الواجبات المنزلية المدرسية – الى أين أيها التربويون بها سائرون !

mainThumb

28-04-2014 06:38 PM

ان مشكلة الوظائف البيتية والتي ما انفكت تشغل التربويين بما آلت عليها الآن في زمننا هذا , تشير الى أن هناك جدلا واسعا وخلافا تربويا وتباينا بالرؤى حول مدى فائدتهاوجدواها ومدى مردودها التربويالذي ينعكس على الطالب , مما أدى ذلك الى انقسام واضح في الخلية التربوية بين من هو مؤيد ومن هو معارض . وبكل صراحة أقول أنهاكانت وما زالتتعطى للطلبة منذ زمن ليس ببعيد من قبل معظم المعلمين بكل فرح وسرور , ويتقبلها غالبية الطلبة بكل أسى وحزن وألم , وأن كلا من المجتمع ومدراء المدارس على حد سواء يطالبون بها, ولا يتوانوا في تشجيع القائمين عليها , وأن هناك البعض من المعلمين من يظهرون علنا افتخارهم بتحميل طلبتهم بساعات عمل اضافية يقضونها في حل واجباتهم معتقدين وجازمين على أن مثل هذه التعيينات المنزلية , تحتل مرتبة عالية في تنمية مهارات طلبتهم التعليمية , وتحسين مهارات التفكير العليا والتحليل لديهم . ويبدوا أن هذا الجدل كما قدمه وعرضه بشمولية تامة ( Harris Cooper ) الأمريكي الذي كان مدرسا ورئيسا لقسم علم النفس والعلوم العصبية في جامعة ( دوك ) , قد مر في دورات تاريخية متتالية تعاقبت عليها ومن خلالها مفاهيم ورؤى متعددة من أهل التربية مدة كل منها (30) سنة تقريبا , وقد أوضح أن نظرة الباحثين التربويين اتجاه الواجب المنزلي كانت متقلبة على مر السنين , مضيفا أن الاعتقاد الذي كان سائدا قبل القرن العشرين وحتى العقود الأولى منه , هو أن الواجب المنزلي يساعد على صنع العقل المنضبط  , وفي بداية القرن العشرين , وعندما كان العلماء ينظرون الى العقل كعضلة يمكن تقويتها بالتمرين العقلي , كانت نظرة الناس الى الواجبات ايجابية باعتبارها تمرينا عقليا يمارس في البيت , وبحلول العام 1940 , نشأ رد فعل قوي ضد الواجب بسبب تزايد القلق من أن يتدخل ويؤثر على الأعمال والأنشطة المنزلية الأخرى , وعندما انتقل التركيز التربوي من الحفظ الى حل المشكلات في الأربعينيات من القرن نفسه , صارت النظرة اليها سلبية , لأنها لم تؤدي الى تحسن في الانجاز الأكاديمي للطالب , وقد تم دحض هذا الاتجاه في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي عندما أطلق المسمى ( بالاتحاد السوفيتي ) في ذلك الوقت قمرهم الاصطناعي ( أسبوتتك ) ,الذي بدوره أقلق الأميركيين من فشل نظامهم التعليمي ومدى افتقاره الى الدقة والصرامة , والذي كان له دور هام في تغيير النظام التعليمي الأمريكي , وتحول تفكيرهم  ونظرتهم الى الواجبات المنزلية باعتبارها حلا جزئيا للمشكلة , كما حدثت ردة معاكسة في الستينات ترى أن الواجبات المدرسية (عرض مرضي) , ثم عاد الاعتبار اليها في الثمانينات من القرن نفسه , وكان تقرير ( أمة في خطر ) عام 1983 وراء المطالبة القوية بها كأحد السبل لوقف التدهور التربوي في الولايات المتحدة الأمريكية , وقد استمرت الحملة من أجل مزيد من الواجبات في التسعينات , وبخاصة من جانب التربويين الذين يدعون الى فرض معايير وطنية صارمة . ولبيان ايجابيات وسلبيات مطالب هذه الحملة , قام هذا المدرس (Harris Cooper   ) باستعراض جميع البحوث الخاصة بالوجبات المنزلية  , فتكشف له أن البحوث المؤيدة لها فيها تأثير قوي ايجابي على الحفظ وفهم المادة التي تغطيها , وتحسين للمهارات الدراسية ومواقف الطلبة من المدرسة , وتعليمهم أن التعلم يمكن أن يتم في أي مكان وليس داخل البناء المدرسي فقط , وأن للتعيينات البيتية فوائد أخرى غير أكاديمية مثل تعزيز الخصائص الشخصية المتعلقة بالاستقلال ,وتحمل المسؤولية , ودمج الوالدين في العملية التعليمية , وزيادة تقديرهم للتعليم , والسماح لهم بالتعبير عن اتجاهاتهم الايجابية نحو تحصيل أبنائهم وانجازاتهم . وأما النتائج السلبية لهذه الواجبات المنزلية التي كشفت عنها بحوث أخرى , فتتمثل في خشية التربويين وأولياء الأمور من تخمة تعليمية تصيب الطلبة نتيجة لها , ومنأن أي نشاط لن يبقى مجزيا اذا استمر طويلا , وأنه قد يصيب صاحبه بالسأم والضجر , وأنها تحرم الطلبة من وقت الفراغ والأنشطة الاجتماعية , وأن الطلبة يتعلمون دروسا مفيدة من كرة القدم والكشافة أيضا , وأن دمج الوالدين قد يؤدي الى تدخلهما في عملية التعليم والتعلم , وأنها قد تربك الطلبةغير القادرين على أدائها مما ينتج عن ذلك ظهور سلوكيات غير مرغوب بها كالغش مثلا , والنسخ المباشر دون اسهامهم في تأديتها , أي دون تعلم يذكر , وقد تعزز اللامساواة الاجتماعية القائمة حيث يجد الطلبة من الأسر ذوات الدخل المتدني والمحدود صعوبات أكثر من الطلبة من ذوي الدخل الأعلى واللامحدود في القيام بها . وفي ختام دراسته اقترح ( Harris Cooper  ) التوجيهات التالية لجعل التعيينات البيتية أفضل عند الذين يؤمنون بها ويصرون عليها :

1-    تنسيق السياسات المتعلقة بها وبخاصة بين المدرسة والأسرة

2-    تحديد مبرراتها بوضوح

3-    ربط التعيينات البيتية بمستوى نمو الطالب ومدى دعم الأسرة له ولها

4-    استخدام مداخل تعليمية أخرى بحيث تكون التعيينات احداها وليست مقصورة عليها , وعلى أن يكتشف الطالب أن التعلم يمكن أن يحدث في أي مكان .

أيها التربويون الأفاضل :

انه لمن المسلم به ومما لا شك فيه أن الواجبات المنزلية التي يكلف بها الطلبة بمختلف مراحلهم التعليمية , تلعب دورا حيويا هاما في الارتقاء بالعملية التعلمية , اذ تساعد هذه الواجبات الطالب في تثبيت المعلومات والحقائق سواء كان ذلك للطلبة المتفوقين , أو من ذوي المستوى المتدني , وتظهر تلك الفائدة الكبيرة  - سواء من تكليف الطالب بالواجبات المنزلية ,أو تكليفه بالقيام باعداد البحوث على شكل فردي أم جماعي - في تنمية المهارات الذهنية للطالب وتدريبه على الاعتماد على النفس والتفكير والتركيب والتحليل .

ان عليكم أن تعلموا أن الواجب البيتي يجب أن يولد بيئة جاذبة للطالب نحو المدرسة , يدرك فيها الطلبة بأنها ليست نوع من أنواع العقاب , بل صممت لرفع مستواهم التحصيلي ¸ واثراء معلوماتهم وتنمية مهاراتهم, وصقل أذهانهم , وتحسين جودة تعليمهم لبناء أفضل مستقبل لهم , وتعزيز التعلم لديهم , اذ تعالج فيه قضايا في غاية الأهمية من الناحية التربوية , ألا وهي تطوير المسؤولية الشخصية , وتنظيم الوقت المتاح للفرد , وتنظيم العمل . فالواجب البيتي يعتبر أمرا ضروريا , لأنه يلعب دورا هاما في اكتساب المهارات المختلفة اذا ما استغلها المعلم استغلالا حسنا , وأحسن اتقان توظيفها وكيفية ممارستها على أرض الواقع , فلا يشكل عندها كابوسا مرعبا يزعج الطالب , ويشعره بالضجر والملل , بل يجب أن يكون همه الوحيد هو التركيز والانتباه , فلا يكون ما تعطونه من واجب كما هائلا يعطى كوجبة يومية للطالب لأن من شأن ذلك سيؤذيه , بل يجب أن يكون خفيفا كي يستطيع حله وممارسة ما يحب أن يشعر بطفولته من خلال اتاحة الفرصة له لممارسة مختلف ألعابه وأنشطته .

وعليكم أن تدركوايا أهل التربية أن الواجب المنزلي يشكل عبئا كبيرا على أولياء الأمور , ويمثل مجالا خصبا للمنازعات اليومية والمعارك مع الأبناء , اذ أن البعض من هؤلاء الطلبة يرى أنه عمل شاق ومرهق لا جدوى منه , ويكرهون حتى التفكير به , لأنه بنظرهم أنه لا قيمة له , ومضيعة لوقتهم , فهم والحالة هذه لا يعرفون أن للواجب المنزلي أهدافه السامية في رفع سويتهم وبناء شخصيتهم , وترسيخ المادة الدراسية في أذهانهم وتثبيتها في عقولهم , لكي يطبقوها ميدانيا فيما بعد تخرجهم , ولا يعرفون أن هدف المعلم  من اعطائهم للواجب هو تعليمي محض , وأن ما على المعلم الا أن يختار الأسئلة التي تحقق أهداف الدرس المتوخى منه , مشعرا اياهم أنه ليس هذا نوعا من العقاب , بل لتطبيق ما تعلموه من الدرس عمليا  , وان لم يكن كذلك , كأن يكون الواجب كثيفا محملا بتعيينات تثقل كاهلهم , فان هذا من شأنه ارسال اشارة سلبية مخلوطة تنعكس على نوعية المدرسة التي يتعلم بها الطلبة .

ان الطالب الذي يؤدي واجبه بانتظام سيكون لديه فرصة أفضل للنجاح في كل جوانب الحياة , وسيكون أفضل نجاحا من غيره بكثير في حياته المهنية وفي علاقته مع الآخرين . فبناء الانسان ليست مهمة سهلة , فبالكد والتعب والجهد المتواصل يبرهن ذاك الانسان على تحقيق ذاته , ويثبت قيمته الحقيقية , ويؤكد على رقابته الذاتية التي لا تمت للغش والخداع بأي صلة , لأنه والحالة هذه يؤدي ما عليه من واجبات تستحق التقدير , وأن هذا النوع من الثقافة يجب أن تتأصل في نفوس الطلاب وتنغرس في قلوبهم . فالوظائف البيتية تعالج قضايا في غاية الأهمية من الناحية التربوية , ألا وهي تطوير قضية المسؤولية الشخصية وتنظيم الوقت المتاح للفرد وتنظيم العمل .

أيها التربويون الأفاضل :

ان الواجبات المنزلية ضرورية لكونها احدى وسائل تعزيز التعلم , فلا تهملوها ,وعليكم أن تعلموا أنها من احدى أدوات قياس العملية التعليمية التعلمية التي يعتمد عليها فيمدى تقدم الطالب ونمو مستواه العلمي , وزيادة نموه المعرفي , ورفع مستوى تحصيله وتحسينه . وأن ما يستحسن فيها هو تنوع أسئلتها, وقوة تناسبها مع مستوى الطالبة , وأن ما يزيد من أهميتها وفعاليتها المتابعة المستمرة من قبل كل من المعلم وولي الأمر , وأنها تشجع الطلبة على الاعتماد على النفس في حل واجباتهم .  فالواجب المنزلي هو نشاط موجه يرتبط ارتباطا مباشرا بالطالب ومهمته الأساسية هوتمكين الطالب من مادته العلمية واستيعابها نظريا وعمليا . وبالمقابل هناك من يرى أن الواجبات المنزلية ثقب أسود في عملية التعلم , لأن البعض من المعلمين لا يدركون المستوى التعليمي الحقيقي لكل طالب , ولا ينوعون في أساليبهم لتتناسب مع مستواهم في تعليم مختلف المهارات , ويعجزونبالتالي عن توصيل المادة التعليمية وتقديم المعرفة الجديدة اليهم بسهولة وبشكل جيد, مما ينعكس هذا سلبا على فهم الطالب وعلى اهتمامه في الشروع في حل الواجبات .فالواجبات البيتية هي نوع من أنواع التحدي للمعلم في كيفية أن يجعلها مفيدة ذات طابع مجدي في حالة اعتماده اياها , وفي كيفية الاستمرار بعملية التعليم بنجاح في حالة الغائها  , ولذلك نجد أن مؤيدي هذه الأفكار يطالبون بوقف التعيينات البيتية لأن وقت الأسرة لا يسمح بمتابعتها , فخذوا يا اهل التربية كل هذا بعين الاعتبار .

أيها التربويون الأفاضل :

ان الواجبات تعد تطبيقا لما يدرسه الطالب في الصف , وتأكيدا للمعلومات التي يكتسبها في المدرسة , وتظل مسألة من المسائل المهمة في ميدان التربية , فهي أكثر الموضوعات التي يدور حولها الجدل من حيث القلة أو الكثرة , والصعوبة او السهلة , اذ ينظر اليها على أنها تثقل كاهل الطالب دون مراعاة لقدراته , ومستواه الفعلي , ومراحل نموه المختلفة , وهو ما كان له الأثر السلبي على قبول الطلبة لها الذي انعكس بدوره سلبا على رغباتهم وميولهم بالاستمرارية بالدراسة , مما أدى ذلك كثيرا الى تسربهم من المدرسة , ولهذا كان وما زال على المعلم أن يدرس باهتمام بالغ , وأن يخطط التخطيط السليم في كيفية صياغة الواجب وقولبته بحيث يتناسب مع مختلف المستويات المعرفية للطلبة , والا فان كل ما يقوم به سيرميه الطلبة في سلة المهملات . وعلى المعلم أن لا ينسى بأن من أهدافها ربط الفعاليات السابقة بالفعاليات اللاحقة وفهم العلاقة بينهما , وتكوين القدرة على الربط والمقارنة بين الأفكار , وأن تصاغ لكي تثير التفكير المنطقي والاستدلال والاستنتاج عند الطلبة , وأن يشعر الطلاب بأنهم يستفيدون من الواجبات أداء وخبرة , والا أصبحت عاملا يولد القلق والتوتر والانفعال عند بعض الطلبة .

انه من الأفضلية بمكان أن يعطى الواجب بعد تدريس كل هدف تعليمي حتى يعطي الواجب أكله وثماره , ويحقق ما يصبو اليه المعلم , وأن يتابع من قبل المعلم المختص بدقة وبانتظام , لأن من شأن ذلك يعلم الطالب الالتزام بتنفيذ واجباته , واكساب الواجب سمعة محمودة بين جميع الطلبة , ولتعلموا يا أهل التربية ان التعلم الذاتي هو من افضل السبل في تكيف الطالب مع عصر الانفجار المعرفي الذي نعيش فيه الآن , وأن على كل معلم أن يعلم ان الواجبات المنزلية  تساعد الطالب على التقويم الذاتي فيتعرف من خلالها على مواطن ضعفه ويعمل على علاجها ذاتيا أو بمساعدة معلمه, وأن ادراكه لها يثير لديه الدافعية للتعلم والتحسن وتجنب الشعور بالفشل أو النقص . فالواجبات هي شكل من أشكال التعلم الذاتي يمكن أن تؤتي ثمارها ان أحسن استغلالها , وذلك بتقديمها بطريقة تجعل تعلم الطالب فيه أكثر عمقا وارتباطا بالتعلم اللاحق في الدرس التالي , مراعيا المعلم في ذلك باعطاء الطالب مجموعة من الارشادات والتوجيهات اللازمة حول كيفية تنفيذها, والغرض منها , ومقدار الكم المطلوب تقديمه منها , وتوقعات المعلم عن مدى عمق تنفيذ الطالب لها , وعواقب عدم اكمالها, وأنواع المساعدة المسموح بها للوالدين في أدائها, وطريقة المعلم في تقدير مستوى أداء الطالب في الواجب , والأدوات المستخدمة في ذلك , وطرق التعلم في توصيل كل ذلك بصورة واضحة وصريحة الى الطلبة كتابيا .
ان أهمية الواجبات تزداد كلما كان موضوع الدرس يحتوي على مجموعة من الحقائق والتفصيلات الكثيرة المهمة التي ينبغي للطالب حفظها وتذكرها , أو تلك المواضيع التي تحتاج الى تدريب اضافي للتمكن منها واستيعابها .وأما اذا كان الدرس مثلا لا يحتاج الى واجب , فمن الممكن للمعلم أن يعين واجبا خفيفا مثل مراجعة جزء محدود من الدرس , أو الاجابة على سؤال خارجي له صلة بالموضوع , وعليه أن يتأكد من انجاز الطلبة للواجب والا فانهم لن يحرصوا على القيام به أو الاهتمام به مرة أخرى , وان يبين لهم مدى علاقة الواجب بما مارسوه آنفا , وبما سيتم دراسته لاحقا , وأن يراعي في ذلك الفروق الفردية بين طلابه , وأن يكون الواجب مشوقا يدفع بهم نحو الابتكار والتخيل والتحليل , وقد يشكل المعلم مجموعات يطرح سؤالا على كل منها حيث تختار المجموعة واحدا يمثلها للاجابة على السؤال , مما يشجع هذاروح التنافس وعمل الفريق الواحد بين الطلبة ,وأن مثل هذا يمكن تطبيقه في داخل الصف أو خارجه في بعض المواقف , وأنه يمكن اعطاء نموذج لكل مجموعة بحيث يقوموا بتصحيح كل منهما للآخر , مما يرفع هذا عامل الخجل والاحراج عن بعض الطلبة ويعزز بالتالي من عملية التعلم .

أيها التربويون الأفاضل :

ان الأهداف الرئيسية للواجبات المنزليةتتحد مع الأهداف الرئيسية للتعلم من حيث اكتساب المعرفة , وتحسين قدرات ومهارات الطلبة , وتعزيز ما تلقاه في الفصول , واعدادهم لتلقي الدروس التالية بكل سهولة وسلاسة , وربط ما تعلموه بالمواقف الحياتية , ودعم قدراتهم بواسطة تطبيق مهارات مختلفة على مهمة واحدة , واتاحة الفرصة لأولياء الأمور في المشاركة الفاعلة في تعلم أبنائهم , ومتابعة أدائهمللواجبات لتحسين عملية التعلم لديهم , حيث من خلالها يحدث اتصال مباشر بين أولياء الأمور والمعلمين يمكنهم من التعرف على الأهداف ونواتج التعلم المراد تحقيقها , وتعويد أبنائهم على  تنمية روح الاستقلالية والمسؤولية وتطوير مهارات التفكير العليا لدى كل منهم , ويقوم المعلم  بدوره بتزويده بالتغذية الراجعة التي يحتاجها لمعرفة أداء الطالب , وبالتالي العمل على تعديل أهداف الواجبات لتلائم قدرات الطلبة. فالواجبات المنزلية في أي نظام تعليمي من أكثر الأمور أهمية نظرا لقيمة مردودها التعليمي , ومدى تأثيرها في توجيه سلوك الطلبة تجاه المدرسة والمعرفة عموما , لذا فان المعلمين المدركين لمسؤولياتهم تجاه طلبتهم يعملون بكل                       جد واخلاص لاكسابهم الكثير من الاتجاهات والمهارات التي من شأنها تحسين عملية التربية من أجل بناء المواطن الصالح فكريا وقيميا وسلوكيا . ولو ألقينا نظرة عامة الى العملية التعليمية في الماضي للاحظنا أنها كانت تعتمد على كل من المعلم والطالب دون اشراك ولي الأمر , وكانت بمعنى آخر عملية تلقينية مستندة في الغالب على عمليتي الحفظ والتسميع , ويغلب عليها طابع النمطية في معظم الأحوال , ونظرا للأهمية البالغة للتربية بمعناها الواسع في تطوير حياة الطالب من الناحية التعليمية , وما تتركه من تأثيرات ايجابية , فان للواجبات المنزلية في ظل هذا المعنى تأثيرا حاسما في عملية فهم المادة وتذكرها , بمعنى أنها تزيد من اكتساب المعرفة , وتنمي بطريقة غير مباشرة مهارات الطلبة الدراسية , كما أنها تحسن ميولهم تجاه المدرسة , وتجعلهم يدركون أن عملية التعليم يمكن أن تتم خارج أسوار المدرسة , اضافة الى أن لها الكثير من المنافع الشخصية كتعزيز صفات الاستقلالية وتحمل المسؤولية .

يرى الكثير من الطلبة أن في الوجبات المنزلية أعباء اضافية لا يمكن التملص منها , مما يدفعهم على كراهيتها ان لم يتعلموا منها  بالصورة المناسبة , لذا على المعلم أن يعطي واجبا بيتيا مرتبطا بهدف تعليمي , وأن يوجه المتعلم الى مصادر البحث والدراسة وتعريف الطالب بها  , وان يكون الواجب متناسبا مع قدرات الطلبة ويعمل على اشباع رغباتهم وميولهم , وأن يكون أيضا متنوعا حسب مستويات الطلبة , فالمجيدون مثلا بحاجة الى واجبات تتحدى مواهبهم وقدراتهم بحيث تظهر قدراتهم على الابداع والابتكار , وأن يكون فيها نوع من التجديد بحيث يتوافر فيها عنصر جذب الطالب , وأن لا يكون الواجب مكلفا ماديا وفي حدود المستوى الدراسي للطالب , وان يكون بسيطا وكنوع من استرجاع للدرس به لتثبيت المعلومة في عقول الطلبة , وأن يكون له تأثير ايجابي على الحفظ وفهم المادة وتحسين لمهارات التعلم , وأن يكون لهقيمة حقيقية بتركيزه على أمور تثير دافعية الطلبة وحماسهم للوصول الى الحل , وليس مجرد تكرار لما تم عرضه من قبل المعلم في الصف , وأن يعطي المعلم معززات لمن يحل الواجبات البيتية  حتى يشعر الطالب بأهميتها .

أيها التربويون الأفاضل :

ليكن لديكم علما بأن الواجبات البيتية تمثل أداة من أدوات التقويم التكويني المهمة وأن التغذية الراجعة المستمرة التي يقوم بها المعلم لها أثر فعال من أجل الوقوف على نقاط الضعف وتعزيز نقاط القوة , فالواجبات ليست لمجرد الانجاز بل للتعليم المستمر .  وقد نجد ان هناك من بعض أولياء الأمور من يتساءل عن مشكلة الاهمال للواجبات المدرسية وعدم الاكتراث بها من قبل ابنائهم , فنقول لهم أن هذا الأمر يعود الى أسباب عدة تتعلق بكل من المعلم والمتعلم , فالمعلم الجيد والمؤهل علميا ومسلكيا هو القادر على تفعيل هذه الواجبات وذلك بتحبيب المادة اليهم , وتبسيطها , وتسهيل آليات حسابها , وتفسير دقيق لفحواها , وقولبتها بحيث تكون كلعبة يلعبون ويتسلون بها حتى حصولهم على النتيجة المتوخاة منها , وعلى أولياء الأمور مسؤولية عدم القيام بحل واجباتهم بل يشاركونهم في حلها بهدف التعلم  وعدم التواكل ,مما يؤدي ذلك الى تحسين تصوراتهم المستقبلية لأبنائهم , وان لم يقوموا بعمل ذلك , فانهم سيواجهون صعوبات جمة في تعديل وتصليح ما كسروه  . ان مشكلة اهمال الواجبات يعود مرده غالبا للانسان نفسه , وهي مركبة ومتشابكة لأنها تتعلق بمخلوق من عقل وعاطفة وسلوك , لذلك يحتاج علاج هذه المشكلة لتركيب مجموعة من الحلول لانتاج دواء ناجع , ولحل هذه المشكلة لا بد أن بكون هناك اتفاق مبدئي بين أطراف العملية التعليمية حول هذه الواجبات , فعلى كل من المعلم والمتعلم أن يتفقوا على ميثاق العمل المدرسي يحتوي على الواجبات المنزلية بما يتعلق بعددها وصعوبتها ومدى تأثيرها على تحصيلهم وتفوقهم الدراسي . وللتعرف والوقوف عن كثب على المشاكل التي تواجه الطلبة في حل الواجبات وكيفية حلها من جذورها وأسباب عدم قيام الطلبة بحلها , فانه من الأفضل أن يطلب المعلم من طلبته كتابة موضوع انشائي حول ذلك , لكي يتعرف على المشاكل التي ربما تكون متصلة بتصورات خاطئة لدى الطلبة , ويخطو بعدها الخطوة الأولى للتعرف عليها وتصويبها , فيتعرف المعلم من خلالها على ما يحفز الطالب , وما يرغبه من خلال كتاباتهم , وعلى الطالب أن يجد توازنا في حياته اليومية , فهناك وقت للدراسة وهناك وقت للراحة دون أن يسيطر أيمنهما على الآخر حتى لا تصبح كالسيارة التي تتحرك بثلاث عجلات متدبدبة على الطريق .

ومع كل ذلك , تظل بيوتنا تشكو الانفعالات وما يصاحبها من زلات وأخطاء تتكرر مرة تلو الأخرى في كل بيت , ونظل نبحث عن طريق للتحكم نستطيع من خلالها ترويض هذاالطالب المتمرد عن حل واجباته والغاضب بكلماته الجارحة وسلوكياته المستفزة وتصعيده غير المفهوم . وبناء على ما مضى , فانه لا بد من أن يحسن المعلم تعامله مع مشاعر الطلبة وأولياء أمورهم بأفكارهم وسلوكياتهم ومشاعرهم واحاسيسهم بحكمة وايجابية دون انفعال , حتى نصل الى درجة اقناعهم بأهمية الواجبات وتغيير سلوكهم واتجاهاتهم بالحجة الدامغة والموعظة الحسنة , والا فان كل ما نود توصيله وتحقيقه سيكون صعب المنال , وكأننا كمن يسد اندفاع الماء عن طريق الضغط على فتحة خروجه بأيدينا في وقت لا نريدتوقف الماء عند الضخ ! والا سنضطر لازالة أيدينا والرضوخ لضخ الماء , أو سنصمدفنفاجئ عند ذلك بانهيار جزء من مصدر الماء نفسه تحت وطأة الضخ المستمر وسوء التعامل معه .

وليعلم الطالب بأنه كما للموظف في أي دائرة حكومية واجبات ومسؤوليات عليه اتمامها على خير وجه , فهو أيضا له وظيفة كغيره من الناس عليه القيام بها بكل أمانة واخلاص وجدية , ولكن يجب أن تكون الواجبات هادفة وضمن المعقول , وقصيرة وحسب المواصفات التي أوردتها سابقا , وكما أن الموظف يحب أن يستمتع بوقته , فكذلك الأمر بالنسبة للطالب , فهو يحب أيضا أن يتوفر له وقت للراحة والاستجمام , وكما أن الموظف ينتقل من بيته الى مركز عمله , كذلك يحصل مع كل طالب اذ ينتقل من بيته الى المدرسة يوميا , فالطالب كالموظف عليه مسؤوليات وواجبات عليه أن يوظفها توظيفا سليما ويتقنها اتقانا جيدا . فكيف لو أعطى المدير المعلم أو أي موظف آخر واجبا  آخر يزيد على ما يعمله في دوامه الاعتيادي , أفلا تتوقع منه التذمر بصوت عال وواضح ! فكيف ستكون حالة الطالب ان كان واجبه كثيفا وطويلا !!! فالطلبة والمجتمع بشكل عام سيشعرون بالراحة والاطمئنان عندما يروا أبنائهم يستمتعون بحياتهم الطبيعية  .

ان وقت العائلة , والعمل المنزلي الروتيني , ووجبات الطعام , والواجبات المنزلية كلها يجب أن تكون في حالة توازن واتزان تامين , واذا لم تكن كذلك , فان حياة العائلة ستقاسي وستعاني كثيرا من ذلك , ومن هذا القبيل نتساءل , أو ليس الأحرى بالمعلمين أن يفكروا في حياة الطالب اليومية البيتية  أيضا ؟؟؟ فليس بالضرورة أن يكون الواجب بشكل مباشر من المادة التعليمية التي أخذها الطالب الآن في الدرس في بعض الأحيان , بل ربما يكون الواجب له علاقة ارتباط قوية بنوعية الدرس , ولتفسير ذلك , فلو أخذنا مثلا في مادة الرياضيات ( الكسور ) , فانه ليس بالضرورة أن يعطى الطالب أسئلة مباشرة حسابية رقمية على الكسور , بل يمكن أن يكيفها ويعدلها لتتلائم مع موضوع آخر , فيمكن أن يقول المعلم للطالب أن يكتب (5) أمثلة من حياته اليومية يستطيع القيام بها يوميا ومرتبطة بمادة الكسور , مثل أن يقطع الأشياء الى أجزاء كقطع الخبز الى شرائح أو يحولها الى نسب مئوية وهكذا يمكن في هذه الحالة اشراك العائلة في مثل هذه المهمة ليشعروا بدورهم . وحتى نسهل الأمر على الجميع فيمكن أن يكون الواجب اسبوعيا بهدف تحرير المعلم من أوقات سينشغل فيها بالتصحيح ووضع الدرجات كل يوم , لأن ذلك سيكون مرهقا ومزعجا وتضييعالوقت هو بأمس الحاجة اليه.

أيها التربويون الأفاضل :

اعلموا ان الواجب البيتي هو تدريب للجسم والعقل معا , وهو من أهم الأدوات التعليمية التي يتعامل بها أولياء الأمور لأنها تتيح الفرصة لهم التعرف على ما تعلمه أبنائهم في المدرسة , وتتيح للطلبة الحديث مع أهلهم حول ما يدرسونه في المدرسة , وتتيح أيضا للمعلمين فرصة الاستماع الى رأي أولياء الأمور حول عملية التعلم . وان ما يعطى الواجب غالبا الالكي يحصل الطلاب على التدريب اللازم بأنفسهم , وليتعرف المعلم على مواقع الصعوبة التي تواجه الطلبة ولتنفيذ التعليمات المدرسية  التي يؤمر بها , ولتقييم مدى فهم الطلبة لمادتهم حتى يغير المعلم أسلوبه , وتدريبهم في زوايا هم بأمس الحاجة اليها , ولاشراك أولياء الأمور في هذه العملية حتى يتعرفوا على ما قطعوه من مادة تعليمية , ولاعطاء الفرصة للطلبة لاختبار أنفسهم على المهارات قبل دخولهم الى الامتحان , ولمراجعة ما تعلموه حتى يتأكد المعلم بأن طلبته قد استوعب كل منهم المادة التعليمية , وللتحضير للدروس القادمة مما سيؤدي ذلك لزيادة التفاعل الصفي ومشاركة الطلبة في الحوار , ولتعزيز ما تعلموه ولقياس مدى نجاح المعلم في شرح وتوصيل مادته اليهم , ولوضع الخطط العلاجية لتلافي نقاط الضعف الذي كشفها المعلم قبل التحرك الى الدرس القادم .

ان عملية التعلم هي عبارة عن وصفة أو وجبة طعام تتكون من مزيج  من عناصر ثلاث يقتضي توفرها , ولا يمكن أن تتم بالشكل المطلوب الا اذا استثمرت كاملا وهي ( المعلم والطالب وولي الأمر ) , ولو أخذنا أي منهم خارج هذه الخلطة من طبق التعلم , فان عملية التعلم سيصيبها نوع من الخلل المتوقع حدوثه , فالتعليم لا يمكن أن يتم بشكل جيد دون مشاركة كافة العناصر معا  . فالمعلمون هم من يعينون الواجباتلقناعتهم بأن الطالب الذي يؤدي واجبه بمشاركة ولي أمره هو من سيكون  أفضل الطلاب وأنجحهم في المدرسة , ولا يوجد أي معلم  يحب أن يرى طالبه فاشلا, لأن ذلك ينعكس عليه سلبا . فالواجب البيتي يساعد على بناء جسر بين البيت والمدرسة لأنهما الأماكن الوحيدة التي يمضي الطالب فيهما معظم أوقاته ان لم يكن كل الوقت , ومتى اجتمعت هذه العناصر الثلاث فان العملية ستكون لذيذة ولها طعم خاص . فعملية التعلم تحتاج الى خبرة شخصية وعليك أن تجرب حتى تفهم , فانت لا تتعلم سواقة السيارة او الدراجة أو المشي أو الأكل أو حتى الذهاب الى الحمام بنفسك , ولكن بمراقبة الآخرين , وهذا ما يحدث مع بقية المواد الدراسية فأنت تحتاج الى التطبيق والاشرف والمتابعة  . فالواجب يعلم الطالب تحمل المسؤولية , وينمي فيه ضبط الذات وعادات الدراسة ومهارة ادارة الوقت. ان الطلبة الذين يأخذون مثل هذه الواجبات ينقصهم ملاحظات المعلم التي يجب ان تأتي في وقتها , وهذا ما يسمى بالتغذية الراجعة التي تساهم في تحسين استجاباتهم لما يعطونه من واجبات تعليمية مع أخذ التكنولوجيا بعين الاعتبار في بعض المواقف التعليمية لأنها تولد التحدي , وتعمل على تحسين مستوى المهارات وأنظمة التعريف والادراك , وزيادة الدافعية والحافزية والاثارة نحو التعلم مع حدوث تغذية راجعة آمنة .

أيها التربويون الأفاضل :

ان الواجبات البيتية  تعتبر فرصة للتفوق ولربط المدرسة بالأسرة , وهي طريقة لرفع جودة المنتوج التربوي بشرط أن يحسن توظيفها , وبأن لا تزيد من أعباء أولياء الأمور بالساعات الاضافية وساعات الدعم .  وكما ان العامل يتقاضى راتبا مقابل عمله , فالطالب كذلك يجب أن يأخذ أجره بمقدار عمله وما يستحقه  . واذا كان لابد من احداث عقوبة على كل من يتخلف عن واجباته , فلتكن تلك العقوبات منسجمة ومتوافقة مع الهدف النهائي للتعلم وتغيير السلوك غير المرغوب به . وليكن شعارنا ( أخبرني وأنا أنسى , وعلمني وأنا أتذكر , وشاركني وأنا أتعلم ) . فعلى المعلمين أن لا يجعلوا من الواجب شيئا مملا أو تعجيزيا أو عقابا يلجئون اليه , فعليهم أن يدققوا هدفهم منه , وأن يجعلوا الطالب يتحمل مهمة القيام به بنفسه عن حب وقناعة حتى تؤهله للقيام بمسؤوليات وأعمال أكبر في المستقبل .

لا يستطيع اي انسان عاقل أن ينكر أن الواجبات المنزلية لا تؤدي الى تحسن ملموس في أداء الطلبة , ولكن الشيء الذي نتفق عليه هو ألا يستغرق عمل الواجب فترة زمنية طويلة , والا فانه من المحتم أن يصل بالطلبة الأمر الى مرحلة الضجر مما سيؤدي الى القيام بسلوك غير مرغوب به , وهو نقلها ونسخها من زملائه , هذا عداك عن حرمان الطالب من وقت التسلية والأنشطة الاجتماعية , فكثرة الواجبات يقلل من فاعليتها . ان ترسيخ القيم التربوية لم تكن أبدا بالمهمة السهلة , ولا هي ببساطة الكلمات التي نقلت بها , وان الحضارات لا يمكن أن تبنى بغير جهد شديد وصبر ووقت وتركيز مهما استخدمنا من علوم في السياسة والاقتصاد ووظفنا غيرها من المجالات , ولن تصنع بغير أن يبذل كافة الأفراد جهودهم اللازمة سواء كان ذلك بالمال أو النفس أو العلم لأنهم هم الذين سيشيدونها جميعا , فدعنا نستعن بالله , ودعنا نزرع بذرة هذه النهضة في بيوتنا حتى تطرح شجرة وافرة الظلال , وليعلم الجميع  بأن أميركا قد حضنت وتبنت الواجبات المنزلية في التسعينات من القرن الماضي وجعلته مفروضا على المعلمين لجميع المراحل التعليمية المختلفة  لكي ترسخ بنيانا قويا تحفظ من خلاله مستقبلا زاهرا لأبنائها قد شهد لها الجميع , وأدان لها معظم دول العالم بالولاء والطاعة العمياء والانسياق وحب استقبال العلوم من أبنائها الذين يحكمون ويتحكمون في مصير العالم اليوم على كافة المستويات , أفلا نتعلم الدروس من تجارب هذه الأمم فنولي اهتمامنا الزائد لمثل هذه الواجبات حتى ننافس العالم بالعلم والمعرفة !!  وحتى ولو لم يتوقع من الواجبات تحسينا للأداء في الاختبارات , أفلا تساهم على الأقلفي تطوير عاداتهم التعليمية , وتغرس فيهم حب الانتماء الى المدرسة , وتعزز من مواقفهم اتجاهها بشكل ايجابي !! وأفلا تعلمهم تحمل المسؤولية والانضباطية وحب الاعتماد على الذات !! كل ذلك يحدث شرط أن لا تكون كمية الواجب المنزلي في الليلة الواحدة مبالغا فيه , وهذا يتطلب بالطبع التنسيق فيما بين المعلمين لأن القدر الأكبر منه قد يقلل من فعاليته ويجعله عديم الفائدة , وعلى التربويين أن يعلموا أنه ليس من الحكمة بمكان أن يخلص بهم القول الى أن الواجب المنزلي يؤدي الى تدهور التحصيل الطلابي , فهم ان أحسنوا توظيفه حسب المواصفات التي ذكرناها , وراعى المعلم فيه كل الجوانب الهامة التي ترتبط به , بحيث أن لا يشكل عبئا على كل من الطالب وولي الأمر , فانه سيلقى ترحيبا وتقبلا منقطع النظير, وسيقبل عليه الطلبة  بكل صدر رحب , وعليهم أن يعلموا أن لكل سؤال غرض وهدف تعليمي واضح , وأن الواجب لم يوضع كعقوبة للطلبة , وأنه قد صمم بحيث يستطيع الطالب أدائه بشكل مستقل دون اشراف مباشر من المعلم , فان سار على هذا الدرب , فان ثمرته ستكون يانعة تسر الناظرين , وستأتي أكلها الشهي اللذيذ المطعم الذي لا يحب أن يفارقه أحد بعد حين .

وعلى التربويين أن يدركوا أن ما يلاحظه الجميع في هذه الأيام من ظاهرة التدريس الخصوصي التي قد عمت وطغت ,رغم أنها ليست وليدة هذا العصر بهدف الكسب , قد أثرت كثيرا على الأهداف المتوخاة تحقيقها من هذه الواجبات , وقد دفعتبعض المعلمين للتركيز عليها لتأمين حياة أفضل لهم ولأبنائهم, وللرفع عن كاهلهم متطلبات العيش ولو كان ذلك على حساب جيوب أموال أولياء الأمور , مما أدى هذا الأمر الى افتقار الدرس من حضور بعض معلميه الجادين المخلصين, ومما أدى أيضا الى حبالواحد منهم اصطيادأكبر عدد ممكن من الطلبة ليتلقى على يديه دروسا خاصة في البيت , كي يحصل على تلك الدريهمات التي ربما لا ينال منها تلك البركة الربانية , وبذلك يتحول هذا النوع من المعلمين الى حيتان أليفة تضغط على زبائنهم الطلبة كي يجبروا على التوجه لهم فينجح البعض منهم بأتعابهم  , ويحصل كل منهم على أتعابه التي ربما تكون بعضها ملوثة بالحرام , بسبب تقصدهم عدم اعطاء حق الله في دروسهم  . وأخيرالا يسعنا الا أن نقدم كل الشكر العميق الى ما قررته  وزارة التربية والتعليم من فتح لفصول تقوية مقابل أجور رمزية تعطى للمعلم بدل أتعابه المحللة , التي أرجوا الله أن يبارك لهم فيها , وأن نطلب من أولياء الأمور التعاون التام والكف عن اللجوء الى مثل هذه الدروس الخصوصية حتى لا تأخذ أبعادا تجارية تنعكس سلبا على واقعنا التعليمي .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد