الثلوج تغطي جبال رأس الخيمة .. !

mainThumb

26-01-2009 12:00 AM

يتندر الإماراتيون بأن بلادهم ستشهد تحولا من الحر الشديد إلى البرد القارس، وبأن الأوروبيين سيأتون قريبا إلى الإمارات في شهور الصيف، هاربين من الحرارة التي لا تطاق في بلدانهم. مرد هذا التندر هو التغير المناخي النادر الذي شهدته دولة الإمارات أول من أمس، وتحديدا إمارة رأس الخيمة، عندما تساقطت الثلوج على أحد جبالها، حتى غدا شديد البياض، في سابقة تاريخية تشهدها الإمارات، والسواحل الخليجية بأسرها.

فقد فوجئ الإماراتيون بأخبار تأتي من إمارة رأس الخيمة، التي غطتها الثلوج بِسُمْك يصل إلى 20 سم في بعض المناطق، مفادها أن أحد أشهر جبالها ـ وهو جبل جيس، وهو أيضا أعلى القمم الجبلية في الإمارات ـ بعد أن كانت الطبيعة الصحراوية الجافة هي سمته، كما هي بقية الإمارات عموما في أغلب شهور السنة؛ تحولت الأمور بشكل مفاجئ، وغطت الثلوج قمة الجبل وأطرافه، على مساحة تقدر بنحو خمسة كيلومترات، بصورة مغايرة للطبيعة الخليجية عموما.

وللمفارقة، فإن شهر يناير (كانون الثاني)، الذي شهد ثلوجا هذا العام، شهد أيضا العام الماضي ثلوجا سقطت على نفس الجبل، غير أن تساقط الثلج هذه المرة فاق كل التوقعات، وزاد عن الكميات التي سقطت في السابق، وهي المرة الأولى التي يغطي فيها الثلج قمة الجبل بالكامل، وبهذا السُّمْك.

ويبلغ ارتفاع جبل جيس 1900 متر، ويقع على مسافة 25 كيلومترا شمال شرقي مدينة رأس الخيمة، ولا يبتعد إلا أقل من 100 متر عن جبل حريم، الواقع في حدود سلطنة عمان، بل إن الجبل ذاته تترامى أطرافه في بعض الأجزاء داخل الحدود العمانية.

الثلوج التي سقطت بكثافة على جبل جيس، جعلت من الكثيرين يبحثون عن طريقة توصلهم إلى هذا الجبل، الموجود على الحدود الإماراتية العمانية. وربما كانت هذه هي المرة الأولى لكثيرين أرادوا أن يزوروا هذا الموقع، الذي أصبح سياحيا من الدرجة الأولى، ليس لمواطني الإمارات فحسب، بل أيضا للزائرين.

وفي الوقت الذي فرح فيه الإماراتيون بهذا التغير المناخي ووصول الثلوج إلى بلادهم، كانت المفاجأة غير السارة في انتظارهم، فهم غير قادرين على الاستمتاع بهذا المنظر الثلجي.. فالوصول إلى قمة الجبل غير متاح، لعدم وجود طريق إسفلتي مخصص للسيارات، حتى إن التقاط الصور الذي تم لتسجيل هذه المرحلة المناخية النادرة، تم بإرسال المصورين إلى قمة الجبل بطائرة هليكوبتر.

كما شهدت قمة الجبل انخفاض درجة الحرارة لتصل إلى درجتين مئوية في الفترة النهارية، ودرجتين مئوية تحت الصفر، وهي من النسب النادرة والأقل على مستوى الإمارات كلها، حيث تصل معدلات درجات الحرارة في أقصى انخفاضها إلى عشر درجات مئوية في فصل الشتاء، في أشد أيام السنة برودة، بينما تصل الحرارة صيفا في أعلى معدلاتها إلى 50 درجة مئوية.

ولمن لا يعرف الإمارات جيدا، فإن فصل الشتاء فيها يختلف عن بقية دول الخليج العربي، فالأجواء تتحول إلى ربيعية، وليست شتوية، حتى إن الإماراتيين لا يرتدون الملابس الشتوية إلا نادرا، فأجواؤهم لا تعرف الشتاء البارد إطلاقا.

ويقول خبراء إن وصول الثلوج إلى الجبال في بعض المناطق التي لم تعرفها مسبقا، وانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في مناطق عُرفت بشدة مناخها، ربما يعد ظاهرة جديدة تعكس مدى التغير في البيئة العالمية، حيث تذوب جبال الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية، بتأثير ارتفاع حرارة الأرض.

وهذه الظاهرة المناخية المفاجئة على الأجواء الإماراتية، ترافقت مع موجات باردة عمّ?Zت الإمارات السبع، مع سقوط كثيف للأمطار التي لم تعتد الدولة على أن تستقبلها بهذه الكثافة.

وإذا كان الخليجيون يبحثون عن الدفء والابتعاد عن المناطق المكشوفة عندما يبدأ فصل الشتاء، فإن الإماراتيين على العكس من ذلك، فالأجواء الربيعية تسمح لهم بالخروج إلى المتنزهات والمقاهي والمطاعم المفتوحة، للاستمتاع بالأجواء المعتدلة في هذا الوقت من العام، غير أن التغير المناخي من الاعتدال إلى البرودة أجبر المواطنين والمقيمين في الإمارات، وخاصة في إمارتي أبوظبي ودبي، إلى هجر أماكنهم المفضلة، والاستعاضة عنها بالأماكن المغلقة، والبعيدة عن برودة الطقس، التي يشعر بها أهل الإمارات، وكأن هذه البرودة ضيف غريب قد حل على بلادهم.

وعندما أنشأت دبي منتجعا ثلجيا مغلقا لهواة التزلج على الجليد، وهو يعتبر الأطول على مستوى العالم، اعتبر الكثيرون أن في هذا المشروع تعويضا عن الحرارة الشديدة التي تغلب على الطقس الإماراتي، غير أن تساقط الثلوج بهذه الغزارة على جبال رأس الخيمة، ربما غيّ?Zر من المعادلة السابقة بأن الأجواء الإماراتية لا تحتمل إلا الحر، والقليل من الجو المعتدل، فهل تصدق أحلام أبناء الإمارات بتغير مناخي يغير حال بلادهم من الحر الشديد إلى تساقط دائم للثلوج؟. الأعوام المقبلة كفيلة بالكشف عن حقيقة هذا التغير المفاجئ والنادر في شتاء الإمارات.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد