جمال عبد الناصر الزعيم القائد الأسطورة

mainThumb

28-09-2014 09:34 AM

أربعة وأربعون عاما تمر على رحيل جمال عبد الناصر الذي اختاره الله لجواره في الــ28 من سبتمبر أيلول 1970م ، بعد قمة القاهرة ووداعه لآخر مسئول عربي غادر القاهرة أمير دولة الكويت ، منهيا بذلك الحرب بين الأخوة في  سبتمبر أيلول الأسود الذي لم يستفد منها غير العدو الصهيوني ومن كانت له مصلحة في إضعاف المقاومة الفلسطينية .

 وما هي إلا ساعات حتى كان تلفزيون وإذاعة القاهرة يعلنوا النبأ الحزين بصوت السيد أنور السادات نائب الرئيس ، وبمجرد الانتهاء من إعلان النبأ الحزين حتى كانت مصر والأمة العربية كلها وأحرار العالم في القاهرة التي شهدت أكبر وأضخم جنازة في التاريخ الحديث سار بها الملايين من البشر والمحبين للخير والحق والعدالة وقد جمعتهم هذه المصيبة التي لم يبق شاعرا أو أديبا أو مفكرا حتى لو كان مختلفا مع سياسة جمال عبد الناصر إلا وعبّر عن حزنه وألمه ، والكثير منهم كان صادقا ويعبّر عن أمته والشعب الذي ينتمي إليه .

 وهناك قلة معروفة أرادت التقرب للجماهير لركوب موجة الحزن والأسى التي عمت العالم المحب للسلام والوطن العربي ومصر بشكل خاص ، وتنفس الكثير من الحكام العرب الصعداء وحتى وان ادعوا الحزن والأسى لرحيل جمال عبد الناصر وجاءوا يشاركوا بدموع التماسيح وخنجر الغدر والخيانة تحت الثياب ، كما عبر عن ذلك الشاعر الكبير نزار قباني في إحدى روائعه التي رثى بها الزعيم جمال عبد الناصر ، والحقيقة أنه كان يرثي الأمة العربية برحيل جمال عبد الناصر .

ومنذ ذلك اليوم الحزين الذي شهد انتقال جمال عبد الناصر لجوار الله لم تتوحد للعرب كلمة وانقسمت الأمة بعد رحيله ولم يستطع أحد أن يملأ الفراغ الكبير الذي تركته زعامة عالمية عظيمة بحجم جمال عبد الناصر ، ولعل الرئيس حافظ الأسد أفضل من عبر عن تلك المأساة وكان حين ذاك وزيرا للدفاع بقوله ( لقد كان الكبير هناك في القاهرة من يصحح أخطائنا عندما كنا نخطئ وقادر على تحمل المسئولية  ) ، وكثير ما كتب وقيل عن جمال عبد الناصر على مدار 44 عاما لرحيله بل أنه من أكثر زعماء العالم الذين لا زالوا يشغلوا الناس وحديث الشارع ، وتكاد أن تكون ذكرى رحيله المفجع وذكرى أعماله العظيمة كل واحدة منها كفيلة بجعله الزعيم الأبرز على الساحة حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

أكثر الحكام العرب حقدوا عليه لأنه الأكثر قربا من الجماهير في أوطانهم وهو حبيب تلك الجماهير ، وبعد رحيله المفجع افتقده الجميع حتى أولئك الذين تآمروا عليه  ، فقد رحل من كان بكلمة واحدة يجمع كل حكام العرب وبكلمة واحدة كان يطيح بمن يريد من بعض العروش المهترئة التي بعضها لولا حماية من أوجدوها لكان مصيرها اليوم مزبلة التاريخ وكهوف النسيان .

 والحديث عن انجازات جمال عبد الناصر وعصره يتطلب مجلدات كبيرة وكثيرة وكل ما تمر به الأمة العربية اليوم يؤكد صحة السياسة والنهج الذي سار عليه جمال عبد الناصر ذلك الزعيم الاستثنائي الذي آمن بأمته وشعبه وبقدرتهم على الصمود والتحدي في أصعب الأوقات ، وكانت المقاومة هي خيار الناصرية بامتياز وكانت الوحدة العربية أبرز نهج وسياسة جمال عبد الناصر الذي أثبت الزمن أنها ليست مستحيلة في عالم لم تعد الدولة الوطنية بمفردها قادرة على الاستمرار في عالم أصبح أقطاب ومجموعات .

نتذكر اليوم جمال عبد الناصر الحاضر الذي لا يغيب وكل ما حولنا يذكرنا به ،  فقد فشل مشروع الاستسلام الذي يسمونه بالسلام الذي قاده خليفة عبد الناصر للأسف ، وبعد 44 عاما من التبعية والانحياز لأمريكا وخوض معاركها بالوكالة وليست سياسة عدم الانحياز كما أراد جمال عبد الناصر ، والرهان على المشروع إياه المسمى بالسلام أثبت فشلا ذريعا مع عقلية وجدت لتكون ضد أهداف الأمة ووحدتها ونقيض السلام تماما ، وثبت لكل مواطن حرا أن مشروع جمال عبد الناصر المقاوم هو ألأبقي والصالح لكل زمان ومكان  وأن القوة التي نادى بها عبد الناصر وأراد إدخال مصر وتقديمها كنموذج هي الطريق الصحيح رغم فشلها الذي أسبابه خارجية أكثر مما هي داخلية ، وأول من سعى لإدخال مصر للنادي النووي .

واليوم وأكثر من أي وقت مضى يدرك حتى المختلفين مع جمال عبدالناصر بأنه من أسس وبنى مصر الحديثة بعد محمد علي باشا وساهم في تحرير كل الوطن العربي والعالم النامي وأراد لهذه الأمة أن تكون قوية ، الأمر الذي جعل أكثر المختلفين معه مثل التيار المتأسلم  وممثله محمد مرسي العياط بعد أن وصل للحكم وبعد فشله وجماعته بتشويه صورة جمال عبد الناصر يقف في مصنع الألمنيوم ليقول أمام الشاشات بأنه سيبدأ ما انتهى به جمال عبد الناصر ، وكان هجومه الوقح وغير أخلاقي على الزعيم عبد الناصر السبب بإرساله وعصابته لمزبلة التاريخ .

وما نقوله عن ذكرى جمال عبد الناصر أن الناصرية ليست سلفية والحنين للماضي على حساب المستقبل وهذا ضد جوهر الناصرية ، ولكن من أجل المستقبل والغد لوطننا والأمة العربية .
رحم الله الزعيم جمال عبد الناصر الذي رحل ولم يرحل وسافر ولم يسافر فهو لا زال هناك على الضفة الأخرى من نهر النيل وفي كل بلاد العرب وأحرار العالم كرسالة ومبدأ لا يموت والمبادئ والقيم العظيمة التي نادى بها جمال عبد الناصر كالذهب الخالص يزداد إبريقا كلما مر عليه الزمن .

ولعل أصدق من عبر عن تلك الفاجعة وغياب الغائب الحاضر جمال عبد الناصر هو الشاعر نزار قباني الذي قال في إحدى روائعه ( تضيق قبور الميتين  بمن بها وأنت كل يوم في القبر تكبر ) .
وعهدا أبا خالد على نهجك ماضون ولوطننا وأمتنا جنود مخلصين ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

والسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد