بالهجرة يتحقق الإصلاح

mainThumb

25-11-2011 11:02 PM

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ، والصلاة والسَّلام على نبيِّنا محمَّدٍ أرسله ربُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ، وعلى آله وصحبه وسلِّم تسليمًا كثيرًا، وبعد؛

فهاهي الأيام تمضي وتنقضي، وها نحن نودع عامًا ونستقبل عامًا؛ نودِّع عامًا هجريًّا مضى وانقضى وقد قضى الله ما شاء أن يقضي فيه ... ونستقبل عامًا جديدًا مُحمَّلاً بما فيه، ولا ندري ما الله قاضٍ فيه ... والعاقل اللبيب مَنْ يقفُ مُتفكِّرًا ومُعتبرًا بتلك الأيام التي عاشها والليالي التي قضاها، نعم هي ماضٍ تركه خلفه لن يعود؛ لكن أعماله تُسجَّل عليه، فالله تعالى يقول: ( هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الجاثية: 29] ...

 نعم يقف لا ليهاجر من مكة إلى المدينة المنورة ؛ لأنه لا هجرة من مكة بعد أن فتحها الله على نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ، ولكن يقف ليأخذ العبرة والعظة مما مضى .... فيهجُر كلَّ ما حرم الله، ويهاجر إلى ما أحل الله قبل فوات الأوان ... ، وهذا هو المهاجر الحقيقي ، كما قال صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه البخاري:" الْمُهَاجِرَ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ".... وبهذا أوصى صلى الله عليه وسلم عائشة ـ رضي الله عنها ـ فقد روى الطبراني عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عائشة أنه قال: " يا عئشة اهجري المعاصي ، فإنها خير الهجرة". ولا ريب أن الهجرة بهذا المعنى عبادة ترتبط بعقيدة الإنسان وإيمانه، وهي عملية بناء وإصلاح تأخذ بيد الإنسان إلى شاطئ الأمان والاطمئنان ... فهجر ما نهى الله عنه يعني هجر السيئات والمعاصي والمفاسد القولية منها والفعلية، والتي هي الأساس في فساد البلاد والعباد ... وهذه الهجرة واجبة على كلِّ حالٍ وفي كلِّ حينٍ، وهي باقيةٌ إلى قيام الساعة، كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه الإمام أحمد :" إِنَّ الْهِجْرَةَ خَصْلَتَانِ: إِحْدَاهُمَا أَنْ تَهْجُرَ السَّيِّئَاتِ ، وَالأُخْرَى أَنْ تُهَاجِرَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَلاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا تُقُبِّلَتِ التَّوْبَةُ ، وَلاَ تَزَالُ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنَ الْمَغْرِبِ فَإِذَا طَلَعَتْ طُبِعَ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ بِمَا فِيهِ وَكُفِىَ النَّاسُ الْعَمَلَ".

فما أحوج المسلمين هذه الأيام إلى هجرة إلى الله ورسوله؛ هجرة إلى الله بالعمل بكتابه الكريم، وهجرة إلى رسوله باتباع سنته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ... وهَجْرِ المعاصي والذنوب ... فذلك سبيل الصلاح ، وبه يتحقق الإصلاح الحقيقي ... وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ ؟ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا.

dr.alzyout@hotmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد