شراء عقود شركات البورصات كشراء السمك في البحر

mainThumb

06-10-2008 12:00 AM

بعد اختفاء أبطال شركات البورصة العالمية عن الأنظار لمجمل من الأسباب من بينها الهروب والخوف من المواجهة مع المستثمرين أو من خيل لهم أنهم مستثمرون في هذه الشركات بدأت تطل في الأفق عمليات مالية جديدة متعلقة بهذه الشركات، وهذه المعاملات المالية شبيهة بنموذج الحلول الأمريكية لأزمة الرهن العقاري الناتجة عن عدم قدرة المدينين بالوفاء بديونهم حيث تشتري الدولة ( الأصول المالية المتعثرة ) بسعر أدنى من قيمتها الفعلية من المؤسسات المالية التي شارفت على الإفلاس وتصبح الدولة هي المالك الفعلي لهذه الديون، وربما جاء الحل الأمريكي لتلك المؤسسات بحل ينقذها، ولكن شراء الأصول المتعثرة في أمريكا يختلف كثيراً عن حالة شراء (عقود الشركات المتعاملة في البورصات العالمية ) والذي بدا في الانتشار، وسنوجز هذا الاختلاف بما يلي :

في حالة شراء الأصول المتعثرة في أمريكا فإن الدولة هي من تشتري هذه الأصول المتعثرة، بينما في بلدنا فالدولة غير مستعدة لشراء مثل هذه الأصول (العقود المتعثرة) وهي غير ملزمة قانونياً أو حتى اعتبارياً ومعنوياً، وقد يستغرب البعض ويظن أنها الدولة غير راغبة في الإسهام في حل قضية شركات البورصة ولو على النمط الأمريكي أو أنها تتنصل من المسؤولية، ولكن... لماذا هذا التجاهل من الدولة؟!! ولماذا لا تشتري الدولة هذه العقود (عقود الاستثمار) من المواطنين بقيمة مساوية أو أقل بنسبة معينة من قيمتها الفعلية؟!! ولماذا لا تقدم الدولة على هذا العمل لكي تخفف حالة الخسارة على المستثمرين في هذه الشركات كما فعلت الولايات المتحدة؟! إن الإجابة على الاستفسار السابق تكمن في فوارق واضحة بين الحالتين، فالولايات المتحدة الأمريكية تشتري أصول متعثرة لأشياء ظاهرة وعينية متمثلة بعقار أو غيره من الممتلكات المادية الملموسة والموجودة فعلياً، بينما ( عقود شركات البورصة العالمية) في بلدنا لا تمثل غير أحبار على الأوراق، كما أن المؤسسات التي تهدف الولايات المتحدة لإنقاذها هي مؤسسات مالية ساهمت في ما مضى في دعم الاقتصاد الأمريكي وكان لها دور في نموه وتطوره، بينما شركات البورصة العالمية هنا لم تسهم إلا في جلب مغامرات مادية هزت الاقتصاد المحلي، كما أن المؤسسات في الولايات المتحدة كانت تدفع ضرائب ومخصصات مالية للدولة ورسوم تشغليه وما شابه بينما هنا لم تدفع هذه المؤسسات للدولة أي شيء يذكر وربما مساهماتها الاقتصادية والتشغيلية ستكون حكراً على شقين في المجال القضائي وذلك بارتفاع عدد القضايا المالية بينما شقها الأخر هو في المجال الطبي، ولذلك فالدولة الأمريكية كانت ملزمة أخلاقياً في مساعدتها لتلك المؤسسات، كما أن تداول تلك الأصول المتعثرة في الولايات المتحدة الأمريكية قد يفضي في نهاية المطاف لمكاسب مالية للدولة بينما هنا لن تكون لتلك الأصول والمتاجرة فيها أي قيمة حالية ولا مستقبلية وشراء الدولة لها هو بمثابة انتحار مالي وخوض مغامرة مالية لم يكن للدولة أي ضلع فيها، كما أنه بمثابة تصدير للأزمة من حالتها الشعبية إلى حالة رسمية والدولة في غنى عن ذلك، وأن التصور الفعلي لحال تداول عقود شركات البورصات العالمية كحال شراء السمك في البحر
 وهذا الوضع السابق لحالة هذه الشركات ومتعامليها هو حال أي عمل مالي يقوم خارج الأطر القانونية وخارج مظلة الدولة بهدف التهرب من الأداء الضريبي أو غيره من الالتزامات تجاه الدولة، ومثل هذه الأعمال تحوي في الغالب مخاطرة مالية تتمثل بانعدام الرقابة عليها كما أنها تكون خارج نطاق شرعية الدولة كما كانت تعمل شركات البورصة العالمية، والدولة غير ملزمة بتحمل أي تبعات سلبية قد تنجم عنها في منطق الحق، كما أن ما يحدث حالياً من تداول بين مستثمري هذه الشركات وجهات غير رسمية لمثل هذه العقود (عقود الشركات العاملة بالبورصات العالمية) هو حالة تخبط في معاملات مالية جديدة قد تكون نتيجتها النهائية باعثاً على المزيد من الأزمات المالية وحالات التحايل الجديدة ويكون ضحاياها المستثمرين أنفسهم أو من يشتري منهم تلك العقود. Malek_alb@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد