هل يجوز ارتداء الجينز الممزق في العمل العام؟

mainThumb

20-12-2021 01:11 PM

 يميل كثير من الناس إلى مجاراة تغيرات العصر و"الموضة»، في ارتداء الملابس التي تكون غريبة عن المجتمع في بعض الأحيان، وأن مبرر مرتديها «مجاراة الموضة» تحت شعار الحرية الشخصية، دون أن تستند إلى مبرر قيمي أو ديني أو أخلاقي في بعض أنواع الملابس.

 
وتبقى الحرية شبه مطلقة للمواطن العادي في ارتداء ما يشاء من ملابس تستر جسده وتراعي القوانين، لكن هل تبقى الحرية مطلقة للموظف العام في ارتداء الملابس كما يشاء، خاصة فيما يتعلق بالجينز الممزق، أو ملابس تكشف جزءاً من البطن، وغيرها من الملابس العصرية الدخيلة على المجتمع الشرقي.
 
قبل أن نتحدث عن التشريعات الأردنية، نتعرف على رأي القضاء الفرنسي بهذا الصدد، والذي أوجب على الموظف العام التقيد بلباسٍ معيَّن يتفق ومبادئ الدولة الفرنسية؛ وأنه في بعض الأحيان الحرية الفردية في ارتداء اللباس لا تكون مُطلقة، بحيث يجوز فرض قيود يتم تبريرها لفائدة الخدمة العامة، من خلال طبيعة المهام المُراد إنجازها وبما يتناسب مع الهدف المنشود....».
 
وهدفت الإدارة العامة من تحديد زي موحد أو ملبس موحد للموظفين إلى المحافظة على هيبة الوظيفة وكرامتها بما ينسجم مع القيم والأخلاق العامة، والقضاء على كل أشكال الاختلاف المسيء لصورة الوظيفة العامة ومكانتها، وانطلاقاً من هذا الهدف، فقد حظرت الإدارة على الموظفين أنواعاً كثيرة من الملابس، وألزمتهم بأزياء موحدة ومحددة وفق القرارات والتعليمات التي تصدرها لتنظيم ذلك.
 
وتنوعت نظرة الادارة العامة الى ملبس الموظف من مؤسسة الى أخرى، ومن بلد الى آخر، وأحياناً كانت تثير جدلاً في المجتمع، وتشغل الرأي العام، ومدى توافقها مع الحريات الشخصية والدينية ومعارضتها لها، وتصدّر ارتداء المرأة النقاب أو الحجاب، اشكالية لها في بعض مرافق الادارة في التشريعات المقارنة، في حين لم يمنع نظام الخدمة المدنية الأردني رقم 9 لسنة 2020 ارتداء المرأة للحجاب أو النقاب، أو عدم ارتدائه، واعتبر ذلك من الحرية الشخصية التي كفلها الدستور ولا تتعارض مع كرامة وأخلاقيات الوظيفة العامة، إلا أن الأردن شهد بعض الحالات فيما يتعلق بملبس الموظفين في قطاعات أخرى أثارت جدلاً.
 
وهدفت التشريعات الأردنية إلى المحافظة على مكانة الوظيفة وهيبة الدولة، من خلال الاهتمام بمظهر من يمثلها وهو الموظف العام بكل تأكيد، فكان تنظيم ملبسه بنصوص قانونية نابعاً من هذا الاهتمام، كواجب من واجبات الوظيفة العامة وأخلاقياتها، وان عدم امتثال الموظف العام لواجبات الوظيفة العامة سيجعله يرتكب مخالفة مسلكية، يعرض نفسه فيها لإجراء تأديبي.
 
كما أن تحديد الملبس الحسن واللائق واجب على الموظف الالتزام به، يعكس مدى احترام كرامة الوظيفة وهيبتها وكرامة المنتسبين اليها، ومن ثم الأصل امتلاك الموظف العام الحرية الكاملة في التصرف كما يشاء بعد انتهاء الدوام الرسمي، وبالتالي لا يجوز محاسبته على ما يرتكبه من أفعال خارج أوقات الدوام الرسمي، إلا إذا كانت تمس كرامة الوظيفة وسمعتها، وأن يتساوى الخطأ الذي يرتكبه خارجها مع الخطأ الذي يرتكبه أثناء العمل الوظيفي.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد