الواقع لن يتغير حتى يتغير ما بأنفس الناس

mainThumb

05-01-2012 06:11 PM

إن لله عز وجل سننًا ثابتة لا تتبدل وقوانين لا تتغير سنَّها سبحانه وتعالى ليسير عليها الكون وتنتظم عليها أسس البنيان: (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) [فاطر: 43]. 

ومن هذه السنن أنَّ الله تعالى لا يُغيِّر حال الناس من وضع مُرْضٍ مريح إلى وضع ضنك مذموم أو العكس إلا إذا غيّروا ما في قلوبهم، فإذا امتثلوا أوامر الله تعالى واجتنبوا نواهيه غّير سبحانه وتعالى ما كانوا فيه من الشقاء والضنك إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة، وكذلك إذا انتقلوا من الإيمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية واتبعوا أَهْوَاءَهُمْ وانقادوا لشهواتهم غيّر الله حالهم وسلب نعمتهم منهم فصار الآمن خائفًا والغنى فقيرًا والعزيز ذليلاً والقوى ضعيفًا ..... ولا شك أن كلا هذين التغييرين واقعٌ في الحياة ، حيث يصلح الفاسد ، ويفسد الصالح .. وهكذا تتغير مواقف الناس وتتبدل أحوالهم ... ولكن ما هو التغيير المطلوب ؟ 

إن المطلوب من الإنسان أن ينشد التغيير الذي يبعده من الضلال والظلام ويُقرِّبه من الهدى والنور ... ففي ذلك سعادته ... وصلاحه وصلاح مجتمعه .... وهذا هو المطلوب من كلِّ مَن يُطالب بالإصلاح ويسعي إلى تحقيقه ... وقد أرشد القرآن الكريم إلى هذه السنة التي وضعها الله تعالى في أسباب السعادة والشقاء في البشر فقال عزَّ من قائل : (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ) [الرعد: 11]. هذه الآية الكريمة تُعلمنا أننا لكي نحقق الإصلاح وننعم بالأمن والأمان ... فإننا لا بد أن نتفقد قلوبنا، ونتفقد علاقتنا بالله تعالى ، وعبثًا نحاول أن نحقق إصلاحًا إذا نسينا هذا القانون الإلهي أو تجاهلناه ، فقد قال تعالى :( حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) ، ولم يقل : حتى يُغيِّروا أنفسهم ، وفي ذلك دلالة على أن تغيير الأنفس لا يُحقق تغييرًا، وأن التغيير الحقيقي لا يأتي إلا من داخل الأنفس ، وذلك بصلاح القلوب ، ومراقبة علاَّم الغيوب ... أما فساد القلوب وكفران النِّعم ... فُيسبب زوال النِّعم وحلول النِّقم ... قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأنفال: 53]. نسأل الله العظيم أن يردنا جميعاً إلى دينه مرداً حسناً وأن يلهمنا رشدنا ، وأن يمكن لأمة الإسلام ويعيد لها عزتها ومكانتها إنه سميع مجيب.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد