التحديات التي تواجه الحركة الإسلامية في الأردن .. صور

mainThumb

18-11-2013 06:19 PM

السوسنة - تاليا ملخص لفعاليات اليوم الثاني من مؤتمر (حركات الإسلام السياسي في الوطن العربي، التحديات والآفاق) والذي عقد في عمان يومي الاحد والاثنين.

ملخصات أوراق العمل

المحور الثالث: رؤى حركات الإسلام السياسي

الورقة الأولى

المشروع السياسي لحركات الإسلام السياسي: عناصره، قضاياه، أطروحاته  - د. جمال نصار/ مصر

تشير الورقة إلى مجموعةٍ من العوامل التي جعلت المشروع السياسي للإخوان المسلمين  يظهر على الشكل الذي جاء عليه في أدبياتها المختلفة، وهي: الظروف التي كانت قائمةً في ذلك الوقت على مستوى عموم الأمة العربيَّة والإسلاميَّة، من تخلُّفٍ حضاري وعلمي واقتصادي وعسكري، إضافة إلى وقوع أجزاء كبيرة من العالم العربي والإسلامي تحت نير الاستعمار الغربي المباشر، وانهيار دولة الخلافة الإسلاميَّة في العام 1924م وهذا ما أنشأ مشروع الدولة الإسلاميَّة لدى الإمام البنا، وغياب تطبيق الشريعة الإسلاميَّة، وحالة الفساد السياسي والتي من بين مظاهرها قابليَّة القوى الحاكمة والسياسية الموجودة للاستقطاب من جانب المشروع الإمبريالي العالمي.

وقد انشغل الإمام حسن البنا في كثير من أدبياته بالحديث عن قضيَّة الدولة والسياسة في الإسلام، مع محاولة نزع الشوائب الموجودة في الفهم والعمل السياسيَّيْن في العصر الحديث، مع تقديم نموذج مخالِف لما يمكن أن نسميَه بـ”العمل السياسي الأخلاقي” أو “أخلاقيات العمل السياسي” بعيدًا عن الحزبيَّة والطائفيَّة، وكذلك كيفيَّة تعاملها مع مجموعة من القضايا الإشكاليَّة التي لم ينجح عبْر التاريخ في التعامل معها سوى الحكم الإسلامي، وفشلت الأنظمةُ الأخرى العلمانيَّة والدينيَّة في تقديم الحلول الناجحة لها، ومن بين ذلك كيفيَّة التعامل مع الأقليات الدينيَّة والعرقيَّة في الدولة الإسلاميَّة، وقضيَّة المواطنة، وقضايا أخرى مثل صلاحيات واستقلاليَّة السلطات المختلفة داخل الدول.

ومن ضمن عناصر قوة الدولة كما حددها الإمام البنا: وحدة القيادة السياسيَّة، اتباع النظام الاجتماعي القرآني، اللامركزيَّة في الحكم - بيت المال والجيش وإدارة شئون الولايات . . ألخ-، الابتعاد عن سيطرة السلطات الدينيَّة على العمل السياسي وعلى الجانب الروحي من حياة البشر، الابتكار الحضاري الذاتي بجانب النقل والتطوير عن الحضارات الأخرى، الالتزام الإيماني.

وقد حدد البنا القواعد الرَّئيسة لنظام الحكم الإسلامي بأنها: مسئوليَّة الحاكم، واحترام إرادة الأمة، والمحافظة على وحدة هذه الأمة، على أنْ يكون نظام الحكم الإسلامي نظامًا نيابيًّا يقوم على الشورى والانتخاب والتداول السلمي للسلطة، والحفاظ على المصلحة العام للأمَّة.

واعتمدت رؤية الإخوان المسلمين للدولة - كما تظهر في برنامج حزب الحرية والعدالة-  على أسس مهمة وهي أنها دولة مدنية دستورية تقوم على مبدأ المواطنة ومبدأ الشورى (الديمقراطية)، أما أبرز قضايا وأطروحات المشروع  فهي: ضمان الحرية لجميع المواطنين، والمساواة وتكافؤ الفرص، والتعددية السياسية، والشراكة بين الدولة ومنظمات المجتمع الأهلى، وحياد جهاز الإدارة العامة، ولا مركزية الحكم المحلي، و حرية تداول البيانات والمعلومات، والمساءلة والمحاسبة، والانتخابات الحرة النزيهة.

أما على صعيد الممارسة وبدراسة تجربة الحكم في مصر فلعل من أهم الأمور التي ساعدت على إخفاق التجربة في فترة وجيزة عدة أمور منها: سوء اختيار القيادات في المواقع المختلفة للدولة، وعدم وضوح الرؤية في التعامل مع القوى السياسية الأخرى، والصدام المبكر مع مؤسسات الدولة دون الاستعداد لذلك، وعدم الوصول إلي مطالب وطموحات الجماهير وإبعاد عموم الشعب المصري عن معرفة التحديات التي تواجه الدولة، وعدم الاستفادة من طاقات الشباب الثوري في التعاطي مع مؤسسات الدولة والتعمّد في بعض الأحيان إبعادهم وتهميشهم مما أحدث خللا بين الإخوان والثوريين، والتعامل مع التحديات الخارجية للدولة المصرية دون المستوى المطلوب.

الورقة الثانية

الحركات الإسلامية والخيار الحضاري والتنموي  - د. محمود عاكف/ مصر

انطلاقاً من إشكالات التنمية في الغرب ونقد الكثير من المفكرين الاقتصاديين العرب لبعض مفاهيم ونظريات التنمية الغربية وتحذيرهم من التعاطي معها دون النظر في خلفياتها الفلسفية والأيديولوجية، تتناول الورقة تجارب التنمية في العالم العربي والإسلامي بعد قراءة في الواقع التنموي المحيط بهذه التجارب، ووضع اليد على التخلف الحضاري لهذه البيئة.

وتطرح الورقة بناءً على ما تقدم رؤيةً حضارية للتعامل مع مشكلة التخلف تستند إلى فلسفة إسلامية خالصة تعود في تأصيلها إلى مصادر التشريع الإسلامي وتقد مشروع نهضة للأمة تتلخص عناصره في الإنسان والتنمية ولأمة والشركاء في الأرض وتفصل الحديث في تلك العناصر وتبين العلاقة بين كل منها، حيث تعتبر الإنسان غاية ووسيلة النهضة، وتزعمم أن الحركات الإسلامية قد نجحت في بناء الفرد والأسرة المسلمة إلا أنها بحاجة إلى بناء ثالث مستويات الإنسان (المجتمع).

وتلخص الورقة مفهوم التنمية بعمارة الأرض واستعمارها والذي تعتبره إلى جانب الإنسان الممثل الحقيقي للنهضة، أما الأمة فإن تكامل مستوياتها الثلاث (الوطن والقومية والعقيدة) والانتقال بتحقيق الوحدة الشاملة بين تلك المستويات على أسس من التجانس والثقة يعد من أهم تلك العناصر بحسب الورقة، والتي تتحدث عن العنصر الرابع أو كما أطلقت عليه الشركاء في الأرض باعتبارهم أخوة في الإنسانية وإن لم ينتموا للأمة الإسلامية.

ثم تنتقل الورقة إلى التفصيل في الشق الاقتصادي لنموذج العمران في رؤية مشروع النهضة والذي تتصور الورقة إبداعه وتميزه عن النماذج الغربية قائم على فكرة تشغيل الإنسان كل الإنسان وتوظيف الموارد كل الموارد، حيث تؤكد الورقة تكامل عناصر مشروع النهضة سالفة الذكر لضمان تحقيق ذلك التصور.

وتضع الورقة أخيراً ضوابط وأمثلةً لمعايير ومؤشرات قياس التنمية والعمران، فمن الضوابط نجد ضرورة ضبط المعيار أو المؤشر بقيم الإسلام وتقديم معالجة الأزمات الحالية على فتح أبواب جديدة للتنمية وتحقيق التوازن الزماني والمكاني للمعايير والمؤشرات وضبط العلاقة بين الكم والكيف وضبط العلاقة بين الوسائل والغايات.

أما من الأمثلة المطروحة تحقيق الحاجات الأساسية للناس على تنوع تلك الحاجات من مجتمع لآخر، وقدرة النظام السياسي والاقتصادي على تحقيق حد الكفاية قبل الانتقال إلى حد الترف، إضافةً إلى اقتراح معيار لقياس العلاقة بين الحاجات والموارد وقدرة المجتمع تطويع الحاجات لموارده والعكس، واقتراح معيار لقياس قدرة المجتمعات منع المظاهر السلبية من أمراض اجتماعية وغيرها، إضافة إلى اقتراح مؤشرات أخرى مختلفة تصب في نفس المجال.

المحور الرابع: الفرص وآفاق المستقبل

1.    فرص حركات الإسلام السياسي في التعامل مع المشاريع الفاعلة في المنطقة العربية       

الورقة الأولى

فرص التعايش بين المشروع الغربي والمشروع السياسي الإسلامي في المنطقة العربية

د. أنس التكريتي/ العراق

ترى الورقة أن المقصود بالإسلام السياسي هو مشروع الحركات الإسلامية المنتمية والنابتة عن فكر الإخوان المسلمين، وأن المراد بمصطلح الغرب هو المشروع الثقافي أو السياسي وليس الجغرافي، وهو مكوّن من الحكومة والسلطات التشريعية ومنظمات المجتمع المدني بالإضافة للشعوب، وتبيّن صعوبة تحديد المشروع الغربي مع إمكانية رسم خطوط عامة وعريضة له كاستغلال ثروات المنطقة، وحماية أمن إسرائيل والأنظم القمعية.

وتعرض الورقة مراقبة الغرب لثورات الربيع العربي، ومظاهر توّتر العلاقة بين المشروعين وأهمية رسم خارطة طريق للعلاقة بينهما، كما تظهر تأثير حركات الإسلام السياسي على ثورات الربيع العربي وتوّجهه الفكري نحو القيم الديمقراطية التي تحتوي الجميع ولا تقصي أحداً.

ثم تنتقل الورقة إلى عرض لأبرز محاولات الغرب في الحصول على دور في الأحداث المتسارعة والتغيير الجذري الحاصل للمنطقة، والسعي لإدارتها بعد تقدّم الإسلاميين في الانتخابات على نظرائهم في دول الربيع العربي، والفتور الواضح في قبول وصول الإسلاميين للحكم، والتشكيك في توّجهات الحكومات الإسلامية والسعي لتصيّد أخطاء الإسلاميين وزلاتهم، كما تشير إلى انشغال الحركات الإسلامية بالتحديات الداخلية عن العناية بالعلاقة مع الغرب، وتكرّس النظرة السلبية لدى الإسلاميين تجاه الغرب، نتيجة الطروحات السلبية للغرب تجاههم، وظهر هذا التوّجه من خلال المؤتمرات والتصريحات التي كان يطلقها المسؤولون حول أحداث المنطقة وإدارة الإسلاميين لها.

كما تظهر الورقة أن أماكن ودوائر التأثير في القرار بدأت تتمركز محلياً بعد أحداث الربيع العربي، وأن العلاقة بين الغرب والإسلام السياسي متأزمة، وأن الحركة الإسلامية لم تستقر على قرار استراتيجي وتوّجه ثابت إزاء مفاهيم تتعلق بالديمقراطية والحريات وحقوق المرأة وغيرها، الأمر الذي استثمره الغرب لتجيير المشار لصالح مواقفه، وأن الغرب يعاني من أزمة تشخيص الذات بعد نشوء الأزمة الاقتصادية عام 2008.

وتخلص الورقة إلى أن أي تصالح بين الغرب والإسلام السياسي يعتمد على المصالح المشتركة، ومدى التفاعل بين المؤسسسات المختلفة وإزالتها العقبات بين المشروعين ومد جسور الثقة بين الطرفين، وإقامة شبكات من المؤسسات غربية الهوى في مواقع مؤثرة في العالم الغربي لتمثيل الخطاب الإسلامي والتأثير على دوائر القرار فيها، وتطوير خطاب جديد فيها، وفتح علاقات جديدة لتحقيق المصالح المشتركة، والتفاعل مع التحالفات الجديدة من منظر براغماتي بدلاً من الأيدلوجي، وتكريس إنتاج الدراسات الوبحوث التي ترتقي إلى المعايير الأكاديمية وتعبّر عن واقع المجتمعات العربية والإسلامية للغرب.

الورقة الثانية

فرص المشروع السياسي الإسلامي في السياق الإقليمي التركي والإيراني

د. خالد أبو الحسن/ مصر

وجدت تركيا في الربيع العربي الفرصة الذهبية لأن تلعب دوراً أكبر يتمثل في بناء قاعدة عريضة من الحلفاء من خلال مناصرة الشعوب العربية؛ بيد أن موقفها يتسم بالحذر؛ حتى لا تتكبد خسائر استراتيجية واقتصادية إذا ما فشلت سياساتها في الانتفاع من تلك الأحداث؛ لذا فقد اختلف موقفها من دولة عربية لأخرى، ولكنها لم تقف أبداً معارضة الثورات العربية. ويأتي ذلك في ضوء نمو توجه "العثمانية الجديدة" في السياسة الخارجية والمحلية التركية.
أما إيران فتحاول أن تفرض نفوذها الممزوج بمشروع الهلال الشيعي على دول الربيع العربي التي تعتنق شعوبها المذهب السني، وهو ما يعني الصدام الشامل المحتمل بين الطرفين، خصوصا وأن مشروع الهلال الشيعي يتنافي مع حل القضايا العربية الإسلامية.

وحيث أن تركيا تمثل المذهب الأكثر انتشاراً في المنطقة العربية؛ لذا فهي الأكثر نجاحاً في إيجاد فرص قوية لنجاح المشروع الإسلامي، إلا أن الأحداث الأخيرة في مصر صعبت مهمتها في خلق مناخ جيد للمشروع السياسي الإسلامي.

وليس من اليسير أن تتفق كل من تركيا وإيران على رعاية مصالح المشروع الإسلامي، وذلك بسبب الاختلاف المذهبي الكبير الذي يفتح المجال للصدام المباشر، علما بأن هذا الاختلاف يفتح مجالاً من استغلال الموقف أمام الولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز نفوذها في المنطقة؛ ويفتح المجال أيضاً أمام إسرائيل للحصول على مكاسب استراتيجية أكبر في المنطقة.

ويرى الباحث أن المسألة السورية باتت هي سر نجاح أو فشل المشروع السياسي الإسلامي؛ فنجاح الثورة السورية يعني هيمنة النفوذ التركي وقلق الكيان الإسرائيلي وتراجع الهيمنة الإيرانية وتلاشي سطوتها في العراق؛ وهو طمأنة للطرف الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية؛ وهو كذلك ما سيؤدي إلى توتر صيني روسي تجاه قضية نفوذهما في الشرق الأوسط؛ وفي نفس الوقت فإن الأمر ليس مرضياً للولايات المتحدة الأمريكية لأنه سوف يمثل تهديداً للأمن الإسرائيلي.

2.    فرص حركات الإسلام السياسي ما بعد الثورات العربية     

الورقة الأولى

فرص حركات الإسلام السياسي وآفاق المستقبل في ضوء واقع الثورات والحراكات الإصلاحية العربية- النموذج التونسي  - د. أحمد الأبيض/ تونس

تدعو الورقة في مطلعها إلى إعادة النظر في بعض المفاهيم والمبادئ الأساسية التي تشكل البنية الفكرية وخطاب حركات الإسلام السياسي الفاعلة على اختلافها على الساحة العربية والإسلامية اليوم، داعيةً إلى قراءة مختلفةٍ للنصوص والموروث الحضاري لتلك الحركات وللإسلام بشكل عام، على أساس اعتبار أن ذلك الموروث يملك الكثير من نقاط التقاطع والتلاقي مع الديمقراطية والمدنية الغربية بشكلها الحديث، وبالرغم من وجود استثناءات إلا أن الورقة تؤكد على انفتاح كبرى الحركات الإسلامية على تلك الدعوات.

وتبحث الورقة في الجزء الثاني في عناصر القوة والضعف لدى الحركات الإسلامية المتصدرة للمشهد السياسي في العالم العربي، مع شيء من التركيز على الحالة التونسية ونموذج حركة النهضة كواحدة من أبرز تلك الحركات، على اعتبار أن مبادئ الحركة وموروثها الحضاري والثقافي والقيمي والتجربة التي خاضتها الحركة إضافةً إلى مكاسب المرحلة الراهنة من أبرز عناصر القوة التي تتمتع بها، أما عناصر الضعف، فيمكن تقسيمها إلى عناصر ذاتية داخلية متعلقة بالممارسة والتناسق والانسجام في هذا المضمار الجديد على الإسلاميين بشكل عام، وإلى عناصر موضوعية عائدة إلى حجم الضغط الخارجي والداخلي الممارس على دول الربيع العربي وتونس من بينها.

ثم ينتقل الكاتب إلى عرض لأبرز المحطات التي مرت على تونس منذ بداية الثورة وحتى اليوم ودور حركة النهضة في كلّ منها، حيث مرت تونس مع الثورة و"النهضة" بمراحل المظاهرات والضغط الشعبي، ثم الحكم التوافقي عقب إزاحة بن علي وتصدرها لنتائج انتخابات المجلس التأسيسي، والمرحلة الانتقالية التي كان قد تم الإعداد لها مسبقاً ضمن إطار من الأهداف المحددة وفق متطلبات المرحلة وتجارب الثورات، وهنا تشير الورقة إلى ما آلت إليه الثورة في مصر عقب الانقلاب عليها في تحديد لأبرز أسباب تعثر المسار الديمقراطي في مصر أو لأي تعثر محتمل لتجربة الإسلاميين في الحكم، والتي كان على رأسها بحسب الورقة القضاء الفاسد والدولة العميقة إضافة إلى الثقة المفرطة في الجيش كما حدث في مصر على وجه الخصوص، ثم تدخل النقابات في العمل السياسي تجاوزاً لنتائج الانتخبات التي تتعثر فيها أحزاب الثورة المضادة، وأخيراً وليس آخراً التجييش الإعلامي ضد حركات الإسلام السياسي والحرية المفرطة التي حازت عليها تلك الجهات الإعلامية.

وتزعم الورقة بأن ممارسات الانقلابيين في دول الربيع العربي منحت الإسلاميين شرعية أكبر لالتزامهم المسار المدني وخففت من الضغط عليهم كقادة للمرحلة، بل إن الانقلاب في مصر ساعد الإسلاميين على الخروج من مأزق الاهتراء في السلطة وأتاح لهم العودة إلى الشارع مما سيمكنهم من استعادة الحكم بقدر أكبر من النضج والعمق بحسب الكاتب.

وتلفت الورقة ختاماً إلى الثغرات التي لابد من تغطيتها في سبيل تحقيق أهداف الربيع العربي، من ثغرات فكرية وبشرية وسياسية واستراتيجية ومجتمعية وبنيوية ونسائية إضافةً إلى ثغرة العلاقات الدولية، كما وتحدد أبرز مهام الإسلاميين على الساحة السياسية ضمن الأفق المنظور والتي تتصدرها مهمة تثبيت النهج التشاركي وتوسيع قاعدته وتأمين الوصول إلى انتخابات شفافة وحماية المسار الانتقالي، وإيجاد القيادة التنفيذية السياسية المقتدرة، وإجراء التعديلات على الهيكلية التنظيمية، وتقويتها بما يخدم أهداف المرحلة، والانفتاح على القدرات الوطنية، وتسريع الانتهاء من الدستور والمصادقة عليه، وكبح جماح الإعلام، وترسيخ حكم القانون وبسط الأمن ومحاربة الفساد، ودتعيم الاقتصاد، والتأكيد على الشرعية، وتوطيد العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول العربية المجاورة والعلاقات الدولية بشكل عام، وتأكيد وطنية المشروع الإسلامي.

الورقة الثانية

فرص حركات الإسلام السياسي وآفاق المستقبل في ضوء واقع الثورات والحراكات الإصلاحية العربية- النموذج المغربي

د. أبو زيد المقرئ الإدريسي/ المغرب

تعرض الورقة تطور الحركة الإسلامية بالمغرب من الراديكالية والسرية والنزعة الصدامية إلى الاعتدال والعلنية والانفتاح على المجتمع ثم المشاركة السياسية واعتماد نظام التخصصات  التي أصبحت موازية للتنظيم العام، والارتكاز على هدف "إقامة الدين" في مختلف المجالات  عوض التمحور حول الهدف التقليدي "إقامة الدولة".

وتشير الورقة إلى أن النموذج الإصلاحي المغربي، تحقق انطلاقا من التقاء الإرادة الملكية والإرادة الشعبية بصيغة الإصلاح مع المحافظة على الاستقرار، بالإضافة إلى اعتماد منهجية حكيمة في إعداد الدستور وإقراره، زاوجت بين توسيع الاستشارة الشعبية من جهة، واعتماد الآلية السياسية لاستيعاب مخرجات الدينامية السياسية من جهة ثانية، وانتهى المسار بإقرار الوثيقة التي تنظم قواعد الممارسة السياسية، وتعيد تركيب العلاقة بين السلط، وتوجت بانتخابات نزيهة لم تكن محل طعن سياسي من أي طرف، وكانت المؤسسة الملكية أول من قدم النموذج في التزام النص الدستوري والتعامل بإيجابية مع ما أفرزته نتائج الاقتراع، وهكذا تم إنقاذ البلاد من مخاطر الانفجار الثوري وإقرار الاستقرار المبني على مطلب الإصلاح العميق الهادف إلى دمقرطة الدولة والمجتمع ومأسسة القرار السياسي العمومي وبناء سياسات عمومية قائمة على التوزيع العادل للثورات بين المناطق والفئات والطبقات، وهذا ما يسعى إلى تنفيذه المرن والمتدرج الإسلاميون في الحكم.

إن انتقال حزب العدالة والتنمية من موقع المعارضة إلى موقع المشاركة في الحكم يطرح تحديات معقدة ومركبة لها أبعاد ومستويات متعددة، أولها أننا بصدد صلاحيات تدبيرية محدودة داخل الحكومة، إضافة إلى النسق التحكمي الخفي المنغرس في مجالات إعلامية واقتصادية وثقافية وإدارية وفي بعض مراكز النفوذ السياسي، واختبار قدرة الحالة المغربية في اجتراح خيارها الإصلاحي باستقلال وتفرد عن باقي النماذج المطروحة، وفي مدى الموازنة بين مطلبي الإصلاح والاستقرار، بالإضافة إلى القدرة على كسب التحدي الاقتصادي الاجتماعي عبر مكافحة الفساد واقتصاد الريع وبناء تنمية مندمجة وشاملة وفاعلة ومؤثرة في حياة المواطنين وقادرة على حل مشاكل التهميش الاجتماعي والفقر والبطالة، وهذا الأمر مرتبط بتحديات مدى القدرة على تجذير الإصلاحات السياسية والتنزيل الديمقراطي للدستور، وتفكيك البنيات التسلطية وإنهاء السياسات التحكمية القائمة على زواج السلطة بالثروة.

ويمكن رصد أهم المحددات المؤثرة في مسار تجربة الإسلاميين المغاربة في الحكم، في المحاور الآتية: القوى المضادة للإصلاح والدولة العميقة، ومستوى تعقد ودموية التغيير في سوريا، ومدى نجاح الانقلاب العسكري في مصر، وممانعة المحيط الإقليمي وانتعاش الثورة المضادة في دول الربيع العربي، وحجم تدخل الفاعل الخارجي، ومدى نجاح تجارب الإسلاميين في المنطقة، وطبيعة السلوك السياسي للفاعل الحزبي وقدرته على بناء الكتلة الديمقراطية الجامعة، وحجم الإنجاز التنموي والقدرة على تجذير الشرعية الديمقراطية الضامن للحرية والكرامة، ومدى استمرارية الأفق الإصلاحي للملكية وامتدادته، ومدى استمرار التوافق وتلاقي الإرادة الإصلاحية بين مختلف الشركاء.

وتضع الورقة ثلاثة سيناريوهات لمستقبل الانتقال الديمقراطي في المغرب: تحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي يرسى قواعد نظام سياسي مفتوح وديمقراطية تداولية وعدالة اجتماعية وقضاء مستقل ونزيه، أو الانتقال نحو ديمقراطية هشة قابلة للانفجار، بدون قواعد واضحة ومؤسسات متجذرة، أو حدوث انتكاسة ديمقراطية ترتكز على تمييع المشهد السياسي استنادا إلى فاعلين حزبيين أو على انتعاش القوى المضادة والحزب السلطوي، وقد يتجلى ذلك في شكل انقلاب ناعم على حكومة الإسلاميين عن طريق أدوات الحصار والإفشال.

 
3.    فرص حركات الإسلام السياسي وآفاق المستقبل

الورقة الأولى

فرص حركات الإسلام السياسي وآفاق المستقبل  في ضوء واقع الثورات والحراكات الإصلاحية العربية- النموذج الأردني

أ. زكي بني ارشيد

تظهر الورقة نظرة الحركة الإسلامية في الأردن إلى ما شهده العالم العربي من تغيرات استراتيجية متعددة خلال العقد الماضي بعد كمون سياسي طويل عايشته المنطقة، وقد أفضت هذه الحالة وفقاً للورقة إلى تطور نوعي في مسار الصراع العربي الإسرائيلي من حيث أداء التيار الإسلام السياسي المقاوم وتصعيد أشكال المواجهة للعدو الصهيوني، وإفشال مشروع سيطرته على المنطقة، كما انتبهت الحركة بنفس القدر إلى محطة التحولات الكبرى خلال السنوات الثلاث الماضية أو ما اصطلح على تسميتها بالربيع العربي.

كما ترى الورقة أن السياسة الأمريكية سعت لمقاربة التحول الديمقراطي والمشاركة الشعبية لتأمين مصالحها وتفريغ حالة الغضب- الذي يمكن أن يشكل تهديداً استراتيجيا لمصالح أميركا في المنطقة – في عملية التحول الديمقراطي وصناديق الاقتراع الانتخابية، لكن تحقيق جماعة الإخوان المسلمين في مصر فوزاً مفاجئاً بانتخابات 2005، وفوز حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية عام 2006، فرض انعطاف للسياسة الأمريكية في المنطقة نحو التخلي عن تبني نشر الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ثم أدى قيام حركات احتجاجية ساخطة تحوّلت إلى ثورات أطاحت ببعض الأنظمة الحاكمة وبدأت بالتأسيس لمرحلة التحول الديمقراطي، وحققت حركات الإسلام السياسي في هذه المرحلة تقدماً ملحوظاً وضعت الأطراف المتضررة من النتائج في موقف قلق ومحرج سعت بموجبه الإدارة الأمريكية إلى محاولة احتواء واستيعاب الحركات الإسلامية وتطويعها لتنسجم أو تتوافق مع مصالحها الحيوية في المنطقة.

وتبرز الورقة بعض التحديات التي تواجه الحركة الإسلامية في الأردن كعدم توافر الخبرة الكافية لإدارة الدولة، وعدم القدرة على مواجهة الأزمة الاقتصادية ومعالجة الاختلال في بنية الاقتصاد، وعدم القدرة على بناء منظومة الأمن الوطني والقومي، وتأمين الاستقرار السياسي والأمن المجتمعي، كما تعتبر الحركة الإسلامية أن محور النزاع الحقيقي بين القوى المتصارعة هو اجهاض حالة الوعي التي وصلت لها شعوب المنطقة، وتؤمن الحركة الإسلامية بضرورة إدارة المرحلة الانتقالية بالمشاركة الحقيقية الفاعلة، وتنطلق في تقديرها للموقف من خصوصية الجغرافيا السياسية للأردن، كما تعتبر أن العقبة الأساسية في مسار الإصلاح السياسي هو التزام السياسة الرسمية ببنود اتفاقية وادي عربة مع الدولة العبرية.

وتحدد الورقة الفرص المتمثلة في استشراء حالة الفساد وعجز الأجهزة الرسمية من الحد منها، وفشل إدارة الملف الاقتصادي في وقف التدهور والعجز التجاري، الأمر الذي أدى إلى رفع الأسعار والضرائب على المواطنين وزيادة حالة المعاناة والتذمر التي تشكل مزيدا من التوتر والاحتقان غير مضمون العواقب والنتائج، واعتماد المؤسسة الرسمية على عوامل خارجية وغير ذاتية في تمرير المرحلة، وتغير الاهتمام الأميركي وتوجهه إلى عناوين أخرى وخاصة بعد أن وصلت أميركا إلى حد الكفاية من إنتاج النفط، واحتمال حصول متغير نوعي من شأنه أن ينهي حالة استفراد النفوذ الأميركي بالقيادة والتأسيس لمعادلة جديدة يكون فيها النفوذ الأميركي شريكا وليس متفرداً.

واستناداً إلى ما تقدم واستقراءً لحالات التحول التاريخية ترى الورقة أن الحركة ترى أن  الوضع الاستثنائي الذي تمر به المنطقة عموما هو سحابة الصيف المنقشعة وإحدى جولات الثورة المضادة التي تتفاعل مع ردات الفعل وغير قادرة على تحقيق الاستقرار والسيطرة على الأوضاع في المدى المتوسط والبعيد، وان استكمال التحول الديمقراطي هو النتيجة الطبيعة لمرحلة التدافع مهما طال الزمن او تعثر المسار، وعليه فان المستقبل القادم الذي ترسمه الحركة في أدبياتها سيكتمل وفقاً لصالح الإرادات الشعبية وإحداث التغيير والإصلاح المنشود.

الورقة الثانية

مستقبل حركات الإسلام السياسي في ضوء التحديات والفرص -  د. ناصر الطويل/ اليمن

ترى الورقة أن مرحلة الاستعمار الغربي لمعظم مناطق العالم الإسلامي أسهم في تأسيس الدولة القطرية، وتشكيل التيارات السياسية التي تحمل التوّجهات الفكرية المتعددة، ودخول المجتمعات الإسلامية في الحالة من التغريب، لتظهر بعض التصوّرات المستندة لرؤية إسلامية قبل أن تتبلور بشكل نهائي على يد حسن البنا الذي أسس جماعة الإخوان المسلمين، وتشكّل التيارات الإسلامية المتعددة بفعل الصعوبات التي اعترضت عمل الإخوان المسلمين، وشهد النصف الأول من القرن العشرين تقدّماً للتيارات القومية واليسارية والليبرالية، وقد وصل بعضها للسلطة، ثم أخذت المعادلة في التحوّل منذ سبعينيات القرن الماضي، وقد مورست سياسات التضييق على الإسلاميين في معظم الدول العربية إلا ان الحركة الإسلامية بدأت بالصعود في ظل تنامي الصحوة الدينية، ما أدى إلى ظهور الثنائية القطبية بين التيار الإسلامي والجهات الحاكمة، وبسبب تكريس الاستبداد والفساد وتوريث الحكم لجأت التيارات الإسلامية إلى التحالف وإيجاد مساحات مشتركة  مع أطراف ليبرالية وسياسية كحركة كفاية في مصر وتحالف اللقاء المشترك في اليمن.

وقد أثيرت التساؤلات حول مستقبل الإسلام السياسي وفقاً للورقة بعد تصاعد قوته وبروزه كقوة ثانية بعد الأنظمة الحاكمة، حتى جاءت ثورات الربيع العربي، لتصل الحركة الإسلامية للحكم في عدة دول، قبل حصول الانقلاب في مصر وتبدّل حال الإخوان هناك، وترحيب دول الخليج بالانقلاب.

ثم تعرض الورقة الفرص التي أوجدها الربيع العربي، والمتمثلة بكسر حالة الجمود والانسداد التي هيمنت على المنطقة العربية، وحفزت الحركات الإسلامية على استكمال مشاريعها السياسية، وأظهرت مواقفها من الديمقراطية والانتخابات، وفتحت النوافذ للتواصل بين الإسلاميين، وأبانت عن نقاط الضعف التي يعاني منها المشروع الإسلامي، قبل أن توضح التحديات الناتجة عن تعمق الانقسامات السياسية والفكرية، والتحوّلات السالبة، والمقاومة التي تبذلها القوى المناهضة للتغيير، وحالة الضعف التي تعاني منها الدول في البلدان العربي، بالإضافة للتحديات الأمنية والاقتصادية، وموقف بعض دول الإقليم المناهض للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، وتحدد الورقة العوامل التي سيتحدد على ضوئها توّقع الخيارات المستقبلية، كالبحث في مآل الربيع العربي، وموقف القوى الإقليمية والدولية من الثورات والإسلاميين، وتناول الأفق الذي ستصل إليه المشاريع المنافسة كمشروع العسكر والعلمانيين، ومشروع الجماعات الشيعية المنافسة، والمشروع الثالث الذي يمثل الهويات المحلية الاجتماعية والسياسية والثقافية.

وتعرض الورقة سيناريو متفائل يفترض أن ثورات الربيع العربي ستحقق التغيير السياسي يحقق الحد الأدنى من مطالب الإخوان، ويتوّقع تراجع الضغوط التي تمارسها بعض دول الخليج، وأن الإخوان سيظلون جزء من منظومة حاكمة، وسيناريو متشائم يأخذ في الاعتبار الحد الأقصى من التطوّرات السلبية، ويفترض تعثر الثورات، واستمرار إقصاء الإخوان، وتعزز الانقسامات المجتمعية، وسيناريو واقعي يتوّقع استمرار التحديات التي تواجه الإسلاميين في مصر، وتجاوز اليمن وتونس للتحديات السياسية، وبقاء التحديات في ليبيا.












تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد