقا ولمعانا) حتى ما عادت ترى إلا ربطات العنق ، التي تتدلـّى من الرؤوس المتضخـّمة ، والمكاتب الفاخرة ، وما عادت تستأنس إلا بالنظر إلى أصحابها .

مني .... ومن فقراء الوطن أمثالي ، الذين حرمنا حتى الحلم ، بأن نصبح منكم ، أو مثلكم ، ألف تحية أستاذي، وتحية مثلها للأستاذ الفاضل ياسر أبو هلالة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد