الخاسر في مقاطعة الانتخابات من يكون؟!

mainThumb

08-09-2010 07:04 AM

 يحق لمجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين أن يقرر مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة... ومن حقه أيضا، متابعة تنفيذ القرار لدى أعضاء الجماعة ؟! وبالمقابل يحق للحكومة إجراء الانتخابات النيابية بمن حضر وشارك بغض النظر عن نسبة لمشاركة وانعكاساتها المستقبلية.


ولكن التساؤل هنا: من الخاسر من ممارسة الفريقين لحقهما المشروع؟!.


وبتحليل بسيط للسيناريو المتوقع، يظهر جليا أن ثمة خسارة ستلحق بالحركة الإسلامية، الحكومة والوطن.فالحركة الإسلامية التي عرفت بحبها للأردن وحرصها على أمنه واستقراره، تشكل اليوم ركنا أساسيا في هيكل القوى السياسية الوطنية، ستلحق بها خسارة سياسية ، فقرار المقاطعة له ثمن ستدفعه الحركة لاحقا تجاه علاقتها بالحكومة من جهة وتجاه علاقتها بالشارع الوطني من جهة أخرى، فهي بذلك تعطي الفرصة الكاملة للحكومة لتحيدها عن المشهد السياسي الأمر الذي يؤدي إلى ضعفها وهذا بالتالي سيؤثر على علاقتها بالشارع الوطني إضافة إلى أن حيادها سيفتح الميدان لحميدان!!!.



أما الحكومة فلا شك أنها خاسرة بامتياز في حال مقاطعة الإسلاميين للانتخابات النيابية، ذلك أن صورة الأردن الديمقراطية ستهتز كثيرا بإجراء انتخابات نيابية تقاطعها  أهم حركة سياسية وطنية وما يعكسه ذلك من تدني نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة بحيث لن ترتقي للطموحات الرسمية، خصوصا أن عملية التأهيل الديمقراطي يتوجب أن تنمو بشكل مستمر، وان كانت نسبة المشاركة في الانتخابات احد المؤشرات الرئيسية على نمو هذه العملية، فتكون الحكومة أخفقت في تحقيق التحسين المستمر في العملية الديمقراطية.


أما الخاسر الأكبر في عملية المقاطعة، وهو الأهم من هذه وتلك، فهو الوطن الذي سيبتلي بمجلس نيابي هش ضعيف وهذا بحد ذاته سيضعه في موقف حرج أمام العالم بأسره، ناهيك عن مساهمة ذلك في تراجع هيبة الدولة لان قوى أخرى بدأت تلوح بالمقاطعة ومنها لجان المتقاعدين العسكريين والمعلمين إضافة إلى إعلان عدد من رجالات الدولة من الحجم الكبير عن عدم الترشح للانتخابات القادمة؟!. وهذا يدعونا إلى توجيه التساؤل التالي للحكومة الرشيدة: ما هو موقفكم عند حصولكم على ثقة مجلس النواب القادم بنسبة تفوق 90% وربما تصل 100% فهل هذه ظاهرة سياسية صحية؟!!.



الدول المتقدمة ديمقراطيا تخلق المعارضة لتفعيل العملية السياسية وتمكنها من الرقابة والتشريع، حتى تشعر كل فئة أن هناك فئة أخرى تراقب أدائها، وهذه أصول اللعبة الديمقراطية، فهل سيحرج هذا حكومتنا ويخرجها من هذا المأزق؟ّّ!!.


وبقي تساؤل هام وهو: هل يمكن تحويل العلاقة ما بين الفريقين الحكومة والإسلاميين إلى رابح رابح بدلا من خاسر خاسر؟!! وللإجابة على ذلك، نطرح التساؤل التالي:هل قرار الإسلاميين حقا نهائي أم قابل للتفاوض؟! وبخبرتي السياسية المتواضعة أقول: أن قرار الحركة الإسلامية تكتيكي وليس استراتيجي والدليل على ذلك أن الحركة لجأت بذكاء إلى استفتاء القواعد لإيصال رسالة للحكومة عن وجود نية للمقاطعة...!! ثم تلا ذلك صدور قرار لمجلس شورى الجماعة بمقاطعة الانتخابات المقبلة ولكن تم تذييل القرار بفقرة ذكية تفيد أن المجلس يمكن أن يعود عن قراره إذا اتخذت الحكومة قرارات تشجع على المشاركة! وبتحليل كل كلمة اشتمل عليها القرار نجد أن الحركة تركت الباب مفتوحا للعودة، ولم يتم الإشارة إلى نتائج وتوصيات الاستفتاء!!! إذا لماذا الاستفتاء ؟!، وأين موقعه من القرار الذي يمكن أن يتخذ لاحقا؟! وبالعودة إلى تحليل الموقف الحكومي، يتبين أن الحكومة لها"ثلثين الخاطر" بمشاركة الإسلاميين في الانتخابات النيابية القادمة وهذا ظهر جليا من خلال حضور وزير التنمية السياسية بصفته الرسمية الندوة التي اقامتها صحيفة الرأي، تحت عنوان : الانتخابات قد تكون الإشارة الأولى لسعي بعض الأوساط في الدولة لإعادة الإسلاميين إلى حدود لعبة الانتخابات، اضافة الى العديد من التصريحات والتلميحات الرسمية بهذا الخصوص .


ونخلص مما سبق أن موقف الفريقين حرج ، فصعب على الحكومة أن تنزل من عليائها لتجلس إلى الإخوان، وصعب على الإخوان النزول عن شجرة المقاطعة التي صعدوا إليها؟! ما الحل إذن؟!
لا يمكن لأحد الفريقين أن يقدم حلا، ومن المعروف في أدبيات الصراع، إن الحسم في مثل هكذا موقف لا بد أن يأتي من جهة ثالثة، وهذا ما تعودنا عليه في مملكتنا العزيزة، انه في حال اشتداد الأزمة بين الحكومة والشعب يتدخل صاحب الجلالة ليحسم الأزمة بعدالة متناهية، والتدخل نوعان، غير مباشر من خلال إرسال الرسائل لمن يهمه الأمر عبر الديوان الملكي العامر؛ و في حال عدم إدراك المعنيين لمضمون هذه الرسائل، يأتي التدخل المباشر، وابشركم بانه قادم وقريب!!.


a.qudah@yahoo.com     


مدير التطوير /  مؤسسة الضمان الاجتماعي 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد