ربيع الميليشيات العربية

mainThumb

19-01-2014 04:20 PM

 منذ ثلاثة اعوام ،والمنطقة العربية مبتلية بالأزمات والكوارث ،إذ تطل علينا ميليشيات الربيع العربي عبر شاشات التلفزة العربية والعالمية، بصوره رّوعت العالم من خلال القتل والتدمير الممنهج للدولة وشرعيتها وذلك من أجل الصراع والقتال على السلطة ,فقد وصلت الأمور بين هذه الميليشيات إلى حد التقاتل في ما بينها  لتقاسم  المنهوب من الدولة أو المواطنين.

بعض هذه الميليشيات أقامت دولتها الوهمية على الورق وبعضها بايع اشخاصاً مطلوبين للمحاكم الدولية وليس هذا فقط بل هم متوارون عن الانظار في حلم تشكيل الدوله الثيوقراطية, وبعض هذه الميليشيات يسعى للفوضى غير الخلاقة مدفوعا بالمال ونشوة حمل السلاح مع وجود شيوخ الفتاوى الجاهزة!.

ففي تونس الصراع والقتال مستمر على السلطة بين حزب النهضة الاخوان المسلمون على الطريقة التركية وبين التيار المتحدمن يسار، وأحزاب قومية، وفلول أحزاب يمينية، ونقابات، وعلى رأسها اتحاد الشغل التونسي مع وجود  الاغتيالات  بطريقة متواترة للقيادات التاريخية التونسية  على الرغم من وجود رئيس شكليِّ، بالأمس كان يصّرح على قناة الجزيرة بأن حزبه إذا وصل السلطة ،فانه سيقيم جمهورية افلاطون المثاليه,وها هي تونس ترزح تحت  ،خط الفقر والوضع الاقتصادي شبه المنهار الذي أصبح أسوأ مما كان عليه من قبل  عشرات المرات .

وفي ليبيا نجد منظر الميليشيات أكثر وضوحاً  فى تفاصيل الحياة السياسية  اليومية ,حيث لم تتمكن الدوله حتى الساعة من ضم هذه الميليشيات الى الجيش  الوطنى ,فنجد حمى الفوضى، وحمل السلاح - الذي نهبته الميليشيات إبان سقوط نظام معمر القذافي - ماثلة للعيان,هذه الميليشيات مازالت تتحكم فى مصير وطن مقّسمةً ليبيا إلى ولايات ,ناهيك عن التفجيرات اليوميه وقتل بعض منتسبي الجيش والأجهزة الامنية وتفجير الوزارات,وقد وصل الأمر الى حد اختطاف رئيس الوزراء والتحقيق معه وإطلاق صراحة, ووصل تحدى بعض هذه الميلشيات  للحكومة المركزية إذ أصبحت تبيع النفط عنوة إلى دول أخرى .

وفي اليمن الذى لم يستقر يوماً  منذ توالى الانقلابات العسكرية حتى عهد على عبدالله صالح, ما تزال جماعه القاعدة تتّسيد المشهد السياسي هناك بالإضافة الى بروز الحراك الجنوبي المنظم ،الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله,ناهيك عن الحوثيين ،الذين يقومون بالاستيلاء على مدن وقرى ،ومحاولة إقامة جيب شيعى فى المنطقة، وتشكيل ميليشيات مسلحه تحت اسم المهدي.

أما سوريا فحدث ولا حرج عن المأساة الدامية لتجمع ميليشيات العالم تحت اسماء جديدة بدءا من النصره وداعش والقاعدة إلى الجيش السوري الحر ,حيث هذه الميليشيات تقوم بالحرب والمغامرة بالوكالة عن  دول ومخابرات أخرى في المنطقه والعالم، ويكفى  مشاهدة صور تدمير سوريا وصور القتل والإبادة، حتى  يقف الانسان العربى وغير العربي حائراّ ومشدوهاً بما يحدث ,مع  وجود  نظام  يّصر ويغامر بكل ما يملك حتى لو انهدم المعبد على من فيه .

ووصولاً إلى العراق نجده منذ الغزو الامريكي في نيسان 2003 و المواطن يرى تسيدّ  النخب العراقية الجديدة التى جاءت  عبر دستور برايمر,اذ  لم يستفق المواطن يوماً إلا على انفجارات وقتلى وجثث تملأ الشوارع,مع وجود نظام القوائم الطائفية ،الذى  أفرزته الانتخابات الصورية  هناك ,والذى أدى الى تقسيم العراق نفسياً قبل أن يكون فعلياً مما ترك أثراً بليغا على وحدة الدولة العراقيه ،التي تسير نحو التفكك بدءاً من الدويلة الكردية وبشمركاتها في الشمال إلى الحرب التي  يخوضها الان الجيش العراقي ،وهى حرب السلطة والامتيازات في الانبار والرمادي والفلوجة،وغيرها فى مواقع العرب  السنه ،ويبدو  أنَّ  من رفع السلاح في وجه الجيش من الصعوبة بمكان إعادته الى مخبئه .

أمّا مصر التي قام نظامها  العسكرى بطرد الإخوان المسلمين من السلطة ؛معتقدين إنَّ  الثوره اختطفت  من  قبل الاخوان ,حيث أقدم نظام الاخوان إبان فترة حكمهم على  أطلاق سراح المئات من المحكومين ،وجلب الآلاف من المتطرفين والهاربين من السجون الى سيناء,حيث اصبحت سيناء موئلاً للجماعات التكفيرية والمتطرفة  فقد وقعت مصر  بين المطرقة والسندان ,وهذه مصر إن لم يتدارك عقلائها و عسكرها  وضعها ومصيرها ومصلحتها  ووحدتها الوطنية  ستصبح - لا سمح الله - أسوأ من أوضاع  افغانستان .

وفي البحرين انزلقت أيضا  الميليشيات  الطائفية غير المسلحة إلى اصطفاف وتخندق طائفي غير مسبوق يهدد وحده البحرين .

وفي السودان حصلت ميليشيات (جون غرنغ)على الانفصال,وهذا الانفصال الذي جرى تسويقه على أنه حل لقرون من هيمنة الشمال على الجنوب لم يكن صحيحاً على الرغم من أخطاء نظام الحكم فى الخرطوم,وها هو شمال السودان،يعاني من آثار الانفصال ,اذ إنَّ الشمال  خسر ما نسبته( 70%)،من عائدات نفط  الجنوب في وقت لم تعد الحكومة السودانيه تتمتع بالقبول نتيجة سياساتها الخارجية ومنظومة تحالفاتها.

وها هم  رفاق سلاح الأمس فى جنوب السودان  (سلفا كير)،يقيل (رياك مشار) نائبه فى دولة الانفصال فى الجنوب ،الذي نَافَسَه على  السلطة ؛للتغلب على القيادات التاريخية للحركة الشعبيه لتحرير السودان,ها هم قد عادوا إلى الاقتتال بصورة حرب دموية انفصالية جديدة على السلطة لتقسيم  دولة الجنوب مرة ثانية.

... والسؤال هل حققت وستحقق هذه الثورات وميليشياتها إقامة الديمقراطية ،التي جاءت وحملت السلاح لأجلها ،وهل الدول الداعمة لهذه الميليشيات المسلحة هى حقاً دعمتها من أجل الديمقراطية أم لتحقيق أجندة خاصة لها ؟,هل حققت هذه الميليشيات التى جزء منها يحكم  الآن .. الرفاهة الاقتصادي و قيام دوله القانون والمؤسسات ،وأبسط قواعد الحرية والكرامة للمواطن ؟

 اذا كان  من كلمة حق تقال ,نقول:لقد أخفقت هذه الثورات ،وميليشياتها المسلحة في تحقيق حتى المصالحه الوطنيه بين ابناء الوطن الواحد والوصول الى خارطة طريق سياسية تؤسس لدولة المؤسسات والقانون ،واحترام حقوق الانسان وديمقراطيته ،لقد اخفقت فعليا في أبسط البديهيات أيضاً ومنها مطالب المواطن وأهمها الأمن الوطني نفسه ووحدته إذ أصبح هذا الوطن يتشظى ويتجزءا أمام اعين الجميع ,... حقا إنه ربيع الميليشيات العربية ....  

dr.alkafarneh@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد