حوار مع شيخ فاتحة الكتاب (3)

mainThumb

25-10-2008 12:00 AM

أصبحت زيارات الشيخ بلا موعد وبدون استئذان فهذا حقه كما أني لا استطيع رفض هذه الزيارات الفجائية.. لكن هذه المرة انتظرته متعمدا النوم باكرا حتى تطول الزيارة وكعادته يأتي قبل انبلاج الفجر فتسبب ذلك لي باضطراب في الأحلام المصطنعة التي ارسم خارطتها قبل النوم ولا أذكر أن شيئا منها تحقق حتى الآن ورغم ذلك أمارسها فأصبحت عادة ونوع من التسلية الذهنية تعجبني وتفعل مفعول المهدئ.

هذه المرة اصطنعت حلما رائعا ووضعت خارطته مستمدا عناصره من ومضات الأمل بنجاح الحوارات الفلسطينية المتعددة وتجرأت على عقلي اعتمادا على أن زمن المعجزات وإن تولى بقي في قعر كأسه بقايا قطرات لم يلتفت إليها احد وأثرى خارطتي .

أن التناقضات في كل شيء جائز أن تتحول إلى عنصر جديد في هذا الزمن (طفرة في لغة العلم , وغير نمطي في لغة المنطق ) مثلا : أفقر القرى والمخيمات نالت نصيبها من خسائر البورصة بما يوازي ميزانية دولة جزر القمر وتكفي لجعل دولة المالديف تقترب من الريفيرا بعدد المنتجعات السياحية .

ولو اعتمدنا نظرية بعض الأحزاب في الاقتصاد ووزعنا زكاة هذه الأموال لما بقي محتاج ..وهكذا سنعيد هذه الأموال على نفس الذين خسروها لو أنهم بقوا محتفظين بسرهم وبمالهم وبنسبة قد تكون اكبر مما يأملون به من التعويض مع احترامي الأكيد لحزنهم وغضبهم المقدس .. فجأة وقف الشيخ أمامي يداعب لحيته وقال : (لا تكن ممن يطبخون الحصى) عاجلته بسؤال كنت قد رددته كثيرا حتى لا أنساه وقلت : لم لا تبقي على أملي بمصالحة الأخوة في فلسطين حيا ؟؟ أجاب ضاحكا : أصحاب المبادئ يا ولدي يعيشون خارج الزمن ويشدهم الحنين إلى زمن الانتصارات وتجارب المنتصرين لوضوح أهدافهم .

ولا تتعدد الخيارات أمامهم إما الظفر واما الشهادة ويبقون على ذلك حتى يصلون إلى غاياتهم . وأنت في زمن أحلام (,,,,,,,) حيث كل شيء مخادع وضبابي, راجع ما كان مرفوض قبل خمس سنوات مضت .أصبح شرطا للتفاهم .!!! قلت : أتقصد إدارة السلطة والانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية ؟؟ هز رأسه عدة مرات موافقا . فقلت : تذكرت لم تكن الديمقراطية قد وصلت إليكم .

كما لم تكونوا تعرفوا ركوب البنز الشبح المصفحة ولا ألبي أم دبليو ولا شرب الكولا المثلجة ولا تعرفون شيئا عن الهمبرغر أو الكنتاكي .ولم تتعلموا الدلع على الطريقة التركية.ولم يكن عندكم فضائيات .

و....... أشار لي بالسكوت وقال : الم أعلمكم أن المبادئ وضعت كمنارات لنهتدي إليها لا لنصطدم بها..وان المرونة في الوسائل خطأ حين تفقدك بوصلة الهداية للطريق نحو الهدف .

وحين تتحول المرونة إلى هدف تصبحون عبيدا لمصالحكم الشخصية وتتغلب الأنا على قدسية القسم والعهد ؟؟, وتضعون بإرادتكم قيود العبودية فتتناسون حقيقتكم ؟ الم أعلمكم أن الرسالة الأسمى هي بناء الإنسان وعلمتكم الفرق بين الإنسانية والآدمية فيكف قلبتم صورتكم فأصبح حواركم بينكم بلون الدم وتقذفون عدوكم بزهر التودد من اجل رغيف الخبز وتدعون أنكم على نهج الصحابة ؟ قلت : أنا بصراحة مؤيد لاتفاق اوسلو.. سكت لحظة وقال : قال : وكنت أنا كذلك قبل اقتحام الأقصى .

وتمنيت لو عدتم للغة ثورة الحجر ..... توقف لحظة ثم أردف قائلا : هل تعرف كيف يستعبد الفيل رغم قوته الجبارة ؟؟ يستعبد يا ولد حين يقنعه المروض بنسيان انه فيل ,بتقييده وتجويعه وضربه ومتى قبل إطعامه من قبل سجّانيه يكون قد نسي انه فيل .

فتوضع بأرجله السلاسل , فيعمل بجهد الفيل ويرضى بعشائه وبضع كلمات مجاملة من مروضه . هم يعلمون أن الشعب الفلسطيني جبار ويحاولون بشتى الوسائل أن ينسى ذلك . ونسوا أيضا أن من صفات الجمل العربي. الصبر والانتقام ممن أذله.هل فهمت لماذا شاركت في شبابي وحملت راية الثورة العربية وكنت دائم الحديث عن رموز ثوار العرب.؟؟؟؟؟؟؟؟ صرخت قائلا : لم لا تقول هذا الكلام للمتحاورين فهم أصدقاؤك.؟؟؟؟؟ هز عصاه في الريح وقال : ليس كلهم . قلت : لماذا : ( ليس لديك أصدقاء إن لم يكن منهم من يشاركك في معتقداتك وقناعاتك أما الباقي فسينقلب عليك عند أول منعطف .تبعا لإعاقته الناجمة عن نوع السلسلة التي قيد نفسه فيها....) صرخت اسمع هذه المرة سأقول لك : لا احد يستطيع أن يدعي امتلاك الحقيقة المطلقة لان الله هو الحقيقة المطلقة ومالكها ،أما نحن البشر الحقيقة المطلقة بالنسبة لنا هي مقدار المعرفة وهي حق للجميع كالهواء كل منا يشارك الأخر على قدر طاقته وحاجته واهتماماته وبقدر ما يلبي حاجته للبقاء ، وذلك مرتبط بطموحاته وما يسعى لتحقيقه في هذه الحياة ، مستندا بذالك على مقدرته وما يتوفر لديه من وسائل المعرفة وتجاربه في حياته التي أو صلته لما هو عليه .

نعم نريد أن نعيش ........نريد أن نعيش نظر إلي بإشفاق وقال: أينا الحي يا شقي ؟ الم أعلمكم الفرق بين العيش والحياة؟؟ وخرج الشيخ غاضبا مع ضوء الباب الواصل بين حلمي وصلاة الفجر ... هز قلمي كتفيه وسخر مني وكتب انتظر سيكون عندك الوقت الكافي لقول ما تريد فقد رأيت إصراره على العودة فلا تعجل !!!!!!!!!!!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد