المركز الوطني .. بين النقد والاقصاء

mainThumb

19-09-2007 12:00 AM

نحمد الله انه لا تزال هناك مساحة واسعة للنقد والرأي الآخر في هذا البلد. وهذا دليل خير وبركة ومؤشر على ان النفاق يتراجع والمجتمع يتقدم, وبأن محاولات اعادة عقارب الساعة الى الخلف لا تحقق سوى نتائج هزيلة ما دام على رأس هذا البلد ملك يعمل باستنارة ووعي لجعل الحداثة والدولة وجهين لعملة واحدة.

ولا حداثة وتقدم بدون مشاركة المواطن الحر الذي يستطيع ان يجاهر بالقول (هذا خطأ وهذا صحيح). مواطن العقل وليس النقل. اي الذي يحاكم الاشياء بفكره وقناعاته وليس بقدرة الآخرين على حشو الافكار في رأسه.

لا اعتراض على نشر مقالات تنتقد بيان المركز الوطني لحقوق الانسان حول الانتخابات البلدية, فالاساس ان النقد والنقد المضاد يخلق حالة من العصف الفكري التي تنشط الحياة السياسية في البلاد. لان صيغة (كلنا موافقون) اصبحت من الماضي.

ما اعترض عليه ان يوصف كل نقد على بعض ما ورد من ممارسات انتخابية بأنه كراهية للوطن واساءة لصورة الاردن. هنا يتحول النقد الى اتهام ومن كتّاب مقالات همهم اختلاق الخصوم لفتح معارك اعلامية وهمّية لا احد يرغب بها, ومن الغريب انها تجري تحت شعار الدفاع عن الوطن والنظام لكنها وهي تسعى الى توزيع تهم عدم الولاء والانتماء وحتى الخيانة على هذه الفئة او تلك, انما تعمل عن قصد او غير قصد على اظهار الاردنيين وكأنهم شعب موبوء باللاوطنية وعدم الانتماء, مع ان هذا الوطن وهذا النظام لا معارضة له في المنافي, كلها من داخل الوطن والنظام, فالحكم والمعارضة والرأي والرأي الآخر, يكمل بعضهما البعض في رسم صورة الاردن الديمقراطي والحضاري.

الجميع يتحدث اليوم عن ضرورة (ديمقراطية ونزاهة) الانتخابات النيابية, وحيثما توجد انتخابات في البلاد او في البلاد الاخرى, فإن مثل هذه المطالبات تكون متداولة ومطروحة ومشروعة وفي كثير من البلدان الديمقراطية تفتح ملفات عن تزوير او رشوة انتخابية حتى بعد سنوات من حدوث الانتخابات. فإذا كان الانسان الفرد عاجزا عن تجنب الخطأ والخطيئة, فكيف بعملية جماعية انتخابية ان تمر بدون تجاوزات وانتهاكات, صغيرة كانت ام كبيرة, يجب التصدي لها ليس للتشهير بوطن او حكومة وانما من اجل ان لا تتكرر وان تكون صورة الاردن افضل واجمل.

النقد والرأي الآخر, مهما كان قاسياً, هو من حقوق المواطنة الدستورية وفي وضع المركز الوطني لحقوق الانسان فإنه يستمدها من نصوص الارادة الملكية التي انشىء من اجلها, وفي مقدمتها حقه في رصد المخالفات التي تمس حرية وحقوق الانسان, وما قاله بيان المركز في الانتخابات البلدية ردده سياسيون واحزاب وقالته عشائر وتحدثت عنه صحف, ولا يزال قصة على لسان فعاليات اجتماعية وثقافية في كل مدينة وبلدة ومحافظة.

لا تجرى انتخابات بدون رقابة على ادائها. وبدلاً من دعوة الحكومة الى فحص الانتقادات واجراء التحقيقات على ما ذكر من تجاوزات نرى ونسمع لهجة جديدة من بعض من يعتقدون ان بوسعهم اسكات كل نقد ولجم اصوات الآخرين من خلال التشكيك في وطنية من يبدي رأياً وموقفاً آخر او من لا يتفق مع ما يروجونه من مقولات.

مثل هذا الاسلوب عدمي لان اصحابه يعتقدون بانهم وحدهم يملكون الحق في طرح فكرة او ابداء رأي, اما الاخرون فخارج الصورة لا يفقهون ولا يعلمون, وهنا يبدأ فكرهم الاقصائي بالاستهانة والاستهزاء بالجميع, فلا احزاب تعجبهم ولا نقابات ولا اتحادات ولا عشائر ولا كتابا وصحفا ولا منظمات مجتمع مدني او مراكز دراسات, وليس هذا فقط, فأحد الكتاب هدد المركز الوطني, »بأشد العقوبات والقوانين الرادعة« وهكذا اصبح عند بعضهم الجرأة للادعاء بانهم يملكون السلطة ويحتكرون الحقيقة واشياء اخرى من بقايا ثقافة الاستبداد!!0



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد