بلاط المشعوذين عامر

mainThumb

09-09-2013 02:22 PM

بعض الوجود شبيه بمسرح دمى، أو لعبة يتفنن في صناعتها لاعب خفة أو ساحر مبدع.. وبعض الأحلام ترسم بالتبر الضبابي، أو ببعض دخان خشبات المسرح وببراعة منظم الحفلات يستطيع طبع بياض الدخان بالألوان.. ونستطيع اللعب بعقول البشر وتلوينها كما نلون دفتر الألوان..

السحر والشعوذة..  العمولات والدجل.. الطلاسم والحجابات والتعويذات.. تعاملات أصبحت مسوغة ومرحب بها في العالم العربي وبلاد الإسلام.. قديما كان الجهل سلعة وفيرة كما القمح والشعير، كانت العقائد المتعلقة بالأقدار والأماني رائجة بنظر البعض ومرتبطة بالسحر والدجل والحجابات وموافق عليها بقناعة شخصية ورضى عقلي تام..

قديما كانت كل قرية تحوي شجرة قديمة ذات جذور راسخة وفروع تملئ سمائها، كانت المعتقدات تجزم بأن شجرة السعادة ستحقق الأحلام وان أقدارنا وأفراحنا متعلقة برضا ذاك الساق.. يذهب أفراد القرية لتلك الشجرة ويجلسون في ظلها أو بجانب غصونها الجرداء لكل منهم حلم أو طموح أو غاية يرجو لها المنال، بعد الدعاء وطلب الأماني يتم ربط تلك الأمنية بقطعة قماش من ذوات الألوان الزاهية المغرية للنظر..

أحمر، أصفر، برتقالي أخضر.. الوان التمائم والحجابات، لها مظاهر مميزة لربما يرتبط اللون والمظهر بحجم ونوع الطلب المراد تحقيقه، تستخدم الألوان المغرية والجاذبة للنظر لربط مراكز إدراك الدماغ وتشغيل مدارك التفاؤل والسعادة لتقبل فكرة تحقق الطلب..

في الحجاب يتم كتابة بعض الكلمات التي تدعى (بالطلاسم والتعويذات).. وتستخدم بعض أنواع المواد بكتابة هذه التمائم منها (الزعفران) لمقدرة هذه المادة على الصبغ و إعطاء لون يستطيع الشخص قراءته بوضوح.. ويتم كتابتها من قبل ساحر أو شخص على علم بهذه (الطلاسم).. تكتب على ورق أو رقاع جلدية وقطع قماش ويتم تعليقها أو دفنها أو إغراقها أو حرقها..

نستخدم في صناعة الحجاب حروف عربية فيها آيات قرآنية محرفة أو يتم إدخال كلمات غريبة لها، أو أسماء أعجمية أو سريانية أو حروف مقطعة.. يلجأ بعض الأشخاص لهذه الأعمال نتيجة الخوف من أحداث معينة أو رغبة بحدوث أمنيات ورغبات مرجوة، في الأردن بالتحديد يلجأ حجم لابأس به من السكان للتسلح بالحجاب أو العمولات وخصوصا فئة السيدات..

لماذا تلجأ النساء إلى العرافين و الدجالين و السحرة و الكهنة أكثر من الرجال ؟ حسب إستطلاع الرأي الذي أجريته حصلت على عدة إجابات متقاربة وكانت أعلاها من حيث النسب، أن النساء ناقصات عقل ودين.. وأن النساء يفعلن كل ما بوسعهن لإرضاء أزواجهم أو أنفسهم فيلجأن لحل مشاكلهن وإرضاء رغباتهن بحلول سريعة دون إدراك مخاطرها.. وان النساء اكثر إيمان بمقدرة السحرة والدجالين والمشعوذين على حل مشكلاتهم.. كما أن المرأة أضعف من الرجل، ويستغل المشعوذ أو الساحر هذا الضعف ليخضعها لسيطرته وتستجيب لطلباته إرضاء للجان.. كما أن الرجال أكثر عقلانية من النساء ولا يتم خداعهم بسهولة..هذا لا يجزم أن الرجال لا يلجأون لمثل هذه الأمور ولكن بنسب أقل بكثير من النساء.. ولتفشي الأمية وإنعدام الثقافة بمجتمعاتنا العربية الدور الأكبر، والتي تتميز أيضا بالإعتقاد في الخرافات والأساطير الشعبية الوهمية عن الجان وقدرته..

أما عن أسباب اللجوء للسحر والشعوذة؟ تعود في أغلب الحيان لرغبة بعض النساء بالزواج، وهناك من تريد ألا يتزوج عليها زوجها.. وطلب للمحبة والنجاح، ورغبة بالجمال والتفوق.. وطلب للغنى والمال.. أو الحاجة لعلاج الأمراض أو البحث عن أشياء مفقودة..

التستر خلف مصطلح فن الوهم و خفة الظل أدى لربط مصير أمتنا بالخرافات.. فانتشر في بداية الألفية قنوات تلفزيونية مختصة بالسحر والشعوذة وفك العمولات وتفسير الأحلام وقراءة الفنجان والحظ وغيرها الكثير من أساليب الدجل.. وإحتلت القنوات الخليجية أعلى النسب على قوائم البرامج، وإحتلت القنوات الجزائرية المرتبة الثانية من حيث التعاملات الدجلية.. كما حصلت قناتا شهرزاد وكنوز أعلى نسب متابعة ضمن قائمة القنوات الدجلية..

لغياب الوازع الديني وقلة الوعي والتأثر بالمعتقدات القديمة علاقة بتأثر الشعوب بمثل هذه المعتقدات، خصوصا إذا كانت الفئة المستغلة من قبل المشعوذين فئة أمية أو صاحبة ثقافة ضئيلة ليصبح بلاط المشعوذين عامر بالحكماء والرعناء.. المعتقدات الخاطئة لدى البعض هي التي تدفعهم إلى اللجوء للسحر والشعوذة..

وأن كبار السن وغير المتعلمين الأكثر قبولا للسحرة من المتعلمين، ومع ذلك فأن نسبة لابأس بها من المتعلمين والمثقفين تتقبل فكرة اللجوء للشعوذة في حل المشاكل، لذلك علينا نشر الوعي في مجتمعاتنا والتنبيه لضرورة الإبتعاد عن هذه الأفعال وكما قال تعالى (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ *فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ *فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ( صدق الله العظيم..

Raboshql@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد