الأمير الحسن يدعو إلى بناء ضمير عالمي يستند إلى الأخلاقيات التشاركية

mainThumb

21-05-2009 12:00 AM

أكّد سمو الأمير الحسن بن طلال، رئيس مجلس أمناء المعهد الملكي للدراسات الدينية، على الأولويات الرئيسة للحوار بين أتباع الديانات. وقال سموه أنه لا بدّ من عقد ميثاق بين أتباع الديانات والمجتمع المدني بكافة فعالياته للتغلب على ظواهر التطرف بكل أشكاله.

وأضاف الأمير الحسن، (الأربعاء 20 – 5 – 2009) خلال اختتام أعمال الندوة المشتركة الأولى، "الدين والمجتمع المدني"، التي نظمها المعهد الملكي للدراسات الدينية والمجلس البابوي للحوار بين الأديان، في الجمعية العلمية الملكية، أنه يجب تفعيل الأغلبية الأخلاقية في هذا العالم والمغلوب عليها بالصمت، فمفهوم الأمن يحمل معنى شاملاً من نواحي البيئة والصحة والأمن الإنساني، وليس فقط الأمن الصلب الذي يخلق فرص عمل للصناعات الدفاعية والحربية.

كما أكّد سموه على ضرورة التعليم بالقياس أو المناظرة، بحيث يضع الإنسان نفسه مكان الآخر، من أجل بناء ضمير عالمي يتعاطف مع الإنسان أياً كان وأينما كان؛ داعياً إلى العمل ضد جميع أنواع التمييز العنصري والديني، والتعاون من أجل القواسم المشتركة من خلال إحياء فن المحادثة النبيل وفن الاستماع الأنبل بين الشعوب.

وقال الأمير الحسن أنه من الضروري في هذا السياق تفويض الفقراء قانونياً بحيث يتم إشراكهم في صنع مستقبلهم؛ مشدداً على أن الفعل المشترك عبر دروب الإيمان والعمل والعلم ستكون له نتائج إيجابية حاسمة في بناء الفضاء الثالث، الذي يجمع إرادة المشاركين من القطاعات الرسمية والتجارية والاستثمارية الإنسانية.

وبيّن سموه أن منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا هي المنطقة الوحيدة في العالم التي لا يتمّ تعريفها من خلال تمثيل جماعي للموضوعات؛ داعياً إلى تشكيل مجلسين على مستوى المنطقة، أولهما اقتصادي وثانيهما اجتماعي، بحيث تنعقد اجتماعاتهما ربعياً، كل ثلاثة أشهر، للتداول في قضايا المنطقة وشؤونها وأولوياتها.

كما دعا سموه إلى تقوية العلاقات مع مختلف المجتمعات البشرية على تنوع ثقافاتها، مشدداً على أن الوقت قد حان لتأسيس منهجيات للتعليم من أجل المواطنة والكوننة التي تجمع الهوية والثقافة بعلاقة مباشرة مع التعاليم الإيمانية.

وقد أكد البيان الختامي للندوة، التي شارك فيها نيافة الكاردينال جان لويس توران رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان ومجموعة كبيرة من العلماء المسلمين والمسيحيين، على خصوصية المجتمع المدني كوسيط للتبادل المفتوح للخبرات والرؤى التي تهدف الى الصالح العام المشترك، وعلى أهمية المجتمع المدني في التطور السليم والمتكامل للأفراد والمجتمعات. كما شدد البيان على أهمية تعليم الشباب قيم الاحترام المتبادل في ثقافة الحوار، ورفض العنف لأجل نشر التعايش السلمي على أساس المواطنة الكاملة. إلى جانب الدعوة لاحترام الاختلافات الإثنية والثقافية والدينية والمساواة على أساس احترام كرامة الإنسان وما يترتب على ذلك من مبادىء أساسية لحقوق الإنسان، وخاصة الحرية والعدالة.

كما أشار البيان إلى أن للأديان دوراً خاصاً تقدمه في المجتمع المدني حيث تحفز المواطنين للمساهمة في الصالح العام المبني على الإيمان بالله الذي يسمو على الطوارىء السياسية والبحث عن القوة أو السلطة؛ مشدداً أيضاً على دور الأديان في تمكين المشاركة وتقوية اللحمة الاجتماعية، ومساهمتها في استقرار المجتمعات العالمية.

من جهة أخرى، وفي مدينة أريزو الإيطالية الأسبوع الماضي، خاطب سمو الأمير الحسن، بحضور عدد من الشخصيات العالمية، مجموعة كبيرة من الشباب الإيطالي المشاركين في الفعالية الدولية "الإنطلاق نحو المستقبل" والتي تهدف إلى كسر الحواجز بين الأجيال الشابة والمستقبل الغامض.

وقال سموه إنه لا بدّ من بناء مؤسسات تمكّن الشباب من المساهمة في مجتمعاتهم والانخراط بطرق ذات مغزى في الشؤون العالمية. مضيفاً أنه لا بدّ للتعليم أن يُهيىء الفرد للمشاركة النشيطة في المجتمع العالمي، وأن على نظم التعليم أن تساعد في إيجاد مواطن حيوي متسلح بالمنطق والمعرفة والإبداع، يكون فخوراً بهويته وثقافته، وفي الوقت نفسه يدرك أهمية القيم الإنسانية المشتركة.

وأكد الأمير الحسن على العلاقة الوثيقة بين الدين والحياة العملية، من ناحية التركيز على ما هو مشترك والأخذ في الحسبان التراث التنويري والجرأة على إعادة قراءة نصوصنا وتراثنا وتاريخنا ثمّ نصوص وتراث وتاريخ الآخرين، قراءة علمية محايدة.

وقال سموه إن الجيل الأكبر سناً قد يجد صعوبة في الخروج من قوالبه في أغلب الأحيان، لكن شبابنا اليوم أكثر اطّلاعاً وانفتاحاً على الأفكار والتجارب الجديدة. والمستقبل ينتمي إليهم وهم يمتلكون أفضلية ملاحظة وفحص خبرات النجاحات السابقة وحالات فشل الجيل الأقدم.

وشدد الأمير الحسن على أنه من خلال إعادة التأكيد على القيم الروحية والأخلاقية الموجودة في التراث الديني، فإن أتباع الديانات التوحيدية يمكنهم أن يدركوا أن معتقداتهم تُشكّل جزءاً من خلاص العالم وسلامه وحلول أزماته. إذ علينا أن نتجنّب المعتقدات الإقصائية وأن نتحرّك تجاه "الأخلاقيات التشاركية".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد