اهداف دبلوماسية سودانية ذهبية في الزمن بدل الضائع !!!

mainThumb

16-10-2014 12:57 PM

-1-


في الاونة الأخيرة أصاب العلاقات السودانية السعودية فتور بائن ، أزعج الحكومة ، بينما فرحت به المعارضة جداً ، وتمثل في صعوبات التحويلات البنكية  والأموال القادمة من بعض الدول الخليجية وخاصة من المملكة و الامارات الى السودان .
الحكومة تعاملت مع الأزمة الطارئة مع السعودية بكل هدوء ووقار ، لان العلاقات مع المملكة السعودية علاقات تاريخية ، وتعاملت الدبلوماسية معها بكل احترافية ، حتى يهل موسم الحج ، وأيامه المباركه ، ليذهب البشير حاجا ً ، ومن ثم يوضح الصورة كاملة ، ويزيل اللبس ، ويبعد الشكوك التي يقتنصها الذين لا يريدون بالحكومة خيراً ، فيختلط العداء المتعاظم على الحكومة ، والذي يُغذي بالتقارير المفبركة وتهويل الاحداث، لتأخذ مسرباً مختلفاً .... فعاث اولئك بالعلاقة السودانية الايرانية العادية في إطارها الدبلوماسي فساداً حيث حُملت أحداثاً بعينها محملاً آخر ، وقد كشف عنه البشير في لقاء أجرته معه صحيفة الشرق الاوسط مؤخراً ، ومن النماذج الرائجة ، رسو سفن ايرانية في ميناء بورسودان البحري ، حيث نُسجت حولها خيالات لا تمت للواقع بصلة ، سوى ما تقدمه الموانئ للسفن العابرة من وقود ، كما تفعل كل الموانئ في إنحاء الارض .


ولمّا حاول المحاور الصحفي أن ينتزع من الرئيس البشير تصريحاً أو تلميحاً لصالح أيران ، كانت أجاباته واضحة وصريحة وحاسمة وقاطعة ، أن علاقات السودان بإيران عادية جداً ، ولم تكن يوماً استراتيجية ، حيث رفضت الحكومة منحة ايرانية لاقامة شبكة انذار مبكر بعد الهجوم الاسرائيلي الغادر على السودان ، حتى لا تفسر بشكل سالب تجاه اي دولة شقيقة او مجاورة .... بل مضى البشير اكثر من ذلك حين كشف معلومة هامة ، بعد انفصال جنوب السودان ، حيث تعرض الاقتصاد الى ما يشبه الصدمة ، وتقدمت دولاً عربية خليجية في تقديم مساعدات مالية ، بينما لم تقدم ايران فلساً واحداً .


كل تلك الامثلة التي عرضها البشير ، تشير الى أن علاقة السودان أقل بكثير مما تتخيله المراصد التي تعمل بقوة ضد السودان ، بعكس العلاقة مع السعودية التي تتميز بالدفء والتاريخية و المصالح ... حيث توجد أعداداً هائلة من المواطنين السودانيين بغرض العمل ، وهذا يعني تدفق المدخرات المالية لهؤلاء المغتربين في دورة الاقتصاد الوطني ، غير المساعدات الهائلة والمتنوعة التي يقدمونها الى أسرهم ، ناهيك عن العلاقة الدينية المؤثرة في نفوس الشعب السوداني لرعاية السعودية للحرمين الشريفين .
عموماً الدبلوماسية السودانية تسعى لعلاقات متوازنة مع الدول الصديقة ، لا تتدخل في شؤون الغير ، وتبحث عن المصالح الحيوية بين الطرفين .


مؤخراً وبعد الفتور العابر الذي مرت به العلاقات السودانية السعودية ، جاء قرار إغلاق المراكز الثقافية الايرانية حاسماً من قبل الحكومة ، فنزل برداً وسلاماً على غالبية السودانيين الذي ازعجتهم أنباءاً عن زيادة منسوب التشنيع في البلاد ، وقدرت مصادر صحفية ان اعدادهم وصلت الى 12 الف شخص من مجموع 32 مليون نسبه ، هذا  يشير الى الانزعاج الاهلي السني ( بالميلاد ) من اية حالات للتشيع في البلاد ، التي لا ينقصها تصادم مذهبي الذي عمّ مناطق عديدة في الوطن العربي والاسلامي فكانت نتاج هذا العراك المفتعل او ربما يقع في حيز المؤامرة ، صادم ودامي وعنيف الى درجة لا توصف ، السودان لا يحتمل صراعات جهوية وعشائرية مع مؤامرات أخرى تقوم بها جهاز متمردة تحمل السلاح خاصة في دارفور ، التي ترفض دعوات السلام  التي انفتحت في افريقيا في ابوجا ، وانجمينا ، واديس أبابا ، واخيراً في الدوحة عاصمة دولة قطر .


وضع النقاط على الحروف الذي تم اثناء الحج هذا العام ، لمحو كل الهواجس الذي يزيد أوهامها وكالات استخبارية عديدة نكاية في التوجه الاسلامي لحكومة الخرطوم الذي امتد لسنوات عديدة قدم نموذجاً يُضرب فيه المثل ، بتنفيذ أمرّ قرار على السياسة السودانية بالامتثال لرغبات المواطنين الجنوبيين بتقرير مصيرهم وفصّل جنوب السودان الذي يوضح هوية السودانيين ، التي تعرف في ابسط صورة ، تمازج  بين الافارقة والعرب المهم يبدو أن اللقاء الاخير بين الرئيس البشير والقيادة السياسية السعودية ، قد أزال السحابة التي مرت بها العلاقة ، بل تعداها الى تفاهمات أعمق لتنسيق أشمل في قضايا عديدة مشتركة .


-2-


من المقرر أن يزور البشير القاهرة في 18/10 الجاري والزيارة استجابة لدعوة الرئيس السيسي رغم القضايا و المشغوليات التي على جدول أعمال البشير ، مما يعني إهتماماً متزايداً بضرورة الزيارة لاهميتها الاستراتيجية والحيوية للسودان .
منذ بداية الازمة المصرية والتحولات الكبرى التي حدثت بها ، نأى السودان عن التدخل في الشأن المصري ، وأصر على الحياد ، رغم الآلة الاعلامية المصرية الضخمة ، التي تحاول ان تلصق أي تهمة للسودان  بقرينة أن القواعد والتوجهات الفكرية للحكومة السودانية ، و النظام المصري السابق واحدة  ولذا لم تحتمل ( الميديا ) حياد السودان في قضية داخلية تهم مصر في المقام الاول .


وفي تقديري ان زيارة السيسي للخرطوم لساعات ، أزالت قليلاً من الشكوك التي يبثها الاعلام المضاد على السودان .


أعقبت زيارة السيسي زيارات لوزير الخارجية للقاهرة في عُدة مناسبات تخص الجامعة العربية ، الى اللقاء الاخير الذي تم في اطار التحضيرات لزيارة البشير للقاهرة ، وبحث قضايا هامة تقع في إطار الاولويات الاساسية للعمل المشترك بين الخرطوم والقاهرة .


سبقت الزيارة تصريحات واضحة من البشير في لقائه مع صحيفة الشرق الاوسط عن مثلث حلايب وهو نزاع حدودي قديم ، حيث يعتبره بعض المراقبين ( بثرمومتر ) العلاقة بين البلدين ، فكلما مرت بمنعطف ضيق باتت حلايب من أولويات الاعلام خاصة المصري . وبرغم حساسية المنطقة عن السودانيين الا ان البشير قطع جازماً في حواره مع صحيفة الشرق الاوسط مؤخراً أن السودان لن يحارب مصر لاجل حلايب برغم ان الجانب السوداني متأكد ـ تماماً ـ أن حلايب سودانية الا ان هنالك لغات أخرى غير التهديد بالحرب ، كما بتناول الاعلام ، ويود المغرضون ، أن يؤول النزاع الى مقاطعة تم حرب ، متجاوزين كل الحلول الاخرى من معالجات دبلوماسية هادئة ، او على الحد الاقصى اللجوء للمحاكم الدولية ، لحل النزاع بشكل حضاري وأخوي .
 الزيارة التاريخية التي ستتم في الايام القادمة ، ستكون ثمرة ناضجة لجهد دبلوماسي طويل ، تجاوز الاتهامات وعمل عميقاً للوصول الى هذه النقطة المتقدمة ، في ظل أجواء عاصفة سعت بشكل حثيث للاطاحة بالعلاقة التاريخية .


في اعتقادي أن ثبات الموقف السوداني وحياديته فيما حدث في مصر ، قد أربك جهات ، ومراكز بحوث ، ومخابرات ، وأحزاب معادية ، وحركات متمردة فلم تستطع بكل إعلامها وخططها أن تفسد العلاقة التي ما زالت الشكوك تحوم حولها ، والزيارة ستحسم التردد والانطلاق لافاق أرحب في التكامل الاقتصادي سواء الزراعي والصناعي والاستفادة من العمالة المصرية المدرّبة ، مع امكانات الهائلة للسودان من مساحات للزراعة غير التنسيق الامني على الحدود ، على غرار تجربة القوات المشتركة التشادية السودانية ، أو الليبية السودانية ، لتطمئن القلوب ، وتقف كل التجاوزات غير القانونية بين البلدين .


الأيام القادمة ستعيد الى العلاقة بين السودان ومصر قوتها وفاعليتها ، خاصة أنهما في حاجة ملّحة واسترتيجية لبعضهما خاصة لتصميم مشروعات رئيسة مثل المياه والزراعة والعمالة ، وتجاوز الحدود بإنقاذ الحريات الاربع  حق ( العمل ، التملك ، التنقل ، و الاقامة ) .


يبدو الامر زاهياً ومغريا اذا تغلبت القيادة السياسية على الهواجس والمحاور وصوبت النظر فقط للمصالح المشتركة التي لا تخفى على العين المجردة ... الفرصة متاحة للانطلاق بالعلاقة نحو أفق رحب من غير رعود او بروق ،  اذا وجدت ارادة صلبة ، تقاوم قوى الشد العكسي في كلا البلدين ، أم تنهزم تلك الفرصة التاريخية بأسباب واهية ، وغير واقعية ، وتعمل على هدم السقف على اهله ، ما دام الاذن صاغية لخيارات اجهزة المخابرات التي تحتكم للعولمة !!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد