الاستثمار في الاردن الى أين ؟

mainThumb

14-07-2012 01:17 PM

 علي المدادحة - يعتبر الاستثمار العامود الفقري لنمو الاقتصاد الوطني لأي بلدا في العالم , اذا ماتم استخدام أدواته الادارية والفنية والانتاجية بكفائة عالية ,  لتوفير مناخ استثماري جاذب للمستثمر المحلي والاقليمي والدولي , من ايجاد الكفاءات والأدوات المؤهلة ومستوى عال للتعامل مع الجانب الاستثماري , بعقلية علمية منفتحة ونزيهة , وعدم ابقاء الروتين والبيروقراطية كمعيقات لحركة النشاط الاستثماري . فالقوانين الناظمة للعمليات الاستثمارية لكافة الأنشطة الاقتصادية , وحدها لاتكفي , ان لم تكن مدعمة بأدواتها المميزة و المنيرة والمستنيرة لاستمرار تطور الحياة ذات البعد الواحد , التبادل المادي بين الانسان والطبيعة , من تأثير ذكائه عليها , بتطويرها وتقدمها وزدهارها لخدمة المجتمع حامل الحضارة , والانسان حامل الثقافة .

ان تحقيق المناخ الاقتصادي الجاذب للاستثمارات , يعطي الاقتصاد الوطني الاعتماد على  الذات , لتحقيق الاستقرار السياسي و الاقتصادي والاجتماعي في البلاد . 
 
فقد خطى الاردن في العقود الثلاثة الاخيرة من القرن الماضي , خطوات حققت التوازن الاقتصادي والاجتماعي , من خلال تبنيه خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ,  في العقدين السابع والثامن , وبرنامج التصحيح الاقتصادي والاجتماعي في العقد التاسع منه . فقد حقق الاقتصاد معدلات نمو في الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي فاقت في معضمها توقعات الخطط والبرنامج, كل ذالك مرده الأول والرئيس الى ارتفاع حجم الاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية . مما أوجد حالة من الاستقرار الشامل في البلاد , رغم الظروف الاقليمية والدولية المتباينة في تلك الحقبة التاريخية .
 
وفي بداية العقد الأول من هذا القرن تعالت الأصوات التى تنادي بالانفتاح الاقتصادي ومدرسة شيكاغو الليبرالية , مدرسة ملتون فردمان ,دعه يعمل دعه يسير من دون ضوابط وتنظيم ورقابة من قبل الدولة  - بدلا عن السياسة الكنزية التي تبنتها دول العالم الرأسمالي بعد الحرب العالمية الثانية من اعطاء دورا للدولة في التنظيم والرقابة على أمور الحياة الاقتصادية - والتي تم تطبيقها في معظم دول العالم الرأسمالي  منذ بداية العقد السابع من القرن الماضى . 
 
وكان من افرازاتها الأزمة المالية العالمية عام 2008 وما تبعها من أزمة اقتصادية ظهرت بوادرها عام 2010والتى تعاني البشرية منها حتى أيامنا هذه , كان لها تأثيرا سلبيا واضحا على اقتصادنا , من تراجع معدلات النمو في الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي , واتساع فجوة العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات , وعجز الموازنة العامة , وارتفاع حجم الدين العام الداخلي والخارجي بالارقام المطلقة والنسبية . كل ذلك سببه الأول والرئيس تراجع حجم الاستثمارات في المملكة . 
ومرد ذلك لعدة أسباب أهمها تعدد المرجعيات والنوافذ الاستثمارية دون التشابك والترابط العامودي والافقي فيما بين المؤسسات التي تعنى بتنظيم الاستثمار , مما أوجد حالة من الفو ضى في ادارة العمليات الاستثمارية في المملكة . 
فقد أظهرت التقارير الدولية عن الاردن , أن حجم الاستثمارات فيه ,قد تراجع بنسبة 28% عام 2011 عما كان عليه عام 2010 . ولدى نقاشي هذا الموضوع مع أحد المسؤلين عن أهم مؤسسة تعني بالسياسات النقدية في المملكة , لدى زيارتي له قبل أربعة شهور , وكان بين يديه تقريرا أوليا عن الاقتصاد الاردني , علمت منه أن نسبة التراجع أعلى من ذلك .   
 
وتأكيدا لما ذكر, فقد كلفت لانشاء وادارة شركة استثمارية , بعد موافقة مجلس الوزراء عليها ,  وبدأنا في استكمال الاجراءات القانونية , من تسجيلها لدى الجهات الرسمية , كشركة ذات مسؤلية محدودة , واصدار الانظمة التي تنظم عملها , حسب قانون الشركات المعمول به , وتم أيضا اعداد دراسة الجدوي الاقتصادية , وبعد اقرارهما من قبل هيئة مديريها ,واصلنا العمل على اعداد الشروط المرجعية لتنفيذ المخطط الشمولي , للمباشرة في تنفيذ البنية التحتية في أسرع وقت ممكن , وذلك نتيجة للطلب المتزايد من المستثمرين الراغبين الاستثمار فيها, وقد أبدوا استعدادهم المشاركة بتنفيذ البنية التحتية , لما للمشروع من عائد استثماري مجدي ماليا واقتصاديا واجتماعيا وتعليميا . حسب نظرية آدم سمث , "والذي يعد في نظر الكثير من الكتاب أبا الاقتصاد والمنشىء له " بأن ريع الارض يقوم على التفاوت في الخصب وحسن الموقع بين الاراضى , فالريع مرة تفاضلى , ومرة ينشأ من الاحتكار , ومرة الارض تخلق قيمة اضافية , ومرة ينشأ من زيادة الطلب. كل هذه العناصر السالف ذكرها تضمنتها أرض المشروع .
وبعد أن جهزنا المرحلة الأولى للبدء في التنفيذ , علمنا بساعات قبل الانطلاق من قبل الجهات المعنية بقرار الايقاف والتأجيل,  لاسباب واهية ,ألا وهي أن تنفيذ المشروع يؤدي الى عدم الاسقرار الامني ؟ حسب رأي متخذ القرار بالتأجيل أو الايقاف . 
 
هل حقا أصبح الاستثمار المجدي بكل المعايير أعلاه في بلدنا مخلآ بالامن ؟ علما بأن مايزعزع الأمن والاستقرار في أي قطر والعالم هو عدم الاستقرار الاقتصادي محليا واقليميا ودوليا , وتاريخ البشرية شاهدا على ذلك , ففي عصرنا الحديث " ان قيام الحرب العالمية الأولى والثانية سببها الأول والرئيس العامل الاقتصادي " ولا سبب آخر غيره فقد خلّفت الحرب الاولى ورائها (33) مليون قتيلا والحرب الثانية (55) مليون قتيلا, وليس الأسباب الواهية التي لم أتشرف بذكرها هنا التي سمعتها من رئيس هيئة مديرين الشركة,وعندما أخبرت عن سبب التأجيل أو الايقاف , فقد بحثت الموضوع مع المسؤول عن الملف الاقتصادي في الحكومة الحالية ,ولقناعته بنجاح المشروع طلب الكتابة بذلك , وقد أعددت كتابا عن التطورات التي قطعتها الشركة , ولكن لاأعلم هل تم توقيعه أم لا ؟ فان أذعنا لمثل هذه الأسباب الواهية قتلنا الاستثمار المحرك الأساسي للنمو والتطور وازدهار الوطن الذي يهمنا جميعا . فلا حول ولا قوة الاّ بالله العليّ القدير وبه المستعان . 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد