حول متابعة وتقييم الخطط الحكومية

mainThumb

14-09-2007 12:00 AM

حدثني صديق شارك في إحدى جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في شرم الشيخ قبل سنتين تقريبا عن ثلاثة عروض تم تقديمها من مسؤول حكومي أردني ومسؤول إماراتي ومسؤول من دولة عربية لن أذكر اسمها حرصا على العلاقات العربية المشتركة كانوا يتحدثون عن موضوع الحكومة الإلكترونية في بلادهم. المسؤول من الدولة العربية أعطى المشاهدين محاضرة في أسس ونظريات الحكومة الإلكترونية ، مناسبة لطلبة السنة الأولى في الجامعة ومبنية على التنظير وليس الواقع المعيش.
المسؤول الأردني تحدث عن خطة الأردن في التحول نحو الحكومة الإلكترونية ولم يترك اية فكرة ذكية أو إبداعا انتهجته الخطط الوطنية إلا وتحدث عنه ولكن من خلال استخدام كلمة "سنقوم" وكذلك "سنفعل" و "سننفذ" و "سنطلق".
المسؤول الإماراتي أعطى للمشاهدين لائحة بالإنجازات التي تم تحقيقها على أرض الواقع من خلال مؤشرات قياس وأداء رقمية وأمثلة على النتائج ودروس مستفادة من التطبيق.
في اعتقادي أن هذا المثال يوضح مدى نجاح الأردن في تطبيق الخطط التنموية الحديثة حيث أن هناك تقدما نظريا كبيرا على معظم الدول العربية ولكن هناك تأخر في تحقيق النتائج. هل هي مسألة موارد مالية فقط ، حيث توفر الإمارات المال لكل فكرة جديدة ومبدعة بشكل فوري؟
اعتقد أن الفارق هو في موضوع التخطيط السليم والمتابعة والتقييم. في الأردن لدينا خطط كثيرة وبعضها في الواقع من أفضل ما يمكن الحصول عليه من خطط عامة. إذا نظرنا إلى الأجندة الوطنية نجد إبداعا حقيقيا في التخطيط وكذلك في توصيات منتدى "كلنا الأردن" وكذلك في خطط القطاعات المختلفة ولكن المشكلة هي التنفيذ الفعلي والتقييم حيث الفوضى وعدم المساءلة.
في تقييم الخطط والبرامج الأردنية هناك ثلاثة مراكز للمتابعة هي رئاسة الوزراء ووزارة المالية ووزارة التخطيط وكل مركز متابعة يستخدم اسلوبا مختلفا عن الآخر في التقييم وهذا يعني أن كل وزارة ومؤسسة عامة تحتاج إلى ثلاث خطط وثلاثة أنظمة تقييم على الأقل. رئاسة الوزراء تهتم بالتخطيط على مستوى السياسات الناتجة عن الأجندة الوطنية ولديها نظام خاص للتقييم الإستراتيجي. وزارة التخطيط تهتم بمتابعة المشاريع الرأسمالية والتنموية وأوجه الإنفاق والتنفيذ ولديها نظام خاص. وزارة المالية طورت أخيرا نموذجا للموازنة المرتبطة بالنتائج والتي تتضمن ربطا ما بين مخصصات الموازنة العامة والمشاريع الرأسمالية ولمدة ثلاث سنوات وليس سنة واحدة.
انه جبل من العمل الورقي والذي يمكن لأفضل موظف مختص بالتخطيط الإستراتيجي أن يضيع فيه. لماذا لا تجعل الحكومة الأمور أسهل من خلال نظام متابعة وتقييم واحد يتضمن المشاريع والنشاطات المختلفة بدون حالة التنافس في الصلاحيات والتي تجعل من كل وزارة أو جهة معنية بالتقييم تطور نظامها الخاص وتطالب الجميع بالالتزام به للخروج بنتائج واقعية حول مدى التقدم في التنفيذ بمؤشرات سهلة ويمكن قياسها ضمن الإمكانات المتاحة؟ نحن لا نزال غير قادرين على اتخاذ تلك الخطوة الحاسمة ما بين النظرية والتنفيذ ، وهناك عدة عوامل تساهم في ذلك ربما منها التباطؤ ولكن بلا شك أن التنافس في الصلاحيات والتعددية في أنظمة التقييم تجعل من الصعب تقديم مراجعة وافية لمدى نجاح الخطط الحكومية العامة.
batir@nets.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد