مشهد السقوط

mainThumb

26-07-2012 04:06 PM

 دخل النظام السوري لحظات نزاع حاسمة، فالمعارك أخذت منحى تصاعديا، والانشقاقات باتت يومية. وهذه المراحل الأخيرة غالبا ما تكون الأخطر في عمر أي نظام، وفي مستقبل من سيخلفه. ربما سيتحمل النظام وطأة سقوط مناطق ومعابر حدودية وخروجها من سيطرته، ولعله سيتعامل معها بواقعية أمنية وسياسية، وإن بخطاب إعلامي ركيك هو نفسه الذي ابتدعه منذ قيام الثورة. لكنه اليوم يخوض معركة أشرس كي لا يخسر صوته وصورته من خلال وسائل إعلامه، ليس قبل اللحظة الأخيرة على الأقل.

 
بدا هذا القلق منذ سنة ونصف السنة في كيفية تعامل النظام مع حركة الاحتجاج وتطورها، وهو اليــــوم يأخذ منحى أكثر توتـــــرا من خلال المغــــــالاة في التقليل من شــــــأن ما يحــدث، ونسبه إلى مؤامرة كونية.
 
أليس من باب التخبــــــط وعلامـــــات قــــــرب الانهيار المجاهرة بإمكان استعمال أسلحة كيماوية..؟!
 
يحرص النظام على استمرار منظومة الكذب التي اعتمدها حتى اللحظة الأخيرة. لقد حذرتنا وزارة الإعلام الســـــــورية من أن أجهزة استخبارات غربية تخطط لاختطـــــــاف ترددات القنــــوات الفضائية السورية لبث أنباء كاذبة حول حدوث انقلاب أو انشــــقاق أو حتى سقوط النظام.
 
وفي مؤتمره الصحافي الأخير، ألح علينا الناطق باسم الخارجية السورية، جهاد مقدسي، أن نتابع الإعلام السوري، وكيف أن الأمور ستعود إلى طبيعتها, وكيف يتم القبض على «المندسين» و«الإرهابيين».
 
ترى كيف سينتهي النظام السوري إعلاميا..؟!
 
الأنظمة المحيطة التي هوت إما قسرا وإما بفعل ثورة تفاوت تعاملها مع الإعلام في أيامها الأخيرة، لا تزال ذاكرتنا تحفظ الكذب الركيك والكوميدي الذي نهجه نظام صدام حسين عبر وزير إعلامه الذي بشر بالنصر وهون من هجمات «العلوج»، قبل أن نكتشف أن «العلوج» أخذوا بغداد من دون مقاومة تذكر.
 
مذيعو ومذيعات النظام الليبي شهروا مسدساتهم في وجه المشاهدين.
 
ثورات تونس ومصر أبقت الوجوه وبدلت الخطاب، مما جعلها عرضة لانتقادات واسعة.. أما اليمن فسقوط علي عبد الله صالح لم ينهه سياسيا ولا إعلاميا، فهو لا يزال يمتلك قناة تلفزيونية وصحيفة ونفوذا كبيرا في البلاد.
 
لا يشبه وضع النظام السوري أيا مما سبق.
 
فالمنظومة الإعلامية التي يعتمد عليها النظام السوري من جهة أكثر تعقيدا من تلك التي اعتمدها النظام في بغداد وفي طرابلس في مراحل انهيارهما، والمهمة في سوريا أصعب. ذلك أن الانتفاضة هناك كشفت مستوى عاليا من الثقافة التكنولوجية لدى المعترضين، مما يجعل من مهمة الكذب الرسمي أكثر صعوبة وأقل فعالية، وهو ما حرم النظام منذ انطلاق الثورة من احتكار الصورة والمعلومة، على الرغم من كل جهده لذلك.
 
ليس هناك من يراهن على بقاء نظام بشار الأسد، حتى هو نفسه.. لكن كيف سينتهي النظام، وأي صورة تلك ستكونها نهايته مشهديا، فهذا ما يجتهد الإعلام العربي والدولي للتحضير له ولتغطيته، أما إعلام النظام فلا يزال متعثرا يبحث عن صورة غير موجودة لمشهد النهاية.
 
diana@ asharqalawsat.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد