إيَّاكم والظنَّ السيئ

mainThumb

17-09-2011 03:19 PM

 الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم ، وأكرمه بالعقل وفضله على سائر المخلوقات، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد؛ فكثيرة هي الأمراض الاجتماعية والأخلاقية التي انتشرت في أيامنا هذه ... ومن هذه الأمراض ـــــ التي يُعاني منها كثير من الناس ــــ مرض سوء الظن بالآخرين ... وهو من أشدِّ الأمراض فتكًا بالفرد والمجتمع ... نتائجه خطيرة، ومفاسده عظيمة ....؛ ذلكم أنَّ الظنَّ السيء إنْ تمكن قطع أواصر المودة ، ومزَّق وشائج المحبة ، وقضى على روح الألفة ، وزرع البغضاء والشقاء ، وأثار العداوة والشحناء، ودفع صاحبه للبحث عن الزلّات وتتبع العورات ... فكم شتت من أُسَرٍ ومزّق عائلات ؟!

وكم قطع من صداقات ؟! وكم قتل من أنفُسٍ تقيّة نقية ؟! وكم من زوجة وفيّة طُلِّقت بسب سوء الظن ؟! وكم من شخصٍ امتلاء قلبه غِلاًّ وحِقدًا، وقرر الانتقام لنفسه بسبب سوء ظنٍّ ، فتارةً يضرب ، وتارة يسبُّ ... وقد يقتل نفسًا مؤمنة بغير حقٍّ.... ؟! إنَّ بعض أصحاب القلوب المريضة لا ينظرون إلى غيرهم إلاَّ بالمنظار الأسود، يخفون حسناتهم، ويُضخِّمون سيئاتهم ... الأصل عندهم في الناس أنهم متهمون، بل مدانون ... ولا ريب أن الظنَّ السيء مُخالفٌ لشرع الله تعالى ، فقد نهى الله تعالى عباده المؤمنين عن إساءة الظن ، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ ) [الحجرات: 12] ، وبيَّن سبحانه وتعالى علَّة النهي وحكمته ، فقال :( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) [الحجرات: 12] ، وحذّر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ظَنِّ السُّوء ، فقال: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ).

ولنا في سلفنا الصالح قدوة حسنة ، فقد نأوا بأنفسهم عن هذا المرض الخبيث والخلق الذميم، حتى قال بعضهم : إني لألتمس لأخي المعاذير من عذر إلى سبعين، ثم أقول: لعل له عذرًا آخر لا أعرفه ! فهلا اقتدى الخلف بالسلف وتأسوا بهم ، فابتعدوا عن سوء الظن بالاخرين وتخونهم فيما يقولون ويفعلون؟ ! إن حُسْن الظنِّ بالآخرين، والنظر إلى الناس بعين صالحة ونفس طيبةٍ ، والبحث لهم عن الإعذار من خصال المؤمنين ودأب الصالحين ، وما أجمل قول القائل : أسوأ الناس حالاً مَنْ لا يثق بأحدٍ لسوء ظنّه، ولا يثق به أحدٌ لسوء فعله. وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) [يونس: 36] أسال الله عز وجل أن يرزقنا حُسن الظنِّ ، وأن يُطهر قلوبنا من الغِلِّ والحقد والحسد.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد