فكّ لغز صندوق الطماطم .. أم فكّ الخيمة .. ؟!

mainThumb

28-06-2014 08:06 PM

من أهم أسباب الاحتقان في الشارع غياب الحوار الحقيقي بين المسؤول والمواطن، ويزداد الاحتقان في الحالات التي تغضب فيها مجموعة كبيرة تجاه سياسات عامة تتعارض مع مصالحها، دون أن تُقدّم الحكومة وجهة نظرها في الموضوع عبر طاولة حوار تشارك فيها كافة الأطراف المعنية..

ولعل ما حصل لدى مزارعي وادي الأردن، واحد من هذه الإشكالات التي قد تتحوّل إلى أزمة بالغة التعقيد ما لم يتم المبادرة إلى معالجة الموضوع بالحكمة والسرعة الممكنة، عبر حوار صادق وشفّاف بين الحكومة والمزارعين، فليس من أحد يجادل في حق المزارع في الدفاع عن نفسه ومصالحه، وهو دفاع مشروع، يستدعي الوقوف إلى جانبه، لا سيّما ونحن نعلم كم هي الخدمة التي يقدّمها المزارع لوطنه، ويكفي أن هؤلاء المزارعين ما زالوا متشبّثين بالأرض في الوقت الذي هَجَر فيه الكثيرون أرضهم وتحوّلوا إلى عالم البزنس، ويكفي أيضاً أن وادي الأردن هو سلّة الغذاء الوطني، وأن الزراعة كانت ولا تزال ركيزة مهمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي مهمة بيئياَ للحفاظ على التنوع الحيوي والتوازن البيئي، وعلى الرغم من تناقص مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإنتاجي عبر العقدين الماضيين إلاّ أن هذه النسبة لا تقل عن 4% من الناتج الإجمالي، مما يفرض دعم هذا القطاع لرفعها إلى نسب أعلى، فيما كانت تصل إلى أكثر من 9% في سنوات سابقة.. لكن عدم الاكتراث الرسمي بالقطاع الزراعي وبالمزارع الأردني، وربما فشل السياسات الرسمية تجاه هذا القطاع، أدّى إلى تراجع القطاع الزراعي وانخفاض إسهامه في الإقتصاد الوطني، وبالتالي تراجع المستوى المعيشي للمزارع.

التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي كبيرة وخطيرة، من ارتفاع في كلف مستلزمات الإنتاج من أسمدة وبذور وعلاجات وأنابيب، وارتفاع كبير في فاتورة الطاقة، إلى ارتفاع في أجور الأيدي العاملة وقلتها، وهي كلف تستهلك أكثر من (80%) من انتاج المزرعة، إلى نقص في المصادر المائية، إلى غياب سياسات التسويق وغياب النمط الزراعي، إلى غياب الحماية اللازمة للمزارع، إلى اتباع الدولة لسياسة السوق المفتوح وعدم حماية المنتج الزراعي من تنافسية المستورد، وكلها عوامل أدّت ولا تزال إلى تراجع القطاع الزراعي، وتراجع مستوى معيشة العاملين في هذا القطاع الذين يصل عددهم إلى حوالي (140) ألف مزارع، يشكّل الأردنيون ما يقرب من 40% منهم.

وإذْ يقف اتحاد مزارعي وادي الأردن وحيداً يدافع عن حقوق ومصالح مزارعي الوادي، ساعياً ضمن أهدافه إلى تحقيق التنمية الزراعية المستدامة، والتصدي للمشكلات التي تواجه هذه القطاع، نجد في المقابل أن وزارة الزراعة تقف عاجزة عن الإسهام في تحقيق أهدافها التي وجدت من أجلها، ومن ضمنها مساندة المنتجين الزراعيين في تنسيق جهودهم وتمثيلهم أمام الجهات المختصة في السعي لحماية إنتاجهم، وتعزيز الفرص الاقتصادية أمامهم، وزيادة دخولهم وتحسين مستوى معيشتهم، إضافة إلى مراقبة السوق ووضع التشريعات اللازمة لتنظيم العمليات التسويقية، وهي أهداف محددة وفقاً لقانون الزراعة، فماذا فعلت الحكومة ممثلة بوزارة الزراعة لترجمة هذه الأهداف على أرض الواقع بما يعزز دور المزارع ويحميه، ويرفع الانتاج الزراعي وينمّيه..؟!

كنّا قد قرأنا أن الدول الأعضاء في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي كانت قد خصّصت موارد مالية لدعم القطاع الزراعي في دولها الأعضاء بقيمة 330 مليار دولار، وبنسبة تجاوزت 32% من عائدات القطاع الزراعي في هذه الدول، فماذا خصّصت حكومة المملكة لدعم القطاع الزراعي وحماية المزارع الأردني..!؟

لقد كان حرياً بالحكومة أن تفعل كما فعلت وتفعل حكومات دول أخرى قامت بشراء منتوجات زراعية من المزارعين وبيعها للسوق حفاظاً على حق المزارع ودعمه في الأوقات التي تهبط فيها الأسعار إلى مستويات تتحقق معها خسائر ملموسة للمزارعين...!

دعم الحكومة للزراعة والمزارعين يؤدي إلى ترسيخ تشبّث المزارع الأردني بأرضه ومزرعته، كما يؤدي تلقائياً إلى تشجيع رؤوس الأموال للاستثمار في هذا القطاع الاقتصادي الحيوي، من هنا فإنني أدعو الحكومة إلى الإسراع للدعوة إلى حوار مفتوح وشفاف مع مزارعي وادي الأردن، ووضع كافة المشاكل التي تواجههم على طاولة الحوار تمهيداً لوضع الحلول الناجعة لها، ولعل من أهم الحلول للتخفيف من أعباء المزارعين إعادة جدولة قروضهم الزراعية من مؤسسة الإقراض الزراعي، والبحث عن أسواق خارجية لتصدير منتجاتهم، ولا بأس في حالات هبوط الأسعار محلياً أن توفر الحكومة مخصّصات مالية لشراء المنتج بأسعار معقولة وعادلة تحافظ على ربحية المزارع ومعيشته..

من الأمور غير المفهومة أن يتم بيع صندوق الطماطم ذي الثمانية كيلوغرامات بـ (40) قرشاً من المزرعة، ليُباع الكيلوغرام الواحد منه في أسواق التجزئة بنصف دينار.. وهي معادلة معقّدة وغير مفهومة، لم تستطع أي جهة حتى الآن فك طلاسمها، وكان حرياً بالحكومة أن تسارع إلى فكّ هذه الطلاسم، خير لها من أن تسارع إلى فكّ خيمة اعتصام مزارعي وادي الأردن الغاضبين، وهو غضب مشروع، وحق دستوري مارسوه.!!

Subaihi_99@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد