الصفقة السرية

mainThumb

18-09-2007 12:00 AM

أكثر من مرة كان الحديث إعلاميا وسياسيا عن صفقة سرية ثم التوصل اليها بين الحكومة والحركة الاسلامية حول الانتخابات النيابية القادمة، صفقة أهم بنودها الاتفاق على عدد معين ومحدد من (الفائزين) والمقاعد في المجلس القادم.

وبصرف النظر عن العدد الذي يتم تداوله فإن هذه الاحاديث تمثل اساءة للحكومة والاسلاميين على حد سواء، لأن اي صفقة من هذا النوع تعتبر توافقا من الطرفين على تزوير الانتخابات والتدخل في نتائجها, فلو كان الاتفاق مثلا على اعطاء الاسلاميين (15) مقعدا وكانت قائمتهم تضم (20) مرشحا فهذا يعني رضا الحركة والحكومة بتزوير النتائج بحيث يكون عدد الفائزين (15)، اي حرمان اي ناجح يزيد عن قيمة الصفقة من حقه، وإعطاء من لا يستحق مقعدا من اجل الوصول الى الرقم المطلوب!

المنطق يقول: إن صفقةً من هذا النوع غير موجودة، فربما تكون هناك صفقة يكون الحديث فيها عن مشاركة الاسلاميين مقابل ضمان سير ايجابي للانتخابات، او صفقة تتعلق بحجم قائمة الاسلاميين، لكن صفقة عن عدد الناجحين لا تعني الا توافقاً على التزوير، ولهذا فإن حرص الحكومة والاسلاميين على وضوح الصورة يقتضي النفي المباشر والواضح.

ومن الاشياء الطريفة التي يتداولها بعض الاعلاميين ومجالس السياسة ان هذه الصفقة تمت مع المعتدلين، ويغيب عن هؤلاء سؤال آخر: اذا كانت هناك صفقة مع المعتدلين فكيف سيتم فرضها على التيارات الاخرى؟ واحيانا يتحدث البعض متناسين ان بعض الاسماء التي يجري تداولها لم يعد لها سلطة ولا نفوذ ولا قدرة على التأثير، وانها لو جلست مع اي مسؤول فإن اللقاء ليس اكثر من تشاور او في الحد الاقصى نقل رسائل!

وإذا عدنا إلى موضوع مشاركة الاسلاميين في الانتخابات فإن الصورة لدى دوائر صنع القرار الرسمي لا تبدو واحدة، فهنالك اوساط تريد مشاركة الاسلاميين لأن غيابهم يفقد الانتخابات صورتها السياسية، وهذه الاوساط تعتقد ان تجارب وجود الاسلاميين في مجالس النواب لم تكن مقلقة او مؤثرة رغم الازعاجات السياسية التي ليست اكثر من ثمن قليل مقابل حالة المشاركة.

وهنالك أوساط أخرى تُفضّل غياب الإسلاميين وتعتقد أنّ هذا الغياب اقل كلفة من المشاركة، وأن حدوث المقاطعة سيكون له ثمن سياسي وإعلامي لفترة وجيزة، وهذه المدرسة هي التي كانت سعيدة لخروج الاسلاميين من البلديات، وهذه الاطراف تعتقد أن المقاطعة ستكون إضافة لعمليات خروج وإخراج الإسلاميين من مواقع تأثير لهم اجتماعيا وتعليميا وسياسيا.

على الجانب الآخر تبدو اوساط قيادة الحركة اكثر ميلا للمشاركة، وربما لو كانت تريد المقاطعة مثلما كان الامر عام 1997 لوجدت الطريق سهلة واتخذت القرار بشكل اسرع من التمهل نحو المشاركة، لكن ميل اوساط القيادة للمشاركة يقابله اجواء وقناعات تمثل القواعد ويقرؤها الناس في الاعلام على لسان بعض القيادات، هذه القناعات اقرب للمقاطعة، بخاصة بعد تجربة البلديات والنظرة الى اداء المجالس النيابية واداء نواب الحركة، بل وفكرة المشاركة وقدرتها على التأثير، ولهذا سيجد قرار المشاركة صعوبات حتى يخرج للعلن ويتجاوز العوائق الداخلية التي لا تؤدي الا الى المقاطعة.

شهران تقريبا على موعد الاقتراع وما يهم الناس ان تكون الانتخابات نزيهة، وان كان اقناع الناس بالمشاركة يحتاج الى جهد كبير بعد فقدت المجالس النيابية برقيها. إذ اصبح الناس اكثر قناعة بعدم قدرة مجلس النواب على التأثير.

sameeh.almaitah@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد