البرادعي – رجل الساعة

mainThumb

21-09-2007 12:00 AM

تزايدت في الفترة الأخيرة مطالبات أجنحة اليمين الحاكمة في عدد من الدول الغربية باللجوء إلى القوة ضد إيران. وكانت تصريحات وزير الخارجية الفرنسي بيرنار كوشنير رأس الحربة في آلة التأليب الغربية، ثم سرعان ما تبعتها مواقف مندفعة أخرى مثقلة بالتلذذ بالحرب. وتتذرع تلك الاصوات بأن وجود سلاح نووي بين الأيدي الإيرانية يمثل خطرا حقيقيا على العالم كله.

ولم يقف في وجه تلك الموجة صوت قد يكون ذا تأثير حتى الآن أقوى من صوت محمد البرادعي – المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ وهو صوت يدعو إلى ضبط النفس والتريث، لعل التكهنات الغربية تكون خاطئة في حساباتها، ولأن الوكالة الدولية على علم اليقين بأن طهران ليس لديها في هذه اللحظة ما يثبت حتى القدرة على إنتاج السلاح النووي.

البرادعي الذي تبدو تصريحاته حكيمة ومنضبطة في خضم فورة الدم الغربية، لا ينكر حق استخدام القوة ضد إيران إذا كانت هذه متهورة؛ ولكن كحل أخير تلجأ إليه الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة ثم فرنسا – التي بدأت تحل محل بريطانيا. ومن باب المنطق أن نصف تصريحات البرادعي بالحكيمة، بعد الذي عشناه من ويلات في المنطقة بسبب الحرب على العراق، وهي الحرب التي كرر البرادعي بشأنها أكثر من مرة بأنه لا يوجد دليل واحد على امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. وقد ننصف الرجل لو قلنا إنه استحق جائزة نوبل التي مُنحت له مناصفة مع الوكالة التي يديرها، رغم أن موقفه المشرف ذاك لم يجد سبيلا إلى منع تلك الحرب. من المفترض أن يكون البرادعي، بصفته مديرا لوكالة متخصصة، أكثر اطلاعا وموضوعية على الملف النووي الإيراني من أحزاب يمينية همها الحرب والتدمير. فهذا الرجل يقرع الجرس حاليا، متنبئا بمخاطر الحرب وويلاتها المصاحبة، ومعللا تحذيراته بأن موقف الغرب مبني على معلومات استخبارية خاطئة – أو لنقل ملفقة. ومع ذلك، يصم الغرب آذانه عن تصريحات البرادعي التي يدلي بها عن يقين، وهي تصريحات تذكّر بالتململ الأنجلو-أميركي في الأيام الأخيرة قبل غزو العراق. وعلينا أن نأخذ في الحسبان، أن هذا الحاصل على جائزة نوبل في السلام، يدير وكالة معنية في المقام الأول بالسلام وإرساء السلام. المتأثر الأكبر بالحرب التي يدق طبولها الساسة المتزمتون في الغرب هم أهل المنطقة؛ وعلى حكومات هذه المنطقة – لمصلحتها ومصلحة شعوبها - أن تسعى ولو على استحياء، لدرء حرب ستكون عواقبها وخيمة على الجميع، وآثارها مدمرة أضعاف ما فعلته الحرب على العراق. ولو كانت شعوب المنطقة تنطق بما تريد، لتوسلت إلى حكوماتها كي تستأنس على الأقل بمبررات البرادعي، من أجل أطفال هم آنئذ أيتام، وأمهات هن حينئذ أرامل وثكالى. وليسمع السامعون!

alkodah@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد