كلنا في الهم شرق

mainThumb

18-09-2007 12:00 AM

مع الاعتذار للشاعر; هموم الشرق لم تعد واحدة. وما كان في عهد الاستعمار لم يعد سائدا في عصور الاستقلال. اقول هذا تعليقا على انباء ارتفاع سعر برميل النفط الذي تجاوز ال¯ 81 دولارا ويتوقع البعض ان يصل الى 100 دولار في نهاية العام, مع احتمالات حرب امريكية على ايران.

في الاردن, نضع ايدينا على قلوبنا كلما ارتفع مؤشر اسعار النفط, لاننا مثل امريكا واوروبا نستورده, لكننا مع ذلك لا نبدي تذمرا او احتجاجا من باب ان النفط معظمه عربي, وبالتالي فان ارتفاع اسعاره يعني مزيدا من العوائد المالية الى الخزائن العربية من الجزائر الى الامارات, فالدول العربية غير المنتجة لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة, وهي الاردن ولبنان وفلسطين والمغرب مع اضافة موريتانيا والصومال, وباستثناء المغرب فان عدد سكان هذه الدول صغير وبالتالي احتياجاتها النفطية متواضعة.

اذن, ه?Zم النفط سيكون الهم الجديد الطاغي بعد قضيتي فلسطين والعراق بالنسبة للاردن واقرانه من الدول غير النفطية, وهو ما سيؤسس لثقافة سياسية واقتصادية جديدة في المنطقة, فالدول غير النفطية مضطرة ان تبدأ بالبحث عن حلول لفواتيرها. من ترشيد الاستهلاك الى البحث عن اسعار تفضيلية او عن سياسات اقليمية توفر مثل هذه الاسعار. وهنا يمكن التعويل على قرارات قمة الرياض التي دعت الى قمة عربية اقتصادية من شأنها ان تساعد على مواجهة التحديات المالية والاقتصادية التي تعترض التنمية.

ارتفاع اسعار النفط يثير ردود فعل متباينة في العالم, ومن اكثر الردود لؤما وعنصرية, ما نسمعه من دعوات امريكية لتطوير طاقة بديلة من اجل الاستغناء عن استيراد النفط العربي, وعلى رأس الداعين الى ذلك الكاتب الامريكي توماس فريدمان, المقيم في كتاباته في الصحافة الخليجية, الذي يبرر دعوته في اطار الحرب على الارهاب, فهو يزعم ان الغرب يشتري النفط ويدفع المليارات للعرب الذين بدورهم ينفقونها على الارهاب.

مثل هذه الدعوات هي لذر الرماد في العيون, فالمستفيد الاكبر من ارتفاع سعر النفط هي الشركات الامريكية والاوروبية, فدخل الشركات بلغ في عام 2005 ال¯ 243 مليار دولار. هذا عندما كان النفط لا يتجاوز الخمسين دولارا, فكيف سيكون عليه في عامي 2006 و 2007?. وعلى سبيل المثال فان شركة اكسل الامريكية بلغ دخلها 43 مليارا فيما وصل ال¯ 23 مليارا لشركة شل البريطانية.

طبعا عائدات ارتفاع اسعار النفط تعود بطريقة او اخرى الى الاقتصاد الامريكي والاوروبي, لانها تصرف في العالم العربي على التنمية, التي بدورها تعتمد على الصناعات وادوات الانتاج والاستهلاك المستوردة من المصانع الغربية.

الامريكيون والاوروبيون لا ينظرون الى ارتفاع الاسعار من زاوية حق الشعوب المنتجة للنفط بالعوائد والتنمية, بل ينظرون الى ذلك بانه خطر يجب التصدي له. فبالاضافة الى الدعوات باستبدال بترول الشرق الاوسط بمصادر بديلة للطاقة هناك تذمر من ان عائدات النفط المرتفعة اتاحت للدول المناوئة للولايات المتحدة قدرا كبيرا من الاستقلال الذي مكنها من تحقيق اهدافها الاستراتيجية والسياسية.

على سبيل المثال. زاد دخل ايران العام الماضي 55 مليار دولار. وبلغ 300 مليار في السنوات الخمس الماضية بسبب ارتفاع الاسعار. بينما بلغ دخل فنزويلا - شافيز الـ 37 مليارا, اما روسيا فقد وصل الى 110 مليارات دولار. وكل هذا يغيض امريكا, لكنه ايضا يرهق موازنات البلاد العربية (غير النفطية) وبما يجعلنا نترحم على شعار »كلنا في الهم شرق« لعل وعسى!




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد