تفاوض المتسوّلين في رمضان ! .

mainThumb

20-09-2007 12:00 AM

"بريزة, شلن, أو سيجارة".. مفردات تفاوضية ابتدعها أطفال الشوارع المتسوّلون, ينفذونها وعلى مراحل أثناء عملهم اليومي, وخلال علاقات باتت معروفة مع زبائنهم من المارة وأصحاب المحال التجارية والسائقين وغيرهم. ** يخوض الأطفال المتسوّلون معاركهم التفاوضية على أرض لا يملكونها لكنهم يملكون إمكانية الوقوف أو السير فيها, ما يشكل عامل قوة لديهم إضافة إلى أنهم لا يخشون الخسارة, فالطفل المتسوّل يحقق فائدة يجنيها جرّاء " حوار يطول أو يقصر " مع مفاوضيه أو مع أطراف تملك شيئاً, فيما لا شيء لدى المتسوّل ليخسره حتى في حال فشله في الحصول على مبتغاه من الآخرين. • تلك, أداة التسوّل, لعبة تفاوضية ضمن نتائج واضحة سلفاً, ليس فيها سوى خاسر واحد, ومهما كانت نتائجها, وطرفا المعادلة غير متكافئين, أحدهما يفرض شروطه ولا يملك ما يفقده أو يخسره, إن هو لم يربح, فيما الطرف الآخر يملك ما يمنحه وليس بوسعه إلا أن يكون خاسراً وفي شتى الحالات, إلا إذا اعتبرنا ما يقدمه واقعاً في باب الصدقات. ** ما يخيف في المشهد التفاوضي, بين المتسوّل والفئات المستهدفة, يكمن في أنّ المفاوضة تبدأ من غير شروط أو معرفة مسبقة, ولا تحكمها سوى فطنة المتسوّل وقدرته على اختيار أهدافه المنتقاة بوصفها قادرة على العطاء أو مرشحة لامتلاك شيء على الأقلّ, وكلاهما الطفل المتسوّل وضحيته معرضان لحالات تفاوضية يومية لا تنقطع, الطفل بحكم مهنته ودوره اليومي والضحية أو الهدف بحكم عبوره الشارع أو اقترابه من المحال التجارية بقصد التسوّق. • وفي التعليق على ما يجري, نسأل: ألا يحتاج الطفل المتسوّل إلى تطوير أدواته لتحقيق مزيد من الكسب والإنجازات اليومية.. وهل من اللازم أن يسعى المواطنون وفي أمكنة عديدة الى "تقوية دفاعاتهم وأخذ الحيطة والحذر جرّاء مداهمات تفاوضية محتملة في كلّ حين? " .. إنها الأسئلة المشروعة التي تقتضي الإجابة عنها " وجود خبراء في علم التفاوض والاتصال الجماهيري " , فالأمر جديد وغريب, وطرفا المعادلة وحيدان في اللعبة, ونظن أنهما في حاجة إلى تشريع وهيئة مراقبة مختصة. * وفي آخر المشهد, يضيف الطفل المتسول فكرة ومبدأً جديدين لعلم التفاوض, أولهما أنّ المتسوّل المفاوض لا يملك سوى الشارع, وثانيهما أنّ " مفاوضاته وشروطه تبدأ من الأصعب إلى الأسهل المتاح " .. تبدأ بطلب "البريزة" وتنتهي في حال فشل المهمة إلى " طلب السيجارة " .. لكن الأخطر في المسألة أن ينهي الأمر بشتيمة قد يسمعها الرافض, وينطلق المتسوّل بعيداً محققاً بذلك الحد الأدنى من شروطه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد