أزمة التعليم

mainThumb

18-09-2007 12:00 AM

الكفاءات البشرية هي أساس بنيان أي مجتمع. المدارس والجامعات هي مراكز إعداد هذه الكفاءات. أي خلل في أداء المؤسسة التعليمية سينعكس تشوهاً لا حدود لدماريته على كل جوانب العملية التنموية في البلد.  الخلل بائن. دماريته ظهرت تراجعاً في البنية الثقافية ومستوى التحصيل العلمي للطلبة. وهذا خطر يستدعي اجراءً يعيد لقطاع التعليم المكانة التي يستحق في أولويات الدولة. الضعف في مستوى المؤسسة التعليمية سيؤدي الى تراجع في كل شيء آخر. لا تنمية سياسية من دون جيل مثقف منتم يعرف حقوقه وواجباته. ولا تنمية اقتصادية من غير موارد بشرية مؤهلة. ولا إنتاجية وتقدما في مجتمع يتخلف فيه التعليم.

من السهل تحميل وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي مسؤولية ما يحدث في المدارس والجامعات. لكن الوزارتين جزء من حكومة عليها هي أن تراجع نظرتها الى القطاع التعليمي والإمكانات التي تضعها تحت تصرف أذرعها المكلفة إدارة العملية التعليمية. تراجع التعليم فشل تتحمل مسؤوليته الحكومة والوزارة وإدارات الجامعات.

ويمكن أيضا الحديث طويلاً عن سوية عملية الإصلاح التربوي وعن ملاءمة المناهج وعن سوية أساليب التدريس وغيرها من الجوانب التي يعتمد نجاح العملية التعليمية جزئياً عليها. لكن المشكلة أكبر من ذلك وترتبط بالإمكانات التي توفرها الدولة لإيجاد البيئة الكفيلة بإنتاج عملية تربوية تحافظ على سوية منتجها وبكيفية إدارة هذه الموارد.

مقاربة بسيطة توضح الصورة. تقدر كلفة الطالب في المراحل الأساسية في المدارس الخاصة بحوالي الفي دينار سنوياً. بينما لا تتجاوز المخصصات التي توفرها الحكومة حوالي 250 دينارا سنوياً للطالب. فبموازنة سنوية قدرها حوالي 400 مليون دينار، على وزارة التربية أن توفر التعليم لما يزيد عن مليون ونصف مليون طالب يدرسون في مدارسها. وهذا وضع لا يسمح بتطور في العملية التربوية، ويحول حتى دون المحافظة على مستوياتها السابقة.

عدم توفر المخصصات اللازمة أنتج الحال البائسة التي تعيشها مئات المدارس على امتداد المملكة. الصفوف غير مجهزة لتوفير بيئة مناسبة لإنتاج عملية تعليمية مناسبة. في الصيف يعاني طلبة الحر وفي الشتاء البرد. وفي الفصلين يعانون نقص المدرسين أو ضعف مستوياتهم. لا مرافق تثقيفية أو مكتبات أو مختبرات. وحتى المرافق الصحية غير صالحة للاستعمال البشري في عشرات المدارس.

وتزداد الحال تعقيداً نتيجة تفشي الإحباط بين المعلمين. أوضاع المدرسين المعيشية سيئة. رواتبهم ضئيلة. ظروف عملهم صعبة. وأعداد غير قليلة منهم لم تتلقّ?Z ما تحتاج من تأهيل تربوي يمكنها من تحمل مسؤولية تعليم الأجيال.

المشهد الكلي للصورة قاتم. معلمون محبطون يعملون في مدارس طاردة. النتيجة الحتمية لذلك هو تراجع يتفاقم في مستوى العملية التربوية وضعف في مستويات مخرجاتها. طلبة لا يحصلون على ما يستحقون من تأهيل تربوي وثقافي وقيمي في المدارس وفي الجامعات. وبالتالي لا يحصل المجتمع على ما يستحق من خريجين مؤهلين فكرياً وأكاديمياً للإسهام في العملية التنموية ومسيرة بناء المجتمع.

العملية التعليمية في أزمة. وهذا يعني أن البلد كله سيكون في أزمة إن لم يتحرك كل المعنيين لإنقاذ قطاع التعليم. ثمة حاجة لتوفير الإمكانات اللازمة لتطوير العملية التعليمية وحمايتها مما تواجه من تراجع. وثمة حاجة أيضاً لإعادة دراسة ركائز عملية الإصلاح التربوي. لا شك أن هنالك فائدة في شبكات الألياف الضوئية وفي تزويد المدارس بالحواسيب. لكن تحقيق هذه الفائدة يتطلب مدرسين يتقنون تعليم الطلبة استعمالها ويريدون تعليم الطلبة استعمالها. المعلم المحبط لا يعلم. والطالب الذي لا يجد مرفقاً صحياً يستعمله أو غرفة صفية دافئة أو معلماً كفؤاً أو مرتاحاً لا يتعلم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد