معارك برلمانية حلقة 65 ..

mainThumb

29-07-2014 05:46 PM

معارك برلمانية - الحلقة 65 - بقلم المفكر المؤرخ: د احمد عويدي العبادي ( حصري للسوسنة ) - في شرقي النهر تسمع اصوات الاتهام للأردنيين انهم من باع فلسطين , ولكن ما تسمعه غربي النهر في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة ومناطق فلسطين المحتلة عام 1948 ، في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة ، اقول تسمع اصواتا واراء مغايرة تماما , حيث تجدهم لا يتوانون عن تبرئة الاردنيين من هذه الجريمة التاريخية , وهم يعرفون جيدا من تامر عليهم ومن اضاع وطنهم وباعه وما هي الاتفاقات الدولية التي كانت الاردن وفلسطين ضحيتها ومن نفذها  , وفي جميع الحالات فانهم غربي النهر يقولون بالصوت الملئان ان الاردن والاردنيين بريئون من الخيانة وبيع الاوطان وهذا ما اثلج صدري اينما سمعته , لذا فانهم في فلسطين يحترمون الاردنيين ويحبونهم بشكل  لا تخطؤه العين والاذن .

 
اما شرقي النهر فان الاصوات المتصهينة تلقي بمسؤولية بيع فلسطين والتآمر عليها والهروب منها وترك الاهل هناك والوطن تحت الاحتلال، اقول تلقي بهذه الجرائم والخيانات على ظهور الاردنيين، وهو ما يدمي القلب حقا ولكن شهادة الاشقاء غربي النهر كانت دائما تريحني حقا، وتترك في نفسي أثراً عميقاً عنوانه الثقة والانصاف والأخوة والشراكة، الشراكة في المعاناة والالم، ونحو الأمل للمستقبل.
 
عندما تتجول في فلسطين وترى هذه البلاد الجميلة وما فيها من اثار العرب، ترى كل زاوية تحكي قصة عميقة وعريقة ودامية، فتجد نفسك امام مستودع للتاريخ، وتجد نفسك امام مئات الاسماء من العمالقة الفلسطينيين في كل مجال زمن الاحتلال وقبله وما بعده منذ الوثنية الى الان.
 
وفي الاردن فأنك إذا ما تجولت في ربوع الاردن وتاريخه وعشائره في البوادي والقرى والمدن القديمة والعشائر  تجد قصص التاريخ وحكاياته ايضا حيث الهامات والقامات والعمالقة الاردنيون عبر مراحل الوثنية والمسيحية والاسلام وعصور الظلام المملوكي الاخير والعثماني والانتداب، وعندما قامت الإدارة بالاردن في مطلع القرن العشرين ,  ركزت على نقاط عديدة لكي تثبت اركانها الواهية ,  ومنها قمع القامات والهامات والعمالقة في محاولة لإلغاء هؤلاء وايجاد قامات وهمية بديلة من خلال المناصب والمراتب، واقامة الشرعية الزائفة بدل الشرعية الحقيقية. كما سلكت الإدارة الجديدة منهج القضاء على الكفاءات واصحاب الفكر والثقافة والقلم، واجبرت الكثير منهم ان يتحولوا الى شهود زور للتاريخ وانتساب الفضل الى غير أهله وامتداح الارقام المزورة بما ليس فيهم من الخير والفضل.
 
خضعت الاردن الى مؤامرة تاريخية كما خضعت فلسطين، وعمل المتآمرون والتجار على اذكاء نار الفتنة بين الشعبين وان يرمي كل منهما المسؤولية على الاخر، وحتى من يقرا ويعرف التاريخ نجده منزلقا في هذه المؤامرة الي قبض ثمنها أطراف محددة، والخاسر هم الاردنيون والفلسطينيون، كلاهما على حد سواء. وصار تقسيم فلسطين الى مناطق تخضع كل منطقة فيها لسلطة او دولة.
 
  وكذلك تم اقتطاع أكثر من 400000 كيلو متر مربع من مساحة الاردن في عامي 1924 و1925 وما بعدها (ليس منها الضفة الغربية) واعطيت لستة دول مجاورة وغير مجاورة. ومثل هذا الاقتطاع ترفض الادارة الحالية تدريسه في المدارس والجامعات الاردنية، وتتحدث عن القبول بمساحة الاردن الحالية التي لا تتجاوز خمس مساحته الحقيقية قبل عام 1925.
 
وفي الوقت الذي يستحيل فيه اقناع من هم شرقي النهر من المتصهينين، فإنني لم أجد صعوبة في اقناع اهل فلسطين هناك اننا لا علاقة لنا بالخيانة ولا باحتلال الضفة الغربية ولا في ادارتها ولا في القضاء على حكومة عموم فلسطين، ولا بالحاق الضفة بالاردن فيما سمي الوحدة التي تم فكها بقرار فردي، ولا أدرى ان كانت أي وحدة حقيقية يمكن انهاءها بقرار فردي. فنحن كأردنيين ابرياء من هذه كله، ولا يوجد ولو توقيع أردني واحد من اصحاب الهوية والشرعية ابدا. كما لم يجر استفتاء حول هذه القضايا المصيرية اطلاقا. فالأردن وفلسطين وشعبيهما ضحية مؤامرة دولية وجدت لها أذرعها وادواتها من الطامعين الطامحين الى السلطة والمتصهينين، الذين باعوا كل شيء من اجل وهم زائل اسمه السلطة والحكم للأسف الشديد
 
فقد كانت اتفاقية سايكس بيكو اول مؤامرة على الاردن واقتطعت منه أكثر من اربعمائة ألف كيلو متر مربع وما فيها من الماء والتربة الخصبة والغاز والفوسفات والسواحل الطويلة جدا على البحرين الاحمر والابيض ومشارف نهر الفرات.
 
كان الزميل النائب حمادة فراعنه  صاحب رؤيا في هذا الامر تتفق مع رؤيتي ,  فهو يعزز انتماءه لفلسطين وهويته الفلسطينية بحرصه على الاردن واهل الاردن وامن الاردن , وهو يدرك المأساة التي نعانيها مثلما هو إدراكي لمعاناة الاخوة الفلسطينيين , والاخ حمادة يؤمن ان المراكز السياسية والسيادية  والقيادية والادارية بالاردن يجب ان تكون لأصحاب الهوية والشرعية الاردنيين واهل البلاد  , وهو بذلك من الساسة المتنورين الذي يرى ان حقوق المواطنة لغير الاردني لا يجوز ان تسمح له بأخذ حقوق الاردنيين في السياسة والسيادة والقيادة والادارة والمواقع, من هنا شن عليه المتصهينون حملاتهم واتهموه بالتصهين والتطبيع . كما اتهموني بالأمر نفسه لأنني اومن ان الاردن كله للأردنيين كلهم، وفلسطين للفلسطينيين من حيث معادلة المواقع والسياسة والادارة
 
وبناء عليه وجدت ان الزميل الكريم الفراعنة يتمتع باحترام شعبي كبير لدى الفلسطينيين سواء في فلسطين القديمة المحتلة عام 1948، من أعضاء البرلمان إلى رؤساء البلديات إلى قادة الأحزاب إلى شيوخ العشائر عند الدروز وعند بدو بئر السبع، وكذلك لدى القيادة الفلسطينية، بدءاً من الزعيم أبو عمار مروراً بكل قادة الفصائل والأحزاب والشخصيات، أكثر من أي سياسي فلسطيني قادم من الاردن. فهو يطلب من الفلسطينيين ان يبقوا هناك ويثبتوا في فلسطين وان يتكاثروا لان هذه خطة عرفات بالصمود والوصول إلى الأكثرية العددية والسكانية. وبالمقابل فهو مكروه ممن ترك فلسطين وخانها وطلقها الى الابد. وبالتالي فان هؤلاء المتصهينين يرمون بمسؤولية خيانتهم وتقصيرهم وصهاينتهم على كل من حمادة فراعنة واحمد العويدي، وان وطنية كل منا تعتبر خيانة لدى هؤلاء المتصهينين. ولكن أيا منا انا والزميل الكريم لا يهمنا ماذا يقول الاخرون؟ وانما ماذا نؤمن به من فكر وطني ونترك الحكم للتاريخ.
 
فنحن متفقان على صمود الفلسطينيين بعامة واهل القدس بخاصة، وبالتالي فان اغراءهم بالرحيل الى الاردن هو خيانة يرتكبها كل من يغريهم بها ويزينها لهم، لان سياسة الاغراء بالرحيل يتساوى في الخيانة مع الترحيل قسرا.
 
ومن خلال قراءة نصوص اتفاقية فيصل وايزمن نجد ان الاردن كان ضمن الاتفاقية الثنائية، ومع هذا يبقى السؤال ينتظر الاجابة: ترى من باع الاردن وفلسطين، وقد حاول شاعر الاردن الخالد عرار الاجابة على السؤال والتعبير عن الحال بحسن الشعر، بقوله:
 
هب الهوا وشجاك أن    نسيمه        في ضفة الأَردن   ريح   سموم
 
وأنا وأنت أذل   من   وتد   ومن       عير   بإسطبل    الهوان      مقيم
 
والشعب أضيع عندهم من سائل        قذر      يمد      ذراعه      للئيم
 
والمرهقوه على حساب    شقائه        بمناعة    من    بؤسه       ونعيم
 
هب الهوا فارتد   لأَنفك   مرتعاً        تعتز    فيه    منافذ       الخيشوم
 
في نجد حيث المجد ينفح    ظله        شمماً بأنف الشيخ     والقيصوم
 
يا   مدعي   عام   اللواء بلاؤنا        سيظل مهما خصصوه    عمومي
 
خل الجريمة إن   سر     وقوعها        لو رحت تنشده تجده    حكومي
 
لا يستقيم الظل يا ابن أخي    إذا        ما كان أصل العود غير     قويم
 
زيتون برما   رغم   انفك   داشر        ما زال وهو كذاك   منذ     قديم
 
هب   الهوا   وأنا   وأنت   يهمنا        قبض المعاش   بيومه     المعلوم
 
وحكومة السفهاء لم نعرف    لها        وجهاً بهذا   الموطن     المشؤوم
 
باعوا البلاد وحضرتي   وجنابكم        لكن   بلا   ثمن    إلى      حاييم
 
 
 
اما اتفاقية فيصل وايزمان عام 1919 م التي يشير اليها عرار فهذا نصها
 
اتفاقية فيصل -وايزمان، وقعت من قبل فيصل الأول ابن حسين بن علي الهاشمي مع حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية في مؤتمر باريس للسلام 1919م يعطي بها لليهود تسهيلات في إنشاء مجتمع للتعايش في فلسطين والإقرار بوعد بلفور.
 
نص الاتفاقية
 
إن الأمير فيصل ممثل المملكة العربية الحجازية والقائم بالعمل نيابة عنها، والدكتور حاييم وايزمن ممثل المنظمة الصهيونية والقائم بالعمل نيابة عنها، يدركان القرابة الجنسية والصلات القديمة القائمة بين العرب والشعب اليهودي ويتحقق أن أضمن الوسائل لبلوغ غاية أهدافهما الوطنية هو في اتخاذ أقصى ما يمكن من التعاون سبيل تقدم الدولة العربية وفلسطين ولكونهما يرغبان في زيادة توطيد حسن التفاهم الذي بينهما فقد اتفقا على المواد التالية:
 
1-يجب أن يسود جميع علاقات والتزامات الدولة العربية وفلسطين أقصى النوايا الحسنة والتفاهم المخلص وللوصول إلى هذه الغاية تؤسس ويحتفظ بوكالات عربية ويهودية معتمدة حسب الأصول في بلد كل منهما.
 
2-تحدد بعد اتمام مشاورات مؤتمر السلام مباشرة الحدود النهائية بين الدول العربية وفلسطين من قبل لجنة يتفق على تعيينها من قبل الطرفين المتعاقدين.
 
3-عند إنشاء دستور إدارة فلسطين تتخذ جميع الإجراءات التي من شأنها تقديم أوفى الضمانات لتنفيذ وعد الحكومة البريطانية المؤرخ في اليوم الثاني من شهر نوفمبر سنة 1917.
 
4-يجب أن تتخذ جميع الإجراءات لتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين على مدى واسع والحث عليها وبأقصى ما يمكن من السرعة لاستقرار المهاجرين في الأرض عن طريق الاسكان الواسع والزراعة الكثيفة. ولدى اتخاذ مثل هذه الإجراءات يجب أن تحفظ حقوق الفلاحين والمزارعين المستأجرين العرب ويجب أن يساعدوا في سيرهم نحو التقدم الاقتصادي.
 
5-يجب ألا يسن نظام أو قانون يمنع أو يتدخل بأي طريقة ما في ممارسة الحرية الدينية ويجب أن يسمح على الدوام أيضا بحرية ممارسة العقيدة الدينية والقيام بالعبادات دون تمييز أو تفصيل ويجب ألا يطالب قط بشروط دينية لممارسة الحقوق المدنية أو السياسية.
 
6-إن الأماكن الإسلامية المقدسة يجب أن توضع تحت رقابة المسلمين.
 
7-تقترح المنظمة الصهيونية أن ترسل إلى فلسطين لجنة من الخبراء لتقوم بدراسة الإمكانيات الاقتصادية في البلاد وأن تقدم تقريرا عن أحسن الوسائل للنهوض بها وستضع المنظمة الصهيونية اللجنة المذكورة تحت تصرف الدولة العربية بقصد دراسة الإمكانيات الاقتصادية في الدولة العربية وأن تقدم تقريرا عن أحسن الوسائل للنهوض بها وستستخدم المنظمة الصهيونية أقصى جهودها لمساعدة الدولة العربية بتزويدها بالوسائل لاستثمار الموارد الطبيعية والإمكانيات الاقتصادية في البلاد.
 
8-يوافق الفريقان المتعاقدان أن يعملا بالاتفاق والتفاهم التامين في جميع الأمور التي شملتها هذه الاتفاقية لدى مؤتمر الصلح.
 
9-كل نزاع قد يثار بين الفريقين المتنازعين يجب أن يحال إلى الحكومة البريطانية للتحكيم .
 
وقع في لندن، إنجلترا في اليوم الثالث من شهر جانفي سنة 1919.
 
 
 
اما مؤتمر باريس للسلام 1919م، فهو اجتماع نُظم في باريس من قبل الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى للتباحث في أمور السلام بين الأطراف المنتصرة في الحرب (فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والإمبراطورية الروسية) من جهة والخاسرة (الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية والدولة العثمانية وبلغاريا) من جهة أخرى. بدأ المؤتمر أعماله في 18-1-1919م واختتم في 21-1-1919م. تمخض المؤتمر عن معاهدة فرساي التي فرضت عقوبات شديدة على الدول المهزومة
 
 
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد