اقلام الشائعة والابتزاز

mainThumb

18-05-2011 06:09 PM

دعوة جلالة الملك مؤخرا الأسرة الصحفية والأعلامية الى نبذ ومحاربة الممارسات غير المهنية من بعض الأقلام التي تعتاش على الأشاعة والأبتزاز استوقفت الكثيرين من المعنيين بهذا الشأن كونها تأكيدا جديدا من جلالته بانه غير راض عن ما آلت اليه اوضاع الأعلام بكافة أشكاله ووسائله وادواته .. فقد أكد غير مرة أنه مع حرية الأعلام المسؤولة المستندة الى الحقائق والتي تضع الوطن والمواطن فوق كل الاعتبارات .. ولكن دون جدوى ؟
ان توجيهات جلالته وتاكيداته المتواصلة على هذا الصعيد تستهدف فيما تستهدف الأعلاميين كتابا وفرسان مهنة ومسؤولين كمصادر معلومات ترفد وتغذي نجاحاتهم واخفاقاتهم خيال واداء الاعلاميين والصحفيين ، فكلما كانت المعلومات التي يضخونها كاملة سليمة ووافية صحيحة كلمات كانت " مقبرة " للشائعة التي يسعى البعض بخبث لترويجها .. كما تطاول توجيهات جلالته الدخلاء على المهنة الذين اقتحموا ابوابها العريضة دون حسيب او رقيب وحتى دون ان يكونوا مؤهلين اصلا لممارستها وانما تجرأوا على ذلك لضعف في تطبيق التشريعات الناظمة للمهنة ؟ حمَل جلالة الملك الاسرة الصحفية مسؤولية التصدي للفئات الضالة من اصحاب الاقلام الناشزة وهي مسؤولية لن تكون سهلة جراء ما اعتور بعض الاقلام من جنوح وخروج على آداب المهنة وقواعدها .. ولتراكم الاخطاء في سنوات الانفلات التي شهدت ضعفا مقصودا في أعمال الروادع المنصوص عليها في التشريعات الصحفية !؟ وكي لا يقال انني استهدف فلانا او فلانة أقول ان الأقلام بشكل عام في هذا الكون تندرج تحت وصف من الاوصاف التالية : فاما ان تكون " مأجورة أو مأمورة وانتهازية او حرة مستقلة " .
 فالأقلام المأجورة ومنها المستأجرة .. هي تلك التي تخدم اسيادا وأولياء نعم ومتقمصي الجاه وتروج بسفه الباحثين عن الشهرة .. اقلام تعبد الدينار والدولار وتكتب لمن يدفع او لمن يؤسس " مصلحة " تروج لأفكار وغايات مشبوهة او توجهات واجندات مرسومة ! ومن فضل الله على الناس ان مثل هذه الاقلام معروفة مفضوحة لاتكاد تجد من يثق بها او يصدق مزاعمها الا بعض البلهاء . أما الاقلام المأمورة وهي الأخطر والأسوأ فهذه ياتيها الباطل من امامها ومن خلفها ومن بين ايديها وتصدع بما تؤمر فتزور الوقائع وتزيف الحقائق .. تزين المعاصي وتستخف بالناس بما تحاول تمريره الى عقولهم ارضاء لأصحاب القرار ممن لا علاقة لهم بالأعلام ولكنهم يتخيلون انهم اساتذته وان صناعة الاعلام اسهل من " لعق " الماء..ربما يفهم هؤلاء في كل شيء الا بالاعلام فقد اثبتت الممارسات انه تأذى من تدخلاتهم ونزواتهم واسودت صورته في ارجاء " الكون " .
اما الاقلام الأنتهازية او المبتزة ومنها المستغلة – بكسر الغين – فهي موجودة منذ اصبحت الصحافة سلطة في المجتمع .. اقلام وتسعى وراء الكسب غير المشروع فتتصيد اخطاء المسؤولين ورجال المال والجاه وذوات المجتمع وتبحث عن زلاتهم وهناتهم لأبتزاهم بأبشع صور الأبتزاز .. اقلام تمتهن التسول بالتهديد والأكراه واكثر هذا النوع انتشارا يتفشى بين الدخلاء على المهنة الذين لا تحكمهم تشريعات ولا تردعهم مواثيق شرف فأنتهكوا سمعة المهنة واخترقوا حرمات البيوت واسرار الاسر .
اما " المساكين " اصحاب الاقلام الحرة المستقلين بآرائهم وافكارهم ويترفعون عن فواحش ما يسقط به غيرهم فهم قلة قليلة يضنيها اللهاث وراء مسؤولي الصحف لنشر ما يكتبون خاصة اذا كانت كتابتهم خلافية او فيها قول جريء او لم يفهم مسؤولي الصحف مغازيها فأمية هؤلاء متفشية على غير العادة . قبل عام 89 لم يكن مجتمعنا يعرف سوى الاقلام ناصعة الكتابة التي تعرف حدودها وتعرف ما لها وما عليها واقلام المعارضة شريفة العطاء والنقد والمبدأ . السؤال الكبير الان : لماذا وصلنا الى هذا الحال ؟
الجواب على ذلك بسيط فهناك عدة عوامل عاشها الناس بعد 1989 اوصلتنا الى ما نعانيه ، منها تراخي الحكومات المتعاقبة في أعمال التشريعات الرادعة ومحاسبة ومساءلة الأقلام المسيئة الأجيرة الخادمة المبتزة والمغرضة المروجة للشائعات .. بل ان بعض الحكومات استأجرت اقلاما رديئة تكتب لتبييض صفحاتها و تزين صورها بالمدح والتفخيم .. و منها من سلطت اقلاما لنهش الخصوم في نطاق تصفية الحسابات ؟ ايضا لعبت خشية الحكومات من سطوة مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني دورا جوهريا في تمادي الاقلام ، كما ارعبت تقارير حقوق الانسان وحرية الراي بعض الحكومات فصرفت النظر عن بعض الفلتان الذي جرى وارخت الحبل لمتسولي بعض مؤسسات المجتمع المدني كي تعبث على هواها رغم اننا نعرف ان لبعضها وظائف مرسومة لابد من تنفيذها كي تحظى بالتمويل الاجنبي والدولي ولنقرأ ما يقوله السيد محمد الحسيني مدير مركز هوية للتنمية البشرية في ورقة عمل قدمها لأحدى ورش العمل : " ان مؤسسات المجتمع المدني بدأت تتشكل في الاردن مع انتهاء الاحكام العرفية عام 1989 وتزايدت اعدادها حتى اصبحت تقترب من ثلاثة آلاف مؤسسة .. الخ .ويضيف ان هذه المؤسسات " تقوم بتصميم مشاريعها وانشطتها بما يتوافق والجهات الدولية الممولة رغبة منها في الحصول على التمويل .. " أبعد كل هذا نتردد في تصويب الامور ؟ خاصة اننا نعرف ان بعضها يوظف اقلاما جامعة للمعلومات لا كاتبة للأفكار لأرضاء اجندة الممول الاجنبي ؟ ويضاف الى ماسبق التدخلات الرعناء في شؤون الصحافة والاعلام وتوجيه مسارات الاٌجراء من الكتاب مما اثرى " ثقافة " اغتيال الشخصيات ونهش السمعة ؟ لكن عظمة الله كشفت لنا ان الكل في السوء سواء . نقابة الصحفيين تتحمل في هذه المرحلة عبئا مضاعفا عن ذي قبل ولديها الامكانات والمصوغات الادبية والقانونية التي تمكنها من المساهمة في ضبط الفلتان السائد الذي لا يد لها فيه واملنا كبير في نقيبها ومجلسها الجديد بان تنفض غبار الترهل والتسيب الذي حل بها وتعمل على اعادة هيبتها الموؤدة بايد بعض قادتها . حمى الله الاردن عزيزا غاليا على القلوب والأفئدة وعاش الملك تاجا فوق الرؤوس وعنوانا لكرامة الأردنيين .
والله من وراء القصد 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد