الأمير الحسن يدعو إلى تمكين الشباب العربيّ وتفعيل مؤسساتهم

mainThumb

14-07-2008 12:00 AM

قال سمو الأمير الحسن بن طلال إنه آن الأوان لكي نضع أنفسنا مكان الآخر التاريخي والسياسي والاجتماعي، وأن يضع الغني نفسه مكان الفقير، تعزيزاً للمساعي والجهود المتزايدة الرامية إلى ترسيخ مفهوم المواطنة وآلياتها في المجتمعات العربية، خصوصاً شريحة الشباب؛ مشيراً في هذا السياق إلى أن الصدق مع الذات يجب أن يسبق الصدق مع الآخر، وإلى ضرورة التأكيد على الغيرية وفتح القنوات مع الآخر، خاصةً حين يتم الحديث عن الشباب العربي وتفعيل إمكاناته.

وأضاف سموه، خلال افتتاحه المؤتمر الشبابي الثالث لمنتدى الفكر العربي "نحو تطوير مؤسسات العمل الشبابي العربي"، الذي بدأت أعماله في عمّان (الاثنين 14-7-2008)، أن نظرتنا إلى الأمور اليوم هي نظرة إنسانية، وأنا لديّ حلمٌ ورؤيا؛ وهي أن أرى شاباتنا وشبابنا في رحاب الحياة الفسيحة: يحتفلون بها وبمدّها العليل؛ بعيداً عن العجز والتهميش والغضب العشوائيّ الم?Zشُوبِ بعُقدةِ ذنبٍ دائمة. فكلّ عملٍ إنسانيٍّ شامخٍ إنّما هو احتفال بظاهرة الحياة؛ هو تمرّدٌ ضدّ السّفاهات والتّفاهات والقباحات.

وتساءل الأمير الحسن: ماذا يفعل النّاس المهمّ?Zشون والهشّون؟ قدْ يهاجرون جغرافياً أو وجدانياً أو حتّى جوّانيّاً؛ فيتغرّبون ويغتربون وينكفئون على ذواتهم. كما قد يتقمّصون صفات قاهِريهِم وجلاّديهِم. أف?Zل?Zمْ يحن الوقت، إذاً، للاحتفاء بفنّ المحادثة النّبيل وفنّ الإصغاء الأنبل؟ نريدُ شباباً يتحلّوْن ليس فقط بالشّجاعة والألق والحصافة؛ وإنما أيضاً بالعطف والتّعاطُف والحُنُوّ؛ مشيراً إلى أن هذا المؤتمر هو جزء من مسلسل لقاءات بدأ في جنوب شرق آسيا، من خلال الأصوات المرفوعة لمواطني جنوب شرق آسيا التي طالبت بتأسيس ميثاق للمواطنة، وصندوق غير متوازٍ لتفويض الفقراء، وإيجاد مصادر الطاقة البديلة؛ ومذكّراً بانتقال هذه اللقاءات إلى جنوب آسيا وغرب آسيا عبر لقاءات في عمّان وتركيا وباكستان وغيرها.

وأكّد سموه ضرورة العمل معاً بذكاء جمعي وليس بعطاء فرداني، من أجل رفد صوت الإنماء والانتماء بإيجاد صور التكافل والتكامل بين مختلف الموضوعات، وبين البيئة الطبيعية والبيئة الإنسانية؛ لافتاً النظر إلى أهمية توظيف التكنولوجيا والإنترنت في خلق التواصل الوجداني والعقلي والارتقاء إلى علم المعاني، بدلاً من استخدامها فقط في التواصل الكلامي.

وقال الأمير الحسن: إن معظم طلبتِنا لا يسمعون ثناءً أو تقريظاً من أحد. وكي ينجحوا في اختباراتهم وامتحاناتهم، عليهم بالنّسْخ والنّقْل والانصياع للتّلقين والأوامر والنّواهي. حتّى سرقة الأفكار لم تعد تعتبر غِشّاً أو جنحة. فأيّ معايير وأيّ قيمٍ وأخلاقيّات نتوقّع من هكذا تربية وهكذا تعليم؟ مؤكداً أن من أُولى الأوْلويّات تحسين نوْعيّة التّعليم وضمان جودته. كذلك الانتقال من فكرة التّعليم للتّعليم أو التّعليم للعمل إلى التّعليم للحياة. أضفْ إلى ذلك التّركيز على التّعليم المستمرّ بطرُقِه المختلفة: التّعليم عن بُعْد؛ والتّعليم المفتوح؛ والتعليم الإلكترونيّ؛ والتّعليم الافتراضيّ؛ والتعليم النّظير، كبرامج إيرازموس وسقراط.

وأضاف سموه أن علينا أن ننتقل من ثقافة البقاء إلى ثقافة الحياة بِق?Zوْس قُز?Zحها وأطيافها المترامية؛ بعيداً عن الأيديولوجيّات والتّزمّت والتّحجير. هي ثقافة النّور التي نرنو إليها، وثقافة الأنوار والتّنوير والاستنارة والقواسم المشتركة بين الإنسانية جمعاء. هي السّعي للانتصار على "انتقاليّة" الحياة بالبحث وراء المعاني والمعايير.

وقال: إنه إذا كان الغرب يدعو إلى ثقافة النور فعلينا أن نستذكر أن آسيا وأفريقيا هما مهد ثقافة الإشراق. وحكمة الإشراق هي حكمة جمعية، وهذه الاستنارة لن تقوم إلا على "تعظيم الجوامع واحترام الفروق"، على حدّ تعبير الإمام الشاطبي.

وقال: إن الكلّ ينادي ليل?Z نهار?Z بأهمّيّة تمكين الشّباب وغيرهم من المهمّشين ومُع?Zذّ?Zبي المجتمع، حتّى كاد هذا يصبح شعاراً بلا مضمون. لكنّ الأهمّ، كما أؤكّد مراراً وتكراراً، هو تمكين الشّباب قانونيّاً؛ أيْ تسليحهم بالمعرفة القانونيّة وتدريبهم على مداخلِ القانونِ ومخارِجِه. فهذا بالضّبط ما يحتاجون إليه للسّير قُدُماً في متاهات الحياة، والأخْذ بِي?Zدِ النّاشئة حتى تحتلّ موقعها اللاّئق الفعّال تحت الشّمس. أقول هذا بصفتي عضواً في ما يُسمّى "هيئة التّمكين القانونيّ للفقراء". وقد أصدرنا للتّوّ الجزء الأوّل من تقريرٍ جامعٍ مانعٍ بعنوان "جعلُ القانونِ يعملُ من أجل كلِّ امرىء".

وأضاف سموه: نحن نعيش حياةً ممزّقةً على الدّوام بين السِّلْم والحرب؛ معذّ?Zبين بالوحشيّة التي تُحيطُ بنا والتّهافُتِ في مُعظم الأحيان. أ?Zف?Zلا نستطيع أن نصوغ ميثاقاً للتّضامُن الاجتماعيّ للمواطنين يمنح صوتاً مسموعاً لأكثر من نصف المجتمع؛ أ?Zعْني الشباب؟ أين?Z شبابُنا؟ أين?Z هُم في مواقع المسؤوليّة والنّفوذ والابتكار؛ مشيراً إلى أن هنالك قضايا أساسيّة لا بدّ من التصدّي لها كي يتمكّن الشّباب العربيّ من النّهوض بدوْره الاجتماعيّ الفاعل. وهي: المواطنة؛ والتعليم؛ والحاكميّة الجيّدة؛ ومشكلة الفقر والعوْلمة؛ والمحافظة على البيئة الطّبيعيّة والبيئة الإنسانيّة، من خلال رعاية القواسم العالميّة المشتر?Zكة وحمايتها.

ودعا سموه إلى تعزيز عمليات التشبيك بين الأفكار القاريّة والمعايير العالمية من أجل إعلاء الصوت العربي والعطاء العربي الفعال. فتمكين الشّباب في هذا السياق لا يمكن أن يتحقّق بغياب ثقافة التّشاركيّة والحوار، ومفاهيم التّعاون والتّضامن؛ ليس فقط على صعيد المجتمع المحلّيّ، وإنّما أيضاً المجتمع الإقليميّ وحتّى الدّوليّ. ولا يمكن للشّباب أن يساهموا بفاعليّة في بناء المستقبل إلاّ عن طريق التّعامل بإيجابيّة مع التّحدّيات التي نواجهها؛ والّتمسّك بروح المبادرة؛ والتشبيك؛ وتبنّي التفكير البعيد المدى.

كما دعا سموه إلى بناء تحالف من أجل القواسم العالميّة المشتر?Zكة يأخذ في الحسبان بناء ثقافة السّلام وإرساء قواعد الأمن الإنسانيّ فيما بيننا أوّلاً، ومع الآخ?Zرِ ثانياً؛ استناداً إلى المعايير والدساتير الدّوليّة؛ مشيراً إلى أننا بحاجةٍ إلى تدعيم أسس الشّراكة في المنطقة من خلال تفعيل الحوار ودعْم التّبادُلات الشّبابيّة والخدمةِ التّطوعيّة، وتدريب القيادات الشّبابيّة، وتمكين المؤسّسات الشبابيّة في المجتمع المدنيّ.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد