الحراك الشعبي الأردني .. حراك وطني بلا هوية

mainThumb

13-05-2013 09:58 PM

الحاكم العادل يظهر له الشعب الولاء ويبطن له الحب والوفاء. فإذا نزلت نازلة جعلوا نحورهم دون نحره. والحاكم الظالم يظهر له الشعب الولاء ويبطن له الكره والبغضاء، فإذا نزلت به نازلة أسلموه ولا يبالون. (عبدالرحمن ابن خلدون).

الحراك الشعبي الأردني هو حراك وطني بامتياز يهدف بالمقام الأول والأخير إلى تحقيق الإصلاح الشامل في البلاد، وإحداث تغيرات جوهرية في الحياة السياسية الأردنية التي تتصف بالجمود وتركز السلطة والثروة بأيدي فئة قليلة من المواطنين، وانتشار الفساد في كافة مفاصل الدولة. الأمر الذي يجعل الحراك ضرورة ومصلحة من أجل نجاح المشروع السياسي الوطني وإضفاء الشرعية عليه.

يشارك في هذا الحراك مختلف فئات المجتمع الأردني في سائر أنحاء البلاد، وتتنوع أنشطته وفعالياته وأدواته ووسائله، ويتسم بالكثير من البساطة والعفوية ويجد حالة من التعاطف الشعبي لم تتطور بعد إلى درجة التضامن الشعبي الواسع، ويتسم الحراك الشعبي بالطابع السلمي والالتزام بالقانون ويؤكد أعضاءه على حرصهم على أمن واستقرار البلاد وتجنيبها حالة الفوضى التي تعاني منها بعض دول الربيع العربي، وهذه جميعاً مزايا تجعل منه حراكاً ذو حس وطني عال.

إلا أن الحراك يعاني من ضعف وهشاشة البنية التنظيمية مما سهّل اختراقه أحياناً، وأفقده على الدوام القدرة على الفعالية وإحداث التغيير المنشود، فقد وصل عدد الحراكات في البلاد إلى ما يزيد عن 100 حراك وبعض هذه الحراكات لا يزيد عدد أفرادها عن عدد أصابع اليد الواحدة، كما يعاني الحراك من عدم القدرة على وضع برنامج عمل واضح المعالم، وخطاب سياسي عقلاني قادر على عكس رؤية وأهداف الحراك، وجذب المواطنين إليه، كما يواجه الحراك صعوبات اقتصادية تحد من إمكاناته وتعيق تطوره وتقدمه، إضافة إلى تحدي محاولة النظام السياسية شيطنة الحراك وربطه بأجندات خارجية وبالتالي تغليب الحل الأمني بالتعامل مع الحراك.

إن ناشطي الحراك يدفعون كلفة أو ثمن مشاركتهم بالحراك، وتتراوح هذه الكلفة في الحد الأدنى ما بين الإنفاق المادي من جيوبهم الخاصة لتمويل أنشطة الحراك، وقضاء وقت وبذل جهود في فعاليات الحراك وتصل الكلفة في الحد الأعلى إلى فقدان الوظيفة أو حتى الحرية (الاعتقال)، وكلما زادت الكلفة وقل العائد أو المكسب فإن ذلك قد يؤثر سلباً على همة وعزيمة ناشطي الحراك وبالتالي إحباطهم.

وبالمجمل يمكن القول أنه مع غياب الرأس أو القيادة للحراك وعدم وجود توافق بين الحراكات على ثوابت، ومرجعية للعمل السياسي، وعدم مأسسة الحراك، وتفاقم الأزمة السورية وتداعياتها على الدولة الأردنية، كل ذلك أثر سلباً على الحراك بحيث جعله حراكاً وطنياً لكنه بلا هوية يعيش حالة من التيه، ويفقد أبسط شروط تماسكه واستمراريته في المستقبل.

أخيراً، لا بد من الإشارة إلى أن الحراك الشعبي الأردني هو نوعاً من المشاركة السياسية التي هي حق للمواطن كفله الدستور الأردني والمواثيق الدولية، فالحراك هو بالمحصلة فعل سياسي يقوم به المواطن للتاثير على السياسة العامة في الدولة، الأمر الذي يعني ضمنياً القبول بشرعية النظام السياسي، فالحراك في مجمله لا زال يرفع شعار إصلاح النظام السياسي لا تغييره. وعلى النقيض من ذلك تماماً، فإن زوال الحراك أو انعدام المشاركة السياسية هو دليل على الغضب وربما العداء للنظام السياسي، حيث يظهر الشعب للنظام السياسي الرضا والولاء ويبطن له العداء والبغضاء، يدعو له في النهار ويدعو عليه في الليل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد