«بكرا أحلى» علامة مسجلة للدوار الرابع - عمر عليمات

mainThumb

28-02-2019 10:59 AM

 على وقع مسيرات المتعطلين الزاحفة من جنوب الأردن وشماله إلى وسطه، يبشّرنا رئيس الوزراء عمر الرزاز من لندن بأن "الاقتصاد يتحسّن وفي طريقه للنمو"، ولسان حاله يقول "بكرا أحلى".
 
بشرى الرزاز ليست بالجديدة، فقد سبقه إليها رؤساء وزراء سابقون بشرونا بالتحسن والتعافي إلى يوم رحيلهم، ثم يأتي من بعدهم مَن يلعن المرحلة السابقة ويبشرنا بالسمن والعسل والليالي الملاح، ويواصل حتى يسلّم الراية لمَن بعده، وتتواصل التصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ويبقى الشعب يعاني وتُثخن جراحه، ومسؤولونا يحفظون ذات العبارات ويرددونها وكأنها علامة مسجلة باسم مَن يجلس في الدوار الرابع.
 
تصريح الرزاز لا يختلف أبداً عن تصريح سلفه هاني الملقي في فبراير 2017 الذي أكد فيه أن "خطة الإصلاح الاقتصادي بدأت تؤتي ثمارها"، ولا عن حديث عبدالله النسور في أبريل 2014 عن أن "الأردن تجاوز الخطر الاقتصادي 2014".
 
لست اقتصادياً ولا متخصصاً في قراءة الأرقام وتحليلها، ولكن عن أي تحسن نتحدث؟ ونسب البطالة في ازدياد والطبقة المتوسطة في انحسار، وأرقام المديونية في ارتفاع متواصل، وشركات القطاع الخاص تعاني الأمرين، فلا أسواق تصديرية مفتوحة أمامها ولا حوافز فعلية تبقيها على قيد الحياة، وسنبقى نلعن اليوم ونأمل بحلاوة غد، ولن يأتي غد حكوماتنا ما دام النهج ذاته، ولغة الخطابات المهترئة وتخدير الناس هي الأسلوب المعتمد للبقاء في سدة الرئاسة لأطول فترة ممكنة.
 
نعي تماماً المعطيات الجيوسياسية التي تمر بها المنطقة، وندرك صعوبة الوضع، ولكننا في الوقت ذاته نعلم تماماً أن مديونيتنا لم تبدأ في هذه المرحلة ومعدلات البطالة لم تكن أفضل حالاً من اليوم، ومشاكلنا هي ذاتها منذ عشرات السنوات، فلماذا انتظرنا إلى هذه المرحلة الأقسى والأصعب لنجعلها شماعة نعلق عليها فشل تفكيرنا الاستراتيجي، وعدم قدرتنا على التخطيط والتنفيذ المفضيين إلى نتائج محددة قابلة للقياس، بحيث نقنع الناس بأننا في الطريق نحو النمو؟.
 
حال رؤساء وزرائنا مع الشعب الأردني كحال الحاكم الذي رجع إلى قصره في ليلة شديدة البرودة، ورأى حارساً عجوزاً واقفاً بملابس رقيقة، فاقترب منه وسأله: ألا تشعر بالبرد؟ فردّ الحارس: بلى أشعر بالبرد، ولكنّي لا أملك لباساً دافئاً، ولا مناص لي من تحمّل البرد. فقال له الحاكم: سأدخل القصر الآن وأطلب من أحد خدمي أن يأتيك بلباس دافئ. فرح الحارس، ولكن ما أن دخل الحاكم قصره حتى نسي وعده.
 
وفي الصباح كان الحارس العجوز قد فارق الحياة وإلى جانبه ورقةٌ كتب عليها بخط مرتجف: "أيّها الحاكم، كنت أتحمّل البرد كل ليلة صامداً، ولكن وعدك لي بالملابس الدافئة سلب منّي قوّتي وقتلني".
 
دولتك نأمل أن يكون "بكرا أحلى بس ما في أشي اليوم نمشّي حالنا فيه لحد ما يفرجها الله ويجي بكرا وحلاوته".


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد