الدقائق الاخيرة من حياة مسؤول

mainThumb

22-10-2008 12:00 AM

وصل المدير العام مكتبه صباحا وبعد ان دخل من باب المؤسسة تسابق المتملقون لإلقاء التحية علية مع الإبتسامة الصفراء التي ترتسم على الوجوه يسرع احد المراسلين لحمل الحقيبة عنه ويضغط زر المصعد اكثر من مرة والمسؤول ما يزال بتلك الكشرة التي استمدها من زوجته عند خروجه من المنزل ، همس احد المتملقين لزميله بعد ان قدما الولاء والطاعة لحضرة المسؤول (على ايش شايف حاله مصيره يطير من على الكرسي مثل ما طار غيره) ، ضحك زميله وقال (كرسي حلاق ) واحد يقوم وواحد يقعد.

وصل المسؤول الكريم لمكتبة استقبلته السكرتيرة كما كانت تستقبل زملائة من قبل ة بإبتسامة خفيفة تنم عن ذكاء حاد ، (سباح الخير يا بيك .....نورالمكتب) ، تبسم لها (يسعد هالصباح سويتي...منوره اليوم .... شو الاحمر هدا) يفتح المراسل الباب للبيك ويضع الحقيبة بجانب المكتب (تأمرني اشي سعادتك ) فنجان قهوة وسط وخلي السكرتيرة هي اللي دخلها ...أمرك يا بيك ثواني وتكون عندك .

ضغط زر الحاسوب المثبت على يمينه وانطلقت نغمة بدء التشغيل ليقلب هو مجموعة من الاوراق التي تركها بالامس على مكتبه ويقلب ورقة المفكره التي تعلن عن بدء يوم جديد كانت المفكره تحمل بيت الشعر هذا ( يومُ الحسومُ وما أدراك ما حسموا ** فيه المآثمُ والخيرات ُ ترتسمُ ) لم يعرها اهتماما ، بدا بإستعراض بعض الصحف الإلكترونية التي اعتاد على متابعة اخبارها ومنها يستمد معلوماته عما يدور هنا وهناك ...تأخر تحميل الصفحة قليلا حرك كرسية الدوار يمينا وشمالاً باحثا عن نظراته المخصصة للقراءة ...وضعها على عينيه إلتفت بإتجاه الشاشة ليجد صورته قد زينت الصفحة الرئيسة وهي تحمل عنوان مسؤول في مؤسسة عامة يشتري سيارة مرسيدس موديل 2009 ذات محرك سعة 3000 سي سي لون رمادي علما بأن مؤسسته تعاني من عجز في الميزانية بلغ اكثر من 55% ....... عقد الحاجبين كله كذب في كذب شو هالتخابيص هاي من وين يجيبوا هالحكي مش عارف .....رفع سماعة الهاتف وطلب من السكرتيرة ان تطلب له مسؤول تحرير تلك الصحيفة ...انطلقت اغنية (ناويلك على نيه بس انت اصبر شويه ....) بدأ البحث عن مصدرالصوت وصل لجيب جاكيته المثبت على مسند ظهر كرسيه الدوار تذكر انها نغمة هاتفه المحمول وإذا به احد الاصدقاء يسأله عن الخبر وبعد النفي والتبرير ....وضع هاتفه على الصامت وإذ بسكرتيرته تخبره ان مسؤول تحرير تلك الصحيفه على الخط بدأ بالسلام ثم دار بينهم الحوار التالي : - شو هالخبر يا اخي من وين جابينه الله يسامحك مش تتحروا الدقه اولاً....... ليش هو الخبر مو صحيح يا بيك....... - مو كله بس فيه كثير معلومات مش دقيقه. ....... مثل شو يا بيك وإذا ثبت كلامك فنحن ندين لك بإعتذار على الصفحة الرئيسية ولمدة شهر كامل وبالخط العريض....... - يعني انتوا حكيتوا انه السيارة مرسيدس وهذا الكلام مو صحيح لانها تويوتا وموديلها مو زي ما ورد بالخبر 2009 هي موديل 2008 وقصة 2009 واورد الخبر سعة المحرك انها 3000 سي سي وهذا عار عن الصحة لانه سعة محركها 2000 سي سي انجكشن خال من الرصاص........ والله يا بيك مو عارف شو احكيلك....... - وبعدين يا اخي مؤسستي ما بتعاني من عجز 55% في موازنتها انا مو عارف من وين تجيبوا هالارقام. ....... لكان من كم تعاني المؤسسة من عجز يا بيك اذا تكرمت....... . - يعني حوالي من 40 إلى 45 % بس وبعون الله رح نغطيها السنة الجاية....... . لحظة يا بيك هلا وصلتني مسج تحكيلي اسألك عن قصة الفراش ابو رزق ؟....... - مين ابو رزق ؟......اه اتذكرت يا اخي شو بدكم بهزلمه الغلبان هذا يا سيدي ابو رزق اله متعين عنا بالشركه من شي ثلاث اشهر وزي ما فهمت منه انه قدم توجيهي اربع مرات وما حالفه الحظ لانه زي ما انت عارف التوجيهي عنا بالاردن كثير صعب فقررنا من اجل رفع مستوى الكفاءة بالمؤسسة انه نوفده لايطاليا علشان يجيب شهادة التوجيهي كونه عندهم اسهل وبهيك نكون قضينا على اخر رجل امي بالمؤسسة ...حرام اللي انا عملته يا ناس ....بالله عليك لا والله وعداك العيب ....اشكرك يا بيك واوعدك انه رح ينزل خبر تحت عنوان سقط سهوا ونبين فيه صحة المعلومات اللي ذكرتها ورح نشيد بتعاونك معنا وبسرعة إستجابتك.

انتهى الحوار هنا واسند المسؤول ظهرة على مسند الكرسي وتنهد تنهد المنتصر وإذا بالسكرتيرة تدخل دون إستئذان وهي تتصنع الحزن.

انا اسف يا بيك بس اجا فاكس من فوق وما حبيت حدا يشوفه قبلك خير شو فيه هالفاكس خير انشاء الله بس اهم اشي فيه انه قررنا إيقافك عن العمل منذ الان نرجوا تسليم مهامك فورا للمدير الإداري ....... وتقبلوا فائق الاحترام والتقدير ....

حمل حقيبته هذه المره لوحده وفتح الباب بيده توجه للمصعد وإذ بالمراسل يجلس على كرسي مقابل المصعد ليقول له هيه انت (الاصنصيل معطل طيح مع الدرج اسرعلك) ...غادر بسيارة اجره دون ان يودعه احد ...رفعت السكرتيره سماعة الهاتف وبعد الوووو قالت مغنية فرحه (طار البيك طار من على الكرسي طار ....)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد