صحيفة السوسنة الأردنية

عمان- -محمود كريشان - شجرة بلوط عمرها الدهر، تتربع في ذاكرتنا، تتجذّر في ضمائرنا، في منزله الرابض على تلال الكمالية الحانية تحمل في شموخها صورة وصفي التل، الذي لامست بصمات عطائه جغرافيا الوطن، بكافة تفاصيله..فتخليد وتكريم أبطال كان لهم دور في حياة الأمم، هو من أكثر معاني الوفاء في هذه الأمة.. فالوفاء لرجالات الوطن هو دليل أننا نمتلك الحاسة العالية والشعور النبيل في تخليد بطولات رجالات دولة ووطن، صنعتهم الحياة بشخصياتهم الصلبة وتضحياتهم الجسام، وتربيتهم الوطنية بعشق تراب هذا الوطن، والتفاني في أداء الواجب في زمن صعب وظروف استثنائية قاسية، جسدوا خلاله بطولاتهم الحقيقية، المتجسدة على أرض الواقع، باللحم والدم والجهد والعرق.

  فيوم امس كانت حدائق ومرفقات دارة الشهيد التل في الكمالية تتعطر بنسائم الوفاء للشهيد التل، عندما تم رسميا افتتاح (متحف الشهيد وصفي وسعدية التل)، والذي نفذته أمانة عمان بالتعاون مع الديوان الملكي الهاشمي ليصبح المنزل متحفا مفتوحا للزوار يروي جزءا من تاريخ رجالات الاردن المعاصر ويحمل اسمي الشهيد التل وزوجته الراحلة سعدية الجابري.

واستهل امين عمان الكبرى عقل بلتاجي خلال الاحتفال الذي حضره رئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور فايز الطراونة ورئيس مجلس الاعيان الدكتور عبد الرؤوف الروابدة ورئيس الوزراء الاسبق احمد اللوزي وامين عام الديوان الملكي يوسف العيسوي وعدد من رجالات الاردن من رفاق الشهيد والمواطنين ولجنة الوقفية للمنزل وعدد من ذوي الشهيد التل، بكلمة اشار فيها إلى أن المشروع تم تنفيذه بناء على توجيهات مباشرة من جلالة الملك عبدالله الثاني، تخليدا للشهيد التل وليكون متحفا يروي جزءا هاما من تاريخ الاردن المعاصر وتكريسا للرموز الوطنية التي سيظل وصفي التل من ابرز اعمدتها وتعريفا للأجيال بحجم التضحيات التي قدمتها تلك الرموز للحفاظ على الوطن وحمايته.

واشار بلتاجي الى ان أمانة عمان وبالتعاون مع الديوان الملكي الهاشمي نفذت المشروع الهادف لتطوير منزل الشهيد وصفي التل ليصبح متحفا مفتوحا للزوار يروي جزءا من تاريخ الاردن المعاصر ويحمل اسمه واسم زوجته الراحلة (متحف الشهيد وصفي وسعدية التل)، معربا عن شكره لكل من ساهم في انجاح المشروع وعلى راسها الديوان الملكي الهاشمي وشركة البوتاس العربية ومديرية الحراج في وزارة الزراعة ومديريات الزراعة في ماحص والفحيص ولجنة الوقفية للمنزل، مؤكدا تواصل جهود امانة عمان للحفاظ على الموقع واتاحته لجمهور المواطنين والزوار بالشكل الامثل.

من جانبه، قال رئيس لجنة الوقفية للمنزل الدكتور سفيان التل، إن بناء المنزل كان نتيجة جهد موصول بالتعب بذله الشهيد التل وزوجته المرحومة سعدية التي اصرت ان يبقى المنزل شامخا يروي سيرة احد رجالات الوطن الذي عرفناه شريفا، نظيفا، وفيا لوطنه ومبادئه. 

 ابهى الصور

الى ذلك.. كانت جميع مرافق المنزل في ابهى صورها بعد ان تم ترميمها بعناية فائقة واعادة تأهيل كافة المرافق من ضمنها الغرف والحدائق واجراء صيانة دقيقة لبركة المنزل والنوافير التراثية.. بالاضافة الى ربط المنزل ومحيطه باجهزة انذار ضد الحريق وتوفير كوادر حراسة على مدار الساعة للمنزل واجراء صيانة للاثاث والمقتنيات بطرق هندسية تحافظ على الصبغة التراثية لتلك المقتنيات الموجودة في المنزل.

وكانت «الدستور» حصلت على ورقة كانت كتبتها زوجته المرحومة سعدية الجابري بخط يدها، تشرح من خلالها قصة بناء المنزل، ونشرت في ذكرى استشهاد وصفي قبل نحو شهرين وجاء فيها على لسان المرحومة الجابري: انه في مطلع العام 1951 قررنا بناء بيت صغير وتم اختيار الأرض لحسن موقعها، وجمال نظرتها، والمسماة بأم النعاج نسبة إلى الصخور المتحجرة على شكل نعاج منذ غابر الزمن، وعلى قطعة الأرض هذه البالغ مساحتها ثلاثة دونمات والمطلة على سهل البقعة شرقاً والمشرفة على طريق السلط عمان وهضاب الحمّر غرباً، وتمر من أمامه طريق عمان السلط والقدس الشريف، و(المنطقة) تطل على مناظر خلابة منها سهل البقعة.

هـنــا الكـمـالـيــة:

]  امين عمان عقل بلتاجي وفي بداية كلمته التي القاها بهذه المناسبة ردد ابيات شعر من قصيدة للشاعر حيدر محمود جاء فيها:.
يا دار وصفي التل.

أوشك أن أرى وصفي يعود.

فزيني الساحات.

وعرار بين يدي قصيدته على مهرين.

من وجدٍ وطهر صلاة..

] دعا امين عمان البلتاجي المؤسسات الاعلامية والتربوية الاسهام في ابراز المتحف ودعوة المواطنين صغارا وكبارا لزيارته والتعرف إلى مرافقه ومحتوياته.

] رئيس لجنة الوقفية للمنزل الدكتور سفيان التل قدم الشكر لصحيفة «الدستور» على جهودها الموصولة في تسليط الضوء على المنزل ومتابعتها المستمرة.

] قدمت موسيقات القوات المسلحة مقطوعات من الغناء الوطني وابرزها رائعة «اردن ارض العزم» للمطربة فيروز، و»يا مهدبات الشمغ.. هدبن شماغ وصفي».

] شركة البوتاس العربية اسهمت ماليا في انجاز المشروع، ومديرية الحراج انجزت مشاريع رائدة في رعاية الثروة الحرجية في حدائق المنزل.

] اشتملت اعمال اعادة التأهيل على ترميم دقيق لاقفاص الطيور في ملحقات المنزل واسطبل الخيول.

] تم الصاق براويز خشبية تراثية فيها صور الشهيد وصفي التل النادرة جدا على جذوع الاشجار المعمرة في الحدائق وظهرت بصورة انيقة جدا.

] سيارة الشهيد التل «الجاكوار» ذات الرقم 166109 تم اجراء صيانة دقيقة لها ومعالجة اية عيوب في جسمها المعدني والحفاظ على هيئتها التراثية وتم بناء ملحق لها في باحة المنزل وتركيب واجهة زجاجية امامية للغرفة.

] تضمنت اعمال التأهيل صيانة اهم غرف المنزل بالنسبة للشهيد التل وهي غرفة الخلوة وكانت تعقد لقاءات هامة بين الملك الحسين ووصفي التل وكبار مسؤولي الدولة لتوجيه دفة البلاد في عقد ملتهب ولقاءات اخرى مع بعض قادة التنظيمات الفلسطينية من ضمنهم امين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش، وتتوسط هذه الغرفة التي تسمى الخلوة طاولة من نحاس ترقد نسخة من القرآن الكريم بدا أن اوراقها لم تمس منذ غادرها صاحبها ذات زمن، ومكتبة حائطية مليئة بالكتب النادرة والهامة، كذلك تتضمن حماما منفصلا وكراسي خشبية من الجلد القديم وتلفزيونا وراديو وبعض التحف الزجاجية.الدستور