صحيفة السوسنة الأردنية

فما أسرع ما تنقضي الليالي والأيام وما أعجل ما تمر الشهور وتنصرم الأعوام  ...  هذه حال الدنيا سريعة الزوال ، لا يدوم لها حال ولا يطمئن لها بال ... وهذه سنة الله في خلقه أدوار وأطوار تجري بأجل مسمى ... ما  أسرع ما انقضت أيام رمضان ـ شهرِ القُرآنِ والغُفْران ـ وما أعجل ما انتهت لياليه ...  يا ربنا لك الحمد على ما قضيت ولك الشكر على ما أنعمت وأعطيت ... انطوت صحيفة رمضان وقد ربح فيه مَنْ ربح وخسر فيه من خسر؛ لقد ربح فيه وسعد مَنْ طهّر نفسه وأصلحها من درن الذنوب ووسخ العيوب، وقد خسر فيه  مَنْ دنس نفسه  بالمعاصي وأفسدها بالكفر وأغواها بالملاهي فأهلكها وأتلفها...

نعم: دارَ الزمانُ دَورته .. وتصرَّمت الأيامُ تِلْوَ الأيام .. ورحل رمضان بأعمالنا شاهداً بما أودعناه من الأقوال والأعمال ... فهل  رحل حامداً الصنيع أم شاكياً التفريط والتضييع ...؟! رحل ولا ندريأَحَظِيَتْ أعمالنا بالقَبولِ والغُفْران ، أَمْ رُمِيَتْ بالطَّردِ والحِرْمَان؟! رحل رمضان وفي قلوبنا من صُنُوف الهمِّ ألوانُ ، رحل والأحبابُ ما اقتربوا مِنَّا ولا أَصْبَحوا فينا كما كانوا...! رحل  ولا ندري أندركه  مرة أخرى أم سيحول بيننا وبينه هاذم اللذات ومفرق الجماعات ...؟!

يا راحلاً وجميلُ الصَّبْرِ يَتْبعُهُ                         هلْ مِنْ سَبيلٍ إلى لُقْيَاكَ يَتَّفِقُ

ما أَنْصَفتْكَ دُمُوعِي وهي دَامِيةٌ                   ولا وَفَى لكَ قَلْبي وهو يَحْتَرقُ

بالأمسِ القريب كنا نترقبه بكل فرح وخشوع ... واليوم يودعه أهل التقوى بالدموع ... 

يا عيوناً أرسلتْ أدْمُعَها                          ما بِذا بأسٌ لو أَرْسَلْتِ الدّمَا

ما أجدرنا اليوم وقد ودعنا شهر القرآن والغفران والعتق من النيران أن نودع أوضاعنا المأسوية ، وأن نُعالج الآلام التي أصابت جسم الأمة الإسلامية  ... ولن نجد لذلك سبيلا إلا بالتمسك بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

فسلام الله على شهر نهارُهُ مصونٌ بالصيام وتلاوة القرآن، وليلُهُ معمورٌ بالذكر والتسبيح والقيام ..! حقٍّا إنَّ القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا لفراقك يا رمضان لمحزونون

تفيضُ عيوني بالدُّمُوعِ السَّواكِبِ      وماليَ لا أَبْكِي على خَيْرِ ذَاهبِ

اللهم  اجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقاك