يجب الذي يجب

mainThumb

15-12-2019 11:33 PM

قال الشاعر الكبير محمود درويش-رحمه الله-: يجب الذهاب لليسار
يجب التمترس في الوسط
يجب الدفاع عن الغلط
يجب الذي يجب
ادعو لأندلس إن حُصرت حلب.
 
قراءة سطحية ساذجة لمسيرة الزحف الأخضر كما أطلق عليها أصحابها،أن قبيلة اليمين الذين لم تكفيهم ثلاثة عقود من الحكم و يريدون معاودته بشكل طبيعي كأن شيئا لمن يكن قبل نهاية الفترة الانتقالية. 
 
هذا التصور لا يحترم الشعب السوداني الذي اقتلع الإنقاذ و لا رؤى فئات من التيار الاسلامي الذي ساهم في الثورة بدمائه العزيزة. هذه قراءة خاطئة تماما ان لم تكن فرّية يرّوجها أهل اليسار.
 
التيار الإسلامي و الوطني العريض كان أغلبه خارج دائرة الحكم، يراقب ينتظر و يتلطف و لما ساءت الأوضاع الإقتصادية انتمى عدد مقدّر من التيار ل الثورة السودانية التي شارك فيها الشعب السوداني، فالمسيرة قطعا لم تكن لعودة المؤتمر الوطني بقدر ما هي عودة لروح هذا التيار الواسع داخل المجتمع السوداني.
 
مسيرة الزحف الاخضر لإعادة توازن القوى داخل الحياة السياسية السودانية التي تسيّدها اليسار بعد جوع و وقوف طويل في صفوف المعارضة و لذا إبتدر قراراته الأولى لتصفية حساباته مع ( تركة الإنقاذ) بحدّة و تشفي و جنون، مما عرّض الحكومة الإنتقالية لأخطاء كبيرة و مؤثرة فارقت معها شعارات الثورة و تشظى فيها بقدرٍ ما عناصر إءتلاف الحرية و التغير التي سارعت في اغتنام كعكة السلطة بتهافت محزن.
 
مسيرة الزحف الأخضر تنبيه باللون الأحمر لكل من ينسى أو يتناسى قوة التيار الإسلامي و الوطني. و للمسيرة أيضا رسائل عديدة للداخل و الخارج. فأما بالنسبة للداخل فأي تجاوز لأي قوة سياسية مهما صغرت يدخلنا في الدائرة الشيطانية (ديمقراطية-انقلاب).
أما خارجياً يتضح جلياً أن الإعتماد على الخارج لا يفيدنا شيئاً بل يُلقي علينا أعباءً ثقيلة و من إبداعات الثورة أنها حركت الكثير من المفاصل المتحجرة و المتيبسة و الساكنة في المجتمع فلابد من الإستفادة من هذا المد الثوري الهائل في الإنتاج بدلاً من توجيهه في الفتن و بث الكراهية في المجتمع فالثورة توكأت على حب عظيم لهذا الوطن.
 
ثمة ملاحظة أُخرى تعليق السيد الإمام الصادق المهدي على المسيرة أن التيار الإسلامي رقما صعبا لا يمكن تجاوزه و هذا تأكيد لما طرحناه. أما حديثه عن أخطاء الحكومة الإنتقالية فهو أمر ظاهر للعيان و لا يحتاج لكثير بحث.
 
دعوات عديدة من ساسة و كُتّاب مرموقين لعقد مصالحة أو مساومة تاريخية بين النخبة السياسية السودانية و فئات المجتمع المدني و طبقاته المختلفة لإدارة حوار و تجاوز إخفاقات الماضي يُفضي الى تأسيس مرحلة جديدة تبعد الوطن كله من الدوائر المفرغة التاريخية لتبدء مرحلة صلبة في طريق الديمقراطية و التداول السلمي للسلطة و العدالة و دولة القانون. 
 
إذا قُرأت مسيرة الزحف الأخضر بشكل محايد يتضح جليا مساهمتها في عدل كفة الميزان، و تصويب زاوية الرؤيا للجماهير السودانية لترى عورات ناشطي قحت جيداً و الأهم من ذلك كله عدم الإقصاء لأي تيار من التيارات سواءً كانت مدنية أو مسلحة.
 
أما نهاية قصيدة شاعرنا محمود درويش في شطرها الأخير المذكور أعلاه، إدانة صارخة للهروب إلى الأمام.
 
لإتمام الفترة الإنتقالية نحتاج إلى دفقات حكيمة للوفاق الوطني و من ثم يُرد كل هذا الجهد الثوري للشعب الجميل الأسمر ليختار من يشاء بدون إطلاق أحكام مطلقة تؤثر على رؤاه و خياراته.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد