ادارة المواقع الأثرية وأثرها على زيادة الدخل القومي في الأردن - أ.د. عاطف محمد الشياب

mainThumb

04-07-2019 02:48 PM

منذ عدة سنوات والنقاش جار حول موضوع الجهة المسؤولية عن إدارة المواقع الأثرية في الأردن ، مع وجود خلط كبير بين بعض المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالمواقع الأثرية والمواقع التراثية والسياحية .
 
فالمقصود بالموقع الأثري هو الموقع الذي له قيمة اثارية وأنشأه الإنسان قبل 1750 وله قيمة تاريخه وحضارية ، أما الموقع التراثي فهو الموقع ذو القيمة التراثية من حيث نمط البناء أو علاقته بشخصيات تاريخيه أو بإحداث قومية أو دينية هامه واقيم بعد1750، أما الموقع السياحي هو الموقع المعد للسياح والذين يتنقلون به بقصد التنزه والاستمتاع والعلاج.
 
وقد انبثق عن هذا النقاش الجدلي فريقان
 
الفريق الأول ينادي بتولي القطاع الخاص والشركات الربحية إدارة المواقع الأثرية بحجة تحسين مستوى الخدمات وتقديم التسهيلات لزوار تلك المواقع بما يتناسب مع المعايير الدولية الامر الذي فتح المجال امام تلك الشركات استغلال واستثمار المنشآت لكسب المزيد من الإرباح على حساب الهوية الحضارية الثقافية لتلك المواقع ويدعم هذا الراي بعض من الفريق الحكومي بحجة التخفيف من العبء الحكومي "المالي الإداري" اللازم لإدارة تلك المواقع.
 
أما الفريق الثاني فينادي بتفعيل دور دائرة الآثار العامة وزيادة صلاحيتها لإدارة تلك المواقع ضمن المعايير الدولية المطلوبة وزيادة موازنة دائرة الآثار العامة وتطوير مواردها البشرية لتقوم بالمسؤوليات المطلوبة منها.
 
وهنا أقول كخبير في مجال الآثار والتراث أن سبب تراجع مستوى الخدمات في المواقع الأثرية هو عدم وضوح الفرق بين مفهومي المواقع الأثرية والمواقع السياحية لدى العديد من المسؤولين في القطاع السياحي إضافة الى وجود تداخلات بين صلاحيات بعض المديريات في وزارة السياحة والآثار.
 
فهناك ما يسمى مدير اثآر الموقع وآخر يسمى مدير سياحة الموقع ، وكلا الوظيفتين تابعتين لوزارة السياحة والاثار ،الامر الذي ادى الى وجود العديد من الاختلالات الادارية والفنية لإدارة تلك المواقع ونتج عن ذلك إزدواجية في الصلاحيات وادى الى صعوبة التخطيط والتنظيم والتنسيق لإدارة تلك المواقع بالطريقة الصحيحة، وان مدراء سياحة تلك المواقع غير مؤهلين لإدارة وتأهيل تلك المواقع الأثرية وغير ملمين بالمهارات والتقنيات المطلوبة والمتعلقة بالحفريات الأثرية وعمليات الصيانة والترميم وغيرها من النشاطات الاثرية.
 
إن أهم المواقع السياحية في الأردن هي المواقع الأثرية ، حيث يوجد في أردننا العزيز أكثر من مائة ألف موقع اثري يمتد تاريخها أكثر من 2 مليون سنة لغاية الوقت الحاضر، الامر الذي يجعل من المواقع الأثرية هي الرافد الأكثر والاكبر لقطاع السياحة في الاردن.
 
ولا اتفق هنا مع من ينادون بتسليم إدارة المواقع الأثرية لشركات مستقلة او للقطاع الخاص لأنهم سيطمسون الهوية الثقافية الحضارية لتلك المواقع وسيكون هدفهم الربح دون مراعاة لمسألة المحافظة على الإرث الثقافي والحضاري لتلك المواقع وديمومتها للأجيال القادمة.
 
وأتفق مع من ينادون بتفعيل دور دائرة الآثار العامة وزيادة صلاحيتها وإشرافها على تلك المواقع وتحسين وتطوير مواردها البشرية والمالية وزيادة موازنتها السنوية لتقوم بواجباتها ومسؤوليتها تجاه تلك المواقع من حفريات وحماية وصيانة وتأهيل وترويج لتلك المواقع والمحافظة على تلك الآثار من العبث والضياع والدمار ، إضافة إلى إعادة صياغة حكاية المكان والزمان وربط ذلك بذهن السكان والمجتمع المحلي والسياح على حد سواء.
 
وإذا ما تم التفكير بإشراك القطاع الخاص في ادارة المواقع الاثرية فأنه من باب تحسين مستوى المرافق الصحية والخدمات اللوجستية الفندقية شريطة عدم المساس بجوهر الهوية الثقافية التراثية لتلك المواقع الأثرية ودون التدخل في اجراء الحفريات الأثرية والترميم والصيانة وغيرها من النشاطات العلمية الاثرية لتلك المواقع، وإن إدارة تلك المواقع بطريقة صحيحة سيؤدي إلى زيادة إعداد السياح وزيادة الدخل القومي الإجمالي المتأتي من قطاع سياحة المواقع الأثرية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد