مِنَّة الله على المؤمنين بميلاد خاتم المرسلين

mainThumb

01-02-2012 09:32 PM

لقد أنعمَ الله على بني آدم بِنعَمٍ عظيمة ومِنَنٍ جليلةٍ لا تُعدُّ ولا تُحصى، وأعظم تلك النِّعم التي امتن بها الكريم المنان على الثقلين الإنس والجان نعمة ميلاد الرسول العدنان محمد صلى الله عليه وسلم وإرساله إليهم ؛ ليخرجهم به من ظلمات الكفر والشرك إلى نور الإيمان، وينقلهم من ذل العبودية للمخلوق إلى عز العبودية للخالق ، يرشدهم إلى سبيل النجاة والسعادة، ويحذرهم من سبل الهلاك والشقاوة ... كيف لا وقد أرسله الله رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وجمع به جميع المحاسن الموجودة في الأنبياء والرسل السابقين ؟... 

ولا ريب أنّ مصالحُ الدنيا والآخرةِ تمَّتْ بهذه النِّعمة، وكَمُلَ بسببها دينُ اللهِ الذي رَضيَهُ لعبادِه، وكان قبولُه سببَ سعادَتِهِم في عاجلهم وآجلهم. وَقَدْ ذكَّر الله عباده المؤمنين بهذه المِنّة الجليلة، والنعمة العظيمة في كتابه الكريم، فقال تبارك اسمه: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) [آل عمران: 164]. 

ونِعمة إرسال هذا الرسول العربي الأمين صلى الله عليه وسلم هي دعوة إبراهيم الخليل ، إذ قال اللَّه تعالى عنه في دعائه لربه تعالى : ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) [البقرة: 129] ، وبشارة عيسى: (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ( [الصف: 6]. 

وحمد اللهُ نفسه على هذه المِنَّة ، ونبَّه تبارك وتعالى العرب على قدرِها وعظمِها، حيثُ كانوا أميينَ، وليسَ عندَهم شيء من آثارِ النُّبوَّاتِ، فمنَّ اللَّه عليهم بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم ، حتى صاروا أفضلَ الأمم وأعلمَهم، وعرفُوا ضلالةَ منْ ضلَّ من الأمم قبلَهم ، فقال عزَّ من قائل :) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ( [الجمعة: 2]، فالنبي صلى الله عليه وسلم آدمي من نفس الجنس البشري، وليس من جنس الملائكة ولا من غيرهم، وهو من جنس العرب يعرفون حسبه، ونسبه، وشرفهُ، وصدقهُ، وأمانتهُ، وعفتهُ، وخُلُقَه، فقد نشأ بينهم ، وأقام فيهم، وكان ملازمًا لهم. وقد أرسل الله نبيه صلى الله عليه وسلم لتنقية بني آدم وتطهيرهم من أدران الشرك والمعاصي، والرذائل، ومساوئ الأخلاق، إذ كانوا قبل مبعثه فوضى في عقائدهم وأخلاقهم، وكانوا يعيشون في ظلام دامس، القوي يأكل الضعيف، والحقوق تُسْلب، والأعراض تنتهك، والدماء تُسفك ... !! 

فقد كان الناس قبل مبعث الرسول الكريم ، في ضلالٍ واضحٍ لا يخفى أمره على عاقلٍ ، ولا يلتبس قبحه على ذي ذوقٍ سليم... فلما بُعث الرسول صَلُحت الحال، وتبدد الظلام، وزال الذّعر، وحلَّ الأمن والأمان ... ولما كانت نِعمة الله على المسلمين بإرسال رسوله عظيمة ، كان المطلوب منهم أداء حقِّ هذه النِّعمة، والقيام بواجب شكر الله عليها، كما قال تعالى : ) كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ( [البقرة: 151 - 152]. إنَّ الواجب علينا أن نعترف بِهَذِهِ النِّعْمَة، وأنّ نُقَابلها بِذِكْر المُنعِم وشكره بالطاعة، فَإِنَّ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ شَكَرَهُ، وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ كفره، قال الحسن البصري: إِنَّ اللَّهَ يَذْكُرُ مَنْ ذَكَرَهُ، وَيَزِيدُ مَنْ شَكَرَهُ، وَيُعَذِّبُ مَنْ كَفَرَهُ أسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم ردًّا جميلاً، وأن يُنقذهم من وساوس الشيطان وغوايته، إنّه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد