بعد 60 عاما على النكبة .. الفلسطينيون يندبون ضياع وطنهم

mainThumb

15-05-2008 12:00 AM

بينما تحتفل اسرائيل بمرور 60 عاما على قيامها يندب الفلسطينيون نكبة 1948 عندما فقدوا وطنهم. وهم يتمسكون "بحق العودة" الذي يتم تجاهله غالبا في محادثات سلام الشرق الاوسط. علية الشباطي كان عمرها 12 عاما عندما فرت من هجمات اليهود على قرية كابري التي تم الاستيلاء عليها بعد أيام من قيام اسرائيل.

واليوم بعد ان أصبحت امرأة وقورا في الثانية والسبعين فان ذكرياتها عن كابري التي تقع الان في شمال اسرائيل مازالت حية على عكس قريتها التي تم محوها من الخارطة. وقالت علية التي كانت ترتدي فستانا أزرق وغطاء رأس أبيض وهي تجلس في غرفة المعيشة بمنزلها المتواضع في مخيم برج البراجنة في بيروت "كان لدينا منازل وأراض." وأضافت "وكان لدينا أشجار زيتون وعنب وكمثرى ونخيل. كان لدينا بساتين فاكهة وحقول. والآن ماذا لدينا.. لا شيء."

وقصة حياة علية تجسد مرارة السلب والاقامة في المنفى التي يشعر بها نحو 4.5 مليون لاجيء فلسطيني وأحفادهم الذين يعيشون في مخيمات بائسة في لبنان وسوريا والاردن والضفة الغربية المحتلة وغزة أو في الشتات. وبالنسبة لعلية التي فقدت ثلاثة من اطفالها الاحد عشر فان قصتها فريدة وتقول "ما ذقته لم يذقه أحد قط". القوات البريطانية قتلت والدها اثناء تمرد فلسطيني في عام 1936 بعد فترة قصيرة من ولادتها.

وبعد مرور 12 عاما فرت من قرية كابري مع امها وشقيقها وجدتها مع نساء واطفال اخرين بعد هجوم قوات الهاجاناه اليهودية. وكان عمها وعدة أقارب اخرين بقوا في القرية بين الذين قتلوا. وتتذكر علية سيرها منهكة من قرية الى اخرى لا تجد الامان في أي مكان الى ان عبر الناجون من قرية كابري الحدود الى لبنان ونقلوا الى سوريا.

ومصير قرية كابري كان جزءا مما يقول الفلسطينيون وبعض الباحثين اليهود انه عملية تطهير عرقي منظمة أمر بها الزعماء الصهاينة لتمهيد الطريق امام قيام الدولة اليهودية.

وترفض اسرائيل ذلك وتقول ان مشكلة اللاجئين نتجت عن الحرب التي شنها الفلسطينيون الذين عارضوا خطة التقسيم التي أقرتها الامم المتحدة في 29 نوفمبر تشرين الثاني عام 1947 والدول العربية التي قامت بالغزو بعد انتهاء الانتداب البريطاني يوم 15 مايو ايار عام 1948 . ووفقا لاجماع فانه من بين 1.4 مليون عربي كانوا يعيشون في فلسطين في عام 1947 نزح أكثر من 700 الف من ديارهم بحلول عام 1949 .

وقبل ان يندلع القتال في اواخر عام 1947 كان نحو مليون عربي و600 الف يهودي يعيشون فيما أصبح اسرائيل. وقامت اسرائيل على 78 في المئة من فلسطين ايام الانتداب. وكانت خطة الامم المتحدة التي رفضها العرب ستعطيها 56 في المئة من هذه الارض.

وفي سن الثانية عشرة ربما كانت علية لا تستوعب تماما الصراع بشأن وطنها لكنها سرعان ما شعرت بما يعنيه ان تصبح لاجئا. ومن بين المصاعب والاهانات التي صادفتها وتتذكرها علية كيف ان بعض القرويين السوريين بدأوا ينتقون عرائس من المجموعة التي أصبحت ملابسها رثة بطريقة تهكمية الى ان وبخهم شرطي على اساءة معاملة ضيوفهم. وقالت "شعرنا وكأن سكاكين وجهت الينا."

وبعد سبع سنوات في مخيم لاجئين في سوريا تزوجت علية وجاءت الى برج البراجنة على مشارف بيروت حيث انشأت اسرة مع زوجها بائع اللبن (الزبادي). وقتل ابنهما محمد (23 عاما) في معركة مع القوات الاسرائيلية التي غزت لبنان لطرد مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1982 . وقتل شقيقه علي (24 عاما) في عام 1985 عندما هاجمت ميليشيا أمل الشيعية المخيمات الفلسطينية في بيروت.

وتحلم علية بالعودة الى كابري حتى لو اضطرت الى الاقامة في خيمة مرة اخرى. وقالت "سوف أمشي على قدمي أي مسافة في امكاني من اجل العودة" ساخرة من سؤال عما اذا كانت ستفكر في الانتقال الى دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة في نهاية الامر. ويلقى الفلسطينيون معاملة أسوأ في لبنان مقارنة مع الدول العربية الاخرى مثل الاردن حيث يتمتعون بحقوق المواطنة كاملة وسوريا حيث يتمتعون بالحقوق المدنية وليس السياسية.

وقال يزيد صايغ وهو باحث فلسطيني بجامعة كيمبردج البريطانية "لديهم تاريخ خاص من التعرض للعنف والمذابح والتهميش والاستبعاد من جانب السلطات اللبنانية من خلال السبل القانونية والوسائل الاخرى." وقال ادريس (35 عاما) ابن علية ان القوانين اللبنانية التي تحظر على الفلسطينيين ممارسة 70 مهنة سببت لهم مصاعب جمة بعد ان ادرك ان ابنه ليس في امكانه ان يأمل في ان يصبح محاميا أو طبيبا.وشكا قائلا "لا يمكنك ان تعيش حياتك كمواطن هنا."

وتهدف القيود اللبنانية على اللاجئين التي خففتها قليلا الحكومة الحالية لرئيس الوزراء فؤاد السنيورة الى ردع الفلسطينيين وغالبيتهم من السنة من الاستقرار بصفة دائمة والاخلال بالتوازن الطائفي في لبنان. وتعارض اسرائيل بشدة السماح بعودة أي لاجئين الى ديارهم الاصلية بحجة ان هذا سيدمر الدولة اليهودية بتعريض الغالبية اليهودية للخطر.

وقبلت منظمة التحرير الفلسطينية صيغة خطة سلام اعدتها جامعة الدول العربية تدعو الى "حل عادل ومتفق عليه" يتفق مع قرار الامم المتحدة الذي يقترح العودة أو التعويض للاجئين الراغبين في العيش في سلام مع جيرانهم.

وقال باسل عقل احد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية والمستشار السابق لياسر عرفات الزعيم الراحل لمنظمة التحرير "في نهاية اليوم كل شيء قابل للتفاوض". ويسلم عقل الذي هربت عائلته من مدينة يافا الساحلية في عام 1948 بأن مصالح اللاجئين لم تؤخذ في الاعتبار تماما "ليس لاننا تخلينا طواعية عن حق العودة وانما لان توازن القوى ادى الى ان مسألة اللاجئين لم تعد لها أولوية في أي جدول أعمال".

وقال صايغ انه نادرا ما تم التشاور مع اللاجئين بشأن رغباتهم ولم يكن لهم قول يذكر في محادثات السلام الاسرائيلية الفلسطينية خلال الاعوام الخمسة عشر الماضية التي تستهدف حلا قائما على أساس دولتين. وقال "الاتجاه هو اعتبارهم عقبة فعلية أو محتملة امام السلام" مضيفا ان هذا الموقف لم يقتصر على اسرائيل فقط أو حليفها القوي الولايات المتحدة.

وقال "جزء من القيادة الفلسطينية عاملهم أيضا على انهم مثيرو متاعب محتملون قد يدمرون أي اتفاق سلام." والان التوصل الى اتفاق سلام نهائي يبدو أمرا بعيدا لكن العديد من الفلسطينيين يأملون في اعتراف ما من جانب اسرائيل بالمسؤولية عما يرون انه ظلم تاريخي لحق بهم. وقالت ريم كيلاني وهي مطربة تقيم في بريطانيا سجلت العديد من الاغاني الفلسطينية التقليدية "تحتاج الى ان تعترف بما حدث في عام 1948".

وأضافت "اذا لم تكن تريد ان تعتذر عليك بأن تسلم بذلك وبعدها قد يمكننا ان نبدأ شيئا ما."وقالت ان الفلسطينيين في المخيمات في الشتات يجب عليهم احياء الذكرى التي تحل هذا الشهر باعادة التأكيد على هويتهم. واضافت "بالنسبة لي هو احتفال بتاريخ الثقافة الفلسطينية قبل واثناء وبعد 1948 . المسألة ليست ضحايا فقط." في السنوات الاخيرة تفاقمت الاحوال في المخيمات في كل مكان فيما أصبحت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للامم المتحدة (أونروا) التي تعاني من نقص في الاموال التي تساعد بها اللاجئين الفلسطينيين أقل قدرة على تقديم الرعاية الصحية والتعليم بدرجة كافية.

وقال صايغ "يواجه اللاجئون الفلسطينيون الان أكثر من أي وقت مضى في الاعوام الستين الاخيرة تراجعا خطيرا في الخدمات."وأضاف الاكاديمي الفلسطيني "انهم بصدد أن يصبحوا مرة اخرى أضعف المجتمعات وفقا لكل مؤشر قياس."وقال "اننا ننظر الى عودة ظهور طبقة دنيا حقيقية."

/رويترز - من اليستير ليون/



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد